60 ألف حوالة معلقة لدى شركات الصرافة.. ماهي الأسباب!؟

منبر عدن

ماهو التفسير المنطقي لخبر عدم استلام 60 ألف حوالة لدى شركات الصرافة العاملة في اليمن من قبل العملاء ؟!
ولماذا في هذا التوقيت تم الإفصاح عنها  ؟!
وما هي الاجراءات القانونية إن صحت تلك الكشوفات المسربة ؟!

من المعلوم تماماً أن لكل شركة صرافة عملية مراجعة محاسبية قانونية يقوم بها محاسب قانوني معتمد، يكلف بفحص ومراجعة كافة أوجه النشاط لشركات الصرافة وإبداء رأيه القانوني والمحاسبي.

في الأساس هي حوالات معلقة ، وتحصل في أي جهاز مصرفي في العالم.. قد يتوفى المستلم للحوالة قبل استلامها وقد تحصل ظروف مماثلة، ولكن هناك التزامات نظامية يجب اتباعها لمعالجة هذا الأمر ، كما هو معمول به في أي مكان في العالم ..
إنما القضية هنا هي قضية (عدم الإفصاح)، وفي حالة عدم الإفصاح والإعلان عنها لدي الجهات المعنية ، من خلال التقارير الدورية ومضى عليها أكثر من عام، فإنه كان يجب أن تورد الأموال مباشرة إلى حساب الأمانات لدى البنك المركزي ..

فمثل هذه الأموال المعلن عنها اليوم والتي تجاوز بعضها سنوات على وجودها لدى شركات الصرافة ولم يتم الافصاح عنها ، كان يجب أن يتم الافصاح عن هذه الحوالات مع نهاية كل سنة مالية وإعلام البنك المركزي بوجودها في تقاير معتمدة من المحاسب القانوني وكذلك الجهات الرقابية المعنية  ...وفي حالة عدم حضور اصحابها؛ فيجب أن تورد الأموال المذكورة إلى حساب الأمانات لدى البنك المركزي كجهة مسؤولة، حتى يأتي لها أصحابها ..

أما بقائها لدى شركات الصرافة فإنه يترتب عليها مخالفات قد تعرض المؤسسات إلى اجراءات عقابية، كون شركات الصرافة أصبحت تستخدمها في عمليات المضاربة لصالحها  وتجني من بعدها مكاسب طائلة من دون أدنى رقابة مالية من طرف المركزي، وهو ما عزز وجود أزمة السيولة ونقص  في المعروض النقدي..!
ما يعني أن شركات الصرافة تسترت على هذه الأموال واستخدمتها لصالحها بطريقة مخالفة لطبيعة هذه الأموال، 
وفي الواقع هذه ظاهرة تنذر بقصور الرقابة  ، لأنها واحدة من مخالفات تخفيها شركات الصرافة !

وعلى كل حال اعتقد أن البنك المركزي اتخذ اجراءات في محاولة تصحيح وضع شركات الصرافة بدائها قبل عامين وفي حالة ابقاء الوضع يتفاقم  الى هذا الحد سيفقده دوره وسستاكل سلطتة النقدية والتي تمثل اعلى سلطة نقدية في البلد , وكان من المفترض أن يستفيد من هذه المبالغ المحجوزة ، في قياس العرض النقدي في السوق،  ومن ثم إحكام الرقابة على أسعار الصرف ..
لأنه عندما تزيد ألاموال المحجوزة لدى  شركات الصرافة من العملة المحلية ، فمن الطبيعي أنها ستقوم بمصارفتها واستبدالها بالعملات الصعبة، مما عزز احتكار النقد الأجنبي خارج الجهاز المصرفي للدولة، وبدوره انعكس على تقلبات الأسعار ، وسارت عليها عملية المضارية، عند الانخفاض والارتفاع واضحت عملية مربحة لمن يمتلك أموالا كبيرة، يستخدمها في عملية البيع والشراء في العملة،  وهذا لن يتعدل إلا بوجود رقابة نافذة وفق القانون ، برأس مال مصرح ومحدد لكل شركات الصرافة .

هذه هي مسؤولية البنك المركزي في المقام الأول ، فهو الذي منح هذه الشركات تراخيص العمل ، وبإمكانه تغريمها أو إغلاقها والزامها بدفع فوائد السنوات، وذلك من بعد إلزامها وتشكيل أو تعيين محاسبين قانونيين لمراجعة حسابات تلك الشركات ، ورفع تقارير عن أعمالها وطبيعة نشاطها وموقفها المالي من مخالفة نشاطها أو عمليات غسل الأموال وتبييضها ، ولكن هذا كله الآن بنذر بعدم وضوح الاجراءات من قبل الجهات ذات الاختصاص

غير أنه للأسف أصبحت شركات الصرافة تمارس وظيفة البنوك  التجارية في استخدام الأموال والاستثمار فيها،  خلافا لطبيعة نشاطها الذي من المفترض أن يقتصر على وعاء نقل الأموال وتسليمها من المرسل إلى المستلم مقابل عمولة محددة، وكذلك المصارفة للعملات بما يواكب عملية ضبط أسعار الصرف ..
فعندما تمتلك شركات الصرافة أموالاً كبيرة أو كتلة نقدية ضخمة، فإنها تقوم بعملية المضاربة،  في بيع وشراء العملات، وهو ما ساهم في عدم استقرار أسعار  الصرف ، خلافا لالتزمات شركات الصرافة والصلاحيات الممنوحة لها  وفق تطبيق المتطلبات النظامية والرقابية المتبعة.


= رمزي بن عمر السعيدي - خبير مالي
= الجمعة 3 فبراير 2023 م - أبين