دولية
تصعيد روسي في أوكرانيا.. وفكرة جريئة لإنهاء الحرب
تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة اليوم الثلاثاء، آخر التطورات للحرب في أوكرانيا، وسط حديث عن قصف مكثف روسي في شمال وشرق البلاد ”للضغط على المقاومة الأوكرانية المتزايدة“، وذلك في وقت كشفت فيه تقارير عن خسائر في المركبات العسكرية الروسية تقدر بالآلاف.
وناقشت الصحف رسالة وجهها بعض المحللين إلى حلف شمال الأطلسي ”الناتو“ يطالبون فيها قادة التحالف بسحب الأسلحة النووية من أوروبا ”لأنها عديمة الجدوى“، ولم تردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن غزو أوكرانيا.
كما نشرت صحف تقارير استخباراتية تحذر من تزايد استخدام روسيا لما يسمى بـ“مراكز الترشيح“ في أوكرانيا، الخاصة بـ“احتجاز وتصفية وترحيل“ الأوكرانيين إلى الداخل الروسي.
قصف روسي واسع
وسلطت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، الضوء على مستجدات الأوضاع الميدانية في الحرب الروسية الأوكرانية، وقالت إن موسكو شنت قصفا صاروخيا واسعا يوم الإثنين، على مبان مدنية في شمال شرق كييف للضغط على القوات الأوكرانية.
وذكرت الصحيفة أن ”الضربات الروسية في أوكرانيا استمرت، في وقت دعا فيه الكرملين كييف إلى استئناف شحنات الحبوب على الرغم من هجوم صاروخي روسي في مطلع الأسبوع خاطر بإفشال اتفاق رئيسي يهدف لتخفيف الحصار على موانئ أوكرانيا“.
وأشارت الصحيفة إلى أن ”القوات الروسية قصفت مدرسة ومباني مدنية في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، وأن الأشخاص هناك محاصرون تحت الأنقاض“، موضحة أنه ”تم الإبلاغ عن عمليات قصف في منطقتي ميكولايف الجنوبية ودنيبروبتروفسك الشرقية، فضلا عن منطقة دونباس“.
وأضافت: ”تباطأ تقدم روسيا في شرق أوكرانيا بسبب الاستخدام الفعال للقوات الأوكرانية لأنظمة صواريخ هيمارس الأمريكية وغيرها من الأسلحة التي قدمها الغرب؛ ما جعل من الصعب على موسكو ترسيخ احتلالها لبعض المناطق“.
وتابعت: ”وقال مسؤولون انفصاليون مدعومون من روسيا في لوغانسك الشرقية، إن القوات الأوكرانية استهدفت مدينة الشيفسك بـ5 صواريخ أطلقت من أنظمة هيمارس“.
ونقلت الصحيفة عن وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، زعمه أن القوات الأوكرانية دمرت 50 مستودع ذخيرة روسيًّا باستخدام أنظمة ”هيمارس“ بعيدة المدى منذ أن حصلت عليها من الولايات المتحدة الشهر الماضي، مشددا: ”هذا يقطع السلاسل اللوجستية الروسية ويزيل قدرتها على خوض قتال نشط وتغطية قواتنا المسلحة بقصف عنيف“.
وقالت الصحيفة: ”مع سعي روسيا لاستعادة الأراضي في خاركيف وميكولايف، كانت أوكرانيا تستعد لهجوم مضاد في خيرسون التي تسيطر عليها روسيا“.
من جهتها، نقلت مجلة ”نيوزويك“ الأمريكية عن تقرير استخباراتي بريطاني زعمه أن ”روسيا تكافح بشدة لإصلاح آلاف المركبات العسكرية التي تم تدميرها“.
ووفقا للمجلة، قالت وزارة الدفاع البريطانية: ”يستمر القتال غير الحاسم في كل من قطاعي دونباس وخيرسون.. ولا يزال القادة الروس يواجهون معضلة؛ سواء في زيادة الهجوم بالشرق، أو لتعزيز الدفاع في الغرب.“.
وأضافت: ”حددت المخابرات البريطانية منشأة مختصة في إعادة تجديد المركبات العسكرية بالقرب من منطقة بارفينوك في مدينة بيلغورود الروسية، أي على بعد 10 كيلومترات من الحدود الأوكرانية. وتم رصد ما لا يقل عن 300 مركبة متضررة كانت موجودة هناك، بما في ذلك دبابات قتال رئيسة وناقلات جند مدرعة وشاحنات دعم مختلفة“.
واختتم التقرير البريطاني تقييمه، بالقول: ”بالإضافة إلى أزمة التجنيد الموثقة، من المحتمل أن تستمر روسيا في الكفاح لإصلاح الآلاف من المركبات القتالية التي تضررت في أثناء الحرب“.
رسالة للناتو
ذكرت صحيفة ”ديلي إكسبريس“ البريطانية أن بعض المحللين السياسيين يعتقدون أن قيام ”الناتو“ بسحب أسلحته النووية من أوروبا سينهي الغزو الروسي لأوكرانيا فورا، لكنها اعتبرت الخطوة بمثابة تسليم بحسم بوتين للحرب لصالحة.
وقالت الصحيفة إن تمركزات ”الناتو“ سببت الكثير من الجدل بشأن غزو روسيا لأوكرانيا بين مؤيد لمزاعم الكرملين ومعارض لذريعة الحرب من الأساس، مشيرة إلى أنه على سبيل المثال، ألمح البابا فرانسيس إلى أن الصراع ”ربما تم نشوبه بطريقة ما استفزازية“.
وأضافت الصحيفة: ”طرح عالم النفس المعرفي الشهير، ستيفن بينكر، ما سمّاه، بالفكرة الجريئة، لإنهاء الصراع“، حيث كتب في تدوينة على ”تويتر“: ”الناتو يعرض سحب الأسلحة النووية من أوروبا (عديمة الجدوى عسكريا) مقابل إنهاء الغزو الروسي“.
وأضاف بينكر، وهو عالم نفسي يحمل الجنستين الكندية والأمريكية: ”نعم، سيحصل بوتين، على الانتصار.. لكنه فوز لن يكلفنا شيئًا“.
ووفقًا للصحيفة، أيد مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، هانز كريستنسن، نظرية بينكر، وقال ”سيكون هذا جريئًا حقًّا“.
وكتب كريستنسن، هو الآخر على ”تويتر“، بحسب ما نقلته ”ديلي إكسبريس“: ”أوافق على أن الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا هي عديمة الجدوى عسكريا، وغير فعالة، لكن الناتو، لم يحاول ردع أي شيء من خلالها في أوكرانيا، وغزو بوتين، يجعل التحالف يضاعف من إبقائها“.
في المقابل، ذكرت الصحيفة البريطانية أن مبادرة بينكر، قد تلقت بعض ردود الفعل العنيفة من قبل رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وكان أبرزهم المسؤول السياسي الأمريكي، رون نهرينغ، الذي ندد بالفكرة ووصفها بـ“أنها ليست جريئة بل غبية“.
وأضاف نهرينغ، أن الاقتراح يعد ”مكافأة للعدوان وتشجيعا للمعتدي فقط.“.
وقال المسؤول الأمريكي، لبينكر: ”بمجرد إجبارك على هذه المقايضة، سيجبرك (بوتين) على الدخول في تجارة واحدة تلو الأخرى، حتى لا يتبقى لديك شيء تعطيه إياه.. في نحو 3 جولات من إستراتيجيتك، ستعود ألاسكا إلى روسيا“.
وسلطت الصحيفة البريطانية الضوء على قضية أخرى مشتعلة، حيث قالت إن البلدان في الغرب التي تدعم أوكرانيا تنفد حاليا أيضًا بعض مخزوناتها الخاصة، موضحة أنه على سبيل المثال، اضطرت لندن أخيرًا إلى شراء مدافع ”الهاوتزر“ من مصدر ثالث لإرسالها إلى كييف بسبب النقص الخاص بها.
وأضافت: ”ارتفاع التكاليف في الداخل يمكن أن يجعل فرض المزيد من العقوبات ومنح المزيد من الدعم العسكري أمرًا خطيرًا من الناحية السياسية.. لكن من غير المرجح أن يكتسب اقتراح بينكر أي جاذبية بين مسؤولي الناتو، الذين يتطلعون إلى التوسع أكثر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، من حيث الحجم والقدرة العسكرية“.
تزايد ”مراكز التصفية“
ذكرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية، نقلا عن تقرير استخباراتي أمريكي، أن موسكو تكثف من استخدام ”مراكز الترشيح“ الخاصة بـ“احتجاز وتصفية وترحيل“ الأوكرانيين إلى الداخل الروسي.
وقالت الصحيفة إن التقرير الأمريكي خلص إلى أن روسيا تستخدم ”العشرات“ مما يسمى بـ“مراكز الترشيح“ في شرق أوكرانيا وغرب روسيا لاحتجاز وترحيل آلاف الأوكرانيين.
وقال التقرير الأمريكي: ”إضافة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة المتعلقة بمراكز الترشيح – التي تم إنشاؤها لاحتجاز وفحص الأوكرانيين مؤقتًا وتحديد أي شخص يعتقد أنه يمثل تهديدًا لجهود الاحتلال الروسي – تم تحديد 18 موقعًا محتملا في شرق أوكرانيا وغرب روسيا، ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من المواقع التي لم يتم تحديدها بعد“.
وأضافت الصحيفة: ”عملية التصفية تشمل الاحتجاز المؤقت، وجمع البيانات، والاستجواب، وفي بعض الحالات إساءة معاملة المحتجزين، ويتم ذلك في مجموعة متنوعة من مراكز الفحص المؤقتة؛ غالبًا بالتوازي مع فحص الأشخاص النازحين داخليًّا واللاجئين“.
وتابعت: ”حدد التقرير الاستخباراتي ثلاثة مصائر محتملة لأولئك الذين يمرون عبر مراكز الترشيح المزعومة.. أولا، قد يتم إصدار وثائق لمن يعتبرون غير مهددين ويسمح لهم بالبقاء في المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا، أو في بعض الحالات يتم ترحيلهم قسرًا إلى روسيا“.
واستطردت بالقول: ثانيا، يواجه الآخرون الذين يعتبرون أقل تهديدًا، ولكنهم لا يزالون يقاومون الاحتلال الروسي، الترحيل القسري لروسيا“.
وزادت: ”ثالثا، أولئك الذين يعتبرون الأكثر تهديدًا في أثناء عملية التصفية، ولا سيما أي شخص ينتسب إلى الجيش أو الأجهزة الأمنية، ربما يكونون محتجزين في سجون بشرق أوكرانيا وروسيا“.
وأجرت ”نيويورك تايمز“ مقابلات مع بعض الأشخاص الذين تم فحصهم من خلال المراكز هذه وتمكنوا من الفرار إلى إستونيا، ووصف الأشخاص ”الشعور بالعجز واليأس الذي ترافق مع إجبارهم على ترك منازلهم، ثم الضغط عليهم لقبول الجنسية الروسية“.
وصاغت وزارة الدفاع الروسية، وفقا لصحيفة ”نيويورك تايمز“، ترحيل ملايين الأوكرانيين كجزء من جهود الإغاثة الإنسانية، ووفقًا للأرقام الصادرة عن الوزارة هذا الأسبوع، تم ”إجلاء 2795965 أوكرانيًّا إلى روسيا، من بينهم 444018 طفلًا.