ولدي العزيز وائل..

منبر عدن - خاص

ها قد صرت مهندسا، واكتملت الفرحة اليوم حين زففناك مع زملائك في حفل تخرج دفعتكم من قسم تقنية المعلومات بكلية الهندسة جامعة عدن.

...في اللحظة التي رأيتك تدلف فيها إلى القاعة مع زملائك في موكب جميل، تواردت إلى مخيلتي ذكريات وآمال.. ذكريات تداعت من الماضي، وآمال تعلقت بمستقبل تُحلّق فيه مع الأنجم في أعالي سماء المجد وقمة السؤدد علما وعملا ومكانا ومكانة.

ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا

لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ

تهون علينا في المعالي نفوسنا

ومن يخطب الحسناءَ لم يغلهِ المهرُ

لقد تذكرت اللحظة التي دخلتُ فيها معك ذات صباح إلى المدرسة لتسجيلك في الصف الأول الابتدائي في يوم من أيام سنة ٢٠٠٤م، وأنت دون السادسة من العمر حينها، وكيف عقدتُ عليك وعلى إخوانك الرجاء، وبنيتُ منكم وعليكم الآمال، وما زلت أبني.. وهاهي ثمانية عشر عاما تصرمت من أعمارنا، أحياني الله فيها وأحيا والدتك وأهلك جميعا، ليروك مهندسا بارعا مقتدرا في علوم الحاسوب لا يُشَق لك غبار، ولا تقف دون عزمك وهمّتك عقبة.

ولدي الحبيب:

لا شيء يوازي فرحة الوالدين برؤية ثمرة حياتهما تنمو وتترعرع وتزهر وتثمر، فإن فرحتَ أنت بتخرجك، فقد فرحنا أفراحا، وامتلأت أرواحنا رضًا وسعادة.. ولا شيء بعد حلاوة الإيمان يعدِل لذة الإنجاز وطعم النصر والظفر والنجاح بعد اللأواء وجهد السنين وتعب العمر.

قبل أن أهنئك فإني أهنئ نفسي، وأهنئ أمك الرؤوم التي ترى فيك وفي إخوانك كل شيء في حياتها ودنياها وأخراها. فهنيئا لنا وهنيئا لك، وأنت تعلم أنني وإياك صديقان حميمان منذ طفولتك، ففلسفتي في الحياة أن أبقى محبا، وأن أتخذ من الكون وما فيه ومن فيه أحباء وأصدقاء، وأنت وإخوتك أقرب الأصدقاء إلى قلبي.

صدقني أي حبيبي .. الطريق مهما طالت فلها غاية، وما تخرجك اليوم سوى محطة استراحة، فالطريق ما زالت طويلة، والقمة تنتظرك وهناك اللقاء والموعد بإذن الله، فشد العزم، والله معك، وستجد صديقك وأباك إلى جانبك حتى يأتيه اليقين. ورحم الله الشابي حين قال:

إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ

رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ

ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ

ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ

يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ

وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ

محبك/ أبو وائل

١٨ جمادى الأولى ١٤٤٤هج

١٢ ديسمبر ٢٠٢٢م

=

شكر وتقدير للوالدين العزيزين والخالَين الفاضلين العميد الركن قائد هيثم عاطف بن حلبوب، والشيخ العميد عبدالقوي هيثم عاطف بن حلبوب على تشريفهما لنا بزيارة الحفل والتهنئة.. فلهما من ولدهما كل الحب والامتنان.

وشكرا للأخ العزيز الأستاذ ماهر سعد على التصوير والتوثيق.

د. نادر سعد العمري