تقارير

الإعلامي الرائد أحمد عمر بن سلمان ودوره المتميز في إذاعة عدن

منبر عدن - خاص

كتب: د/ علي صالح الخلاقي

رحل عن دنيانا الشخصية الفذة، ورائد من رواد الإعلام البارزين في بلادنا، وصاحب المشوار الإذاعي الأطول زمنا والمتميز إعداداً وترجمة وتقديماً وصوتاً..أنه الإعلامي المخضرم، عُمدة مذيعي إذاعة عدن، دون منافس، الأستاذ العالم والإنسان، أحمد عمر بن سلمان، رحمة الله تغشاه. فهو من الرعيل الأول الذين التحقوا بإذاعة عدن الرائدة في الجزيرة العربية، وكان رائدا من رواد البرامج الإذاعية، واشتهر بشكل خاص ببرنامجه ذائع الصيت(العلم والإنسان) الذي يعده ويقدمه دون انقطاع منذ عام  1965م وجعل منه صاحب مدرسة خاصة ومميزة في هذا الحقل، ثم برنامج(كلمتين اثنين)..وقيل فيه من المدح والثناء الكثير.

وكان لي الشرف أن كتبت عنه دراسة عن سيرته وإبداعه وهو ما زال يعيش بيننا وقدمتها إلى المؤتمر العلمي لمركز عدن للدراسات والبحوث التاريخية والنشر الذي عقد  في ابريل2019م، بعنوان  (دور الحضارم في عدن عبر التاريخ) ، وكان البحث بعنوان:

(الإعلامي الرائد أحمد عمر بن سلمان ودوره المتميز  في إذاعة عدن)

وفي ما يلي (ملخص البحث):

اعتدنا أن نحتفي برموزنا المتميزة ونجومنا المتألقة في سماء الإبداع والعطاء المثمر بعد رحيلهم ..فبمجرد أن يتوفاهم الله ويغيبون عنا نقوم بتذكُّر وتعداد مناقبهم ونسهب في مدح صفاتهم وسرد قائمة انجازاتهم والتغنى بمآثرهم..ومن النادر جداً أن احتفينا بهامة من هاماتنا الوطنية وهو ما يزال حيا يعيش بين ظهرانينا، ويشعر ويحس بفرحة الاحتفاء به وتقديره وتكريمه.

لهذا أردت كسر هذه القاعدة الرتيبة..وقررت اختيار موضوع مشاركتي عن شخصية فذة، ورائد من رواد الإعلام البارزين في بلادنا، وصاحب مشوار إذاعي متميز إعداداً وترجمة وتقديماً وصوتاً..أنه الإعلامي المخضرم، عُمدة مذيعي إذاعة عدن، دون منافس، الأستاذ العالم والإنسان، أحمد عمر بن سلمان، متعه الله بالصحة والعافية.

يتعرض البحث لسيرة حياة هذا الإعلامي المخضرم والكبير  منذ لحظة ميلاده في عام 1930م في مسقط رأسه ومرتع صباه مدينة غيل باوزير، ونشأته يتيم الأم، التي فقدها صغيراً، فافتقد لحنانها وأمومتها، وتكفل به والده مع أختيه، وكان والده فلاحا فقيراً يعمل في أرضه الموروثة عن أسلافه، فبدأ الحياة مبكراً بمعية والده، يساعده في الأعمال الصغيرة في زراعة الأرض لكسب رزق الأسرة أو يكلفه بإحضار الطعام لوالده من البيت إلى المزرعة.

ثم يتطرق البحث لفترة دراسته الابتدائية والمتوسطة في مسقط رأسه، غيل باوزير، ونتعرف على بداية التحاقه بالمدرسة التي كان من دوافعها إشفاق الأب الفلاح على وحيده وفلذة كبده، وطموحه كأي أب أن يكون لابنه مستقبلاً أفضل من العمل في زراعة الأرض، ومما شجعه على ذلك أيضاً أن المدرسة كانت توفر الغذاء للطلاب مجاناً، وهذا سيخفف عن كاهله قليلاً من تحمل نفقات ابنه، ولذلك فما أن كبر الطفل قليلاً وبلغ سن الدراسة التي كانت متاحة حينها في غيل باوزير، حتى أخذ بيده اليمني، واتجه به إلى المدرسة الابتدائية، وفيها  بدأ مشواره في سُلِّم التعليم بجد واجتهاد ومثابرة، حتى تجاوز هذه المرحلة بتفوق، ينم عن نجابته ونبوغه المبكر، وهذا التفوق أهَّله على مواصلة الدراسة في المرحلة المتوسطة، التي كانت حينها أعلى مرحلة دراسية في حضرموت حتى مطلع الستينات، حيث التحق بالمدرسة الوسطى بالغيل ضمن طلبة الدفعة الرابعة (عام 44/1945م)، في تلك المدرسة النموذجية، بما تقدمه لطلابها الذين كانوا يأتون اليها من بين المتفوقين من كل حضرموت من علوم ومعارف عصرية على يد مدرسين مميزين. وقد كان من ثمارها أن تخرج منها القادة والرؤساء والحكام والوزراء والسفراء والوكلاء والمديرون التربويون والمحاضرون في الجامعات والشعراء والكتاب والأطباء والتجار ورجال الأعمال في داخل البلاد وخارجها، بعضهم توفاه الله وبعضهم مازالوا حاضرين بقوة حتى اليوم في المشهد السياسي والثقافي والأدبي على مستوى البلد كله. ويورد البحث أهم تلك الأسماء. ومنهم بطل بحثنا الأستاذ العالم والإنسان، أحمد عمر بن سلمان الذي درس فيها وأحب اللغة الانجليزية وتعلمها على أيدي معلمين سودانيين وأكمل دراسته بتفوق.

ثم نتعرف على فترة دراسته في مصر وأسباب عدم اكمالها ثم العمل في مصر..حيث  كان ضمن الخريجين المتفوقين من المدرسة الوسطى ممن كان يتم ايفادهم للدراسة في مصر وفي غيرها لمواصلة دراساتهم الثانوية والجامعية والعليا، وكان نصيبه بعد تخرجه السفر إلى مصر للدراسة، فالتحق بثانوية حلوان، وأكمل دراسته فيها وحاز على شهادة الثانوية العامة بنجاح وبنسبة عالية في المعدل العام أهَّله لأن يلتحق بأحسن كلية في مصر لدراسة الطب في جامعة فؤاد (جامعة القاهرة حالياً).

ويستعرض  البحث  تلك المرحلة الهامة والجديدة، المرتبطة بحياة المجتمع المصري المغايرة في كثير من جوانبها عن ما ألفه الفتى في مدينته غيل باوزير وتأثير ذلك في حياة الشاب النجيب أحمد عمر بن سلمان وكيف فتحت آفاقه على عالم جديد ، وعلى عوالم ثقافية ، وعلى معارف علمية حديثة ، أخذت لبه واهتمامه، وانكب على دراسة الطب..ولكن لم تشاء له الأقدار أن يستمر حتى النهاية فقد صُدم بوفاة والده وهو بعيد عنه، وتغير مجرى حياته وتوقفت عن الدراسة. فكان عليه أن يواصل الحياة بأية طريقة، فاتجه للعمل  في إدارة الدراسات اليمنية ومقرها في القاهرة بالدقي وبعدها انتقل للعمل في سفارة المملكة المتوكلية اليمنية.

ثم يقودنا البحث إلى قصة عودته إلى عدن عام 1965م وأسبابها وكيف قيض  له العمل مدرسا للعلوم الحديثة واللغة الإنجليزية في كلية بلقيس الرائدة مع نخبة من رواد التربية والتعليم العمالقة في عصرها الذهبي، ونتعرف على زملائه العمالقة والرواد في حقل التربية والتعليم الذين كان لهم سبق الريادة في العطاء الجزيل في مجال التعليم في كلية بلقيس.

ثم يقودنا البحث إلى أهم مرحلة مرتبطة بحياته كواحد من رواد الإعلام الإذاعي المخضرمين، فنتحدث عن هذه المرحلة منذ أن قادته المصادفات إلى أبواب إذاعة عدن عام 1965م  كمساهم في إعداد وتقديم برنامجه العلمي الشهير (العلم والإنسان)، الذي حقق رقماً قياسيا في عدد سنوات إعداده وتقديمه منذ أكثر من نصف قرن، وهو زمن لم يبلغه غيره في أية برامج أخرى.

ولا شك أن أجيالاً عديدة نشأت وأحبت برنامجه، لتميز الأستاذ بن سلمان في اختيار الموضوعات المفيدة وفي تبسيط لغته العلمية وتقديمها إلى المستمعين بطريقة سلسلة ومشوّقة تأسر لباب قلوبهم وتجذب أسماعهم فتجعلهم يصيخون السمع لها بانتباه، وكأن على رؤوسهم الطير، بغض النظر عن اختصاصاتهم واهتماماتهم.

كما قدم الأستاذ أحمد عمر بن سلمان خلال مشواره الطويل، برامج أخرى عديدة، مارس من خلالها التأثير نفسه على المستمعين، منها برنامج (كلمتين اثنين) الذي أعده وقدمه في مطلع الثمانينيات، واستمر لخمس سنوات متتالية، تناول فيه العديد من الظواهر الاجتماعية، بطريقة خفيفة وسلسة، وبنوع من الدعابة، مستثمراً الحكم والأمثال الشعبية، كما اشترك في تقديم برنامج (رمضانيات) وبرنامج (العيد أفراح)، فضلاً عن إسهامه في إعداد وتقديم برنامج إذاعي إخباري باللغة الإنجليزية. وله ترجمات عدة، نشرت في العديد من الصحف تميزت بالدقة وجمال اللغة ورشاقتها.

ورغم أنه بد في الإذاعة منذ ذلك الوقت إلى الآن كمساهم إلا أن شهرته ملأت الآفاق وطغت داخل البلاد وخارجها وتجاوزت شهرة كثيرين ممن عملوا في الحقل الإذاعي، وهنا نتعرف على تلك الخصائص والمميزات التي اتصف بها بن سلمان ترجمة وإعدادا وتقديما ونبرةَ صوتية مميزة وظفها أحسن توظيف وجعلها ماركة مسجلة وفريده باسمه.

كما يعرفنا البحث على جوانب من صفاته الشخصية كإنسان ظريف ومتواضع وعلى خلق رفيع،وكأب نموذجي أحسن تنشئة وتعليم أبنائه.

ويستعرض البحث بعضاً مما قيل عن هذه القامة الشامخة في عالم الإعلام الإذاعي، الذي خاض فيه معدا ومترجما ومذيعا، ورغم اقتحامه مجال الإعلام الإذاعي دون سابق دراسة أو دراية إلا أنه تمكن من أن يكتسب مهارة لم يبلغها البعض من  أفنوا عمرهم في هذا الحقل، ووطدّ موهبته الإعلامية بالممارسة العملية التي صقلت شخصيته بحبه للمهنة والتخصص الذي اختاره عن قناعة واقتدار، ولا يكاد يُذكر رموز إذاعة عدن إلا ويُذكر اسم بن سلمان كظاهرة إذاعية متفردة، واستطاع بإلمامه المعرفي،  وموسوعية معارفه العلمية والثقافية والفكرية أن يفرض نفسه رقماً صعباً على أثير إذاعة عدن لعقود لم يبلغها أحد غيره.

رحم الله فقيدنا الكبير وأسكنه فسيح جناته

حماس تعلن استشهاد يحيى السنوار (بيان)


صهاينة


بنك القطيبي الإسلامي يشارك في الدورة 11 للحوار المصرفي العربي الأمريكي المنعقدة في نيويورك


في إطار التحضير للفعالية الجنوبية بالمهرة القميري وبن عفرار يلتقيان بعدد من الإعلاميين