دراسات وتحليلات
في حواره مع صحيفة إماراتية..
متحدث الانتقالي: لن نقبل بغزو جديد ولهذا السبب أعلنا حالة الطوارئ
كشف عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، والمتحدث الرسمي للمجلس، ورئيس الهيئة الوطنية الجنوبية للإعلام، علي الكثيري، عمّا وصفه بـ“المخطط الخطير الذي دبر بليل، لإعادة غزو الجنوب مجددًا عبر تخادم حوثي إخواني“.
وتحدث الكثيري، في حوار مع ”إرم نيوز“، عن آخر تطورات ومستجدات الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلًا عن أسباب جمود استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وانعكاسات إعلان حالة الطوارئ في الجنوب والأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك.. وتاليًا نص الحوار:
● الشارع الجنوبي يغلي وشهد احتجاجات عارمة.. ما ردكم على ذلك؟ وما أهمية وانعكاسات إعلان حالة الطوارئ؟
ما يحصل اليوم في الشارع على امتداد الجنوب من احتقان وغليان، جاء بسبب الانهيار الذي طال كل الخدمات والعملة، وحرمان الناس من مرتباتهم، وأيضًا فشل الحكومة في العودة إلى عدن وعدم قيامها بالتزاماتها والمهام التي شُكّلت من أجل تنفيذها، كل ذلك تراكم وفاقم من هذا الغليان والغضب الشعبي.. شعبنا بكل تأكيد لديه الحق كله في احتجاجاته على هذه الحروب الممنهجة من حرب الخدمات والحرب الاقتصادية والمعيشية.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي بصفته الكيان الأكبر والأساسي في الجنوب، والمفوض من قبل الشعب الجنوبي، هو مؤتمن على هذا الشعب، وبكل تأكيد فهو يقف مع خيارات الشعب، لهذا قامت القوات الجنوبية بحماية المحتجين وتظاهراتهم، لكن ما حدث مؤخرًا، ارتبط للأسف بمخطط دبر بليل، وارتبط بمحاولات الميليشيا الحوثية التقدم باتجاه الجنوب وشن غزو جديد، في هذه الأثناء حاولت عناصر تخريبية اختراق هذه الاحتجاجات، وتوجيهها لإحداث إرباك وفوضى في عدن والمكلا وغيرها من المحافظات، في إطار التكامل والتماهي بين جماعة الإخوان وميليشيا الحوثي.
وتابع: ”للأسف فإن بعض تلك الأطراف موجودة داخل الشرعية اليمنية، وتحارب اتفاق الرياض والجنوب، وحاولت وما زالت تحاول إفشال حكومة المناصفة وإسقاط عدن والجنوب، وهو ما دفع الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، إعلان حالة الطوارئ في عموم الجنوب، لأن الخطر داهم، وهذا الخطر لا يستهدف ”الانتقالي“ فحسب، بل يستهدف الجنوب أرضا ووطنا وقضية وهوية، وكان لا بد من إعلان الطوارئ والتعبئة العامة لحشد الجهود وصد الغزو الجديد، واستنفار كل الطاقات لمواجهتها.
كلنا يعلم أن ميليشيا الحوثيين باتت اليوم في بيحان شبوة وتخوم لودر أبين، كل ذلك يؤكد أننا كنا بالفعل في اللحظة المناسبة عند إعلان حالة الطوارئ، فالأمر مفهوم واقتضته الضرورة، ولم يكن نتاج لمواجهة هذا الحراك الشعبي الرافض لسياسات وفشل الحكومة وحرب الخدمات التي تشن على شعبنا، هذا هو المنطلق الأساسي الذي نعمل عليه.
نحن نواجه اليوم حربًا مزدوجة، لا نواجه الحوثيين فحسب، وإنما نواجه أيضًا، أطرافًا في الشرعية، ومنها جماعة الإخوان التي أصبح هدفها الأساسي إسقاط الجنوب وليس تحرير صنعاء والعودة إليها.
● هل يتحمل المجلس الانتقالي جزءًا من أسباب هذا الغليان الشعبي، لا سيما وأنه أصبح جزءًا وشريكًا في الحكومة؟
المجلس الانتقالي وفق اتفاق الرياض، شارك في حكومة المناصفة، من أجل المساهمة في معالجة الأوضاع المتردية التي سببتها الحكومات السابقة، سواء في الانهيار الاقتصادي أو العملة أو حرمان الناس من مرتباتهم، شاركنا على هذا الأساس في الحكومة للتخفيف عن شعبنا، والانطلاق في عملية التنمية والإعمار، وفقًا لما نص عليه الاتفاق، لكن للأسف الحكومة لم تُمكن بشكل كلي وفاعل، وهذا الأمر تم بفعل فاعل من داخل السلطة الشرعية نفسها، هذه الأطراف التي حاولت منذ الوهلة الأولى إفشال الاتفاق والتوقيع عليه، وهي أيضا منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة، سعت بكل طاقاتها ونفوذها لإفشال عمل الحكومة، وإحباط أي تحرك من أجل تنفيذ المهام التي شكلت من أجلها.
نعلم جيدًا أن الحكومة عادت إلى عدن بعد تشكيلها مباشرة، واستمرت أسابيع، ولكن للأسف وجدت نفسها خالية الوفاض، ولم تستطع تقديم شيء، وأصبحت مكتوفة الأيدي من تنفيذ تلك المهام التي جاءت من أجل تنفيذها، وبعد ذلك تم سحبها إلى الرياض من قبل تلك الأطراف ذاتها المنضوية في منظومة الرئاسة، وتم رفض عودة الحكومة إلى عدن، ونقولها للأسف يتحمل رئيس الحكومة مسؤولية ذلك شخصيًا.
● ما هي مستجدات اتفاق الرياض؟ ومتى سيتم استكمال تنفيذ بنوده؟
منذ خروج الحكومة من عدن مطلع العام الجاري وإلى اليوم، ونحن نطالب بعودتها، الحكومة لم تغادر كاملة، فهناك وزراء موجودون بعدن سواء وزراء الانتقالي أو غيرهم، ويمارسون مهامهم بكل سلاسة وبحماية القوات الجنوبية، وهناك أيضًا، وزراء موجودون في محافظات أخرى، ومسألة عودة الحكومة لعدن أصبحت تختزل بعودة رئيس الوزراء، ووزير المالية، ووزراء آخرين يرفضون العودة بهدف تسعير حرب الخدمات. بقاء رئيس الحكومة ووزراء آخرون خارج عدن، يهدف إلى إيصال الناس إلى حالة الجوع والفقر والتدهور، الذي أدى إلى خروج الناس للشارع.
● في حال عادت الحكومة إلى عدن، هل ستتحسن الخدمات؟
هذه مسؤولياتها وهذه التزاماتها الأساسية، وإذا لم تستطع، فأعتقد أن الجميع لن يقبل باستمرارها وبقائها في هذه المناصب، عودتها ليس فقط لتدعي أنها موجودة بعدن أو غيرها من المحافظات، بل مرتبطة بوقف انهيار العملة وتحسين الخدمات وصرف المرتبات.. كنا نأمل من الحكومة منذ تشكيلها وعودتها إلى عدن أن تعمل في هذا الجانب، ولكن كما قلت هناك قوى في الشرعية يرفضون اتفاق الرياض جملة وتفصيلا، ويسعون لإفشال أي تحركات مرتبطة به.
نحن مكثنا في الرياض أكثر من شهر مؤخرًا، من أجل استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، ولكن للأسف وجدنا أن الحديث كله يدور حول عودة الحكومة إلى عدن، ومع ذلك أبدينا تفهما واستعدادا كبيرا لهذا الأمر، حاولوا أن يصوروا الأمر بأن الحكومة بحاجة إلى ترتيبات أمنية أخرى للعودة إلى عدن، وأيضا تعاطينا مع ذلك وأوكلنا للأشقاء في التحالف العربي بوضع الآلية المناسبة لحمايتها.. في حال كان هذا الأمر سيعيد الحكومة إلى عدن كما يزعمون، لكن مع الأسف يبدو واضحا أن هناك قرارا من داخل بعض أطراف وقوى الشرعية برفض عودة الحكومة، ونلاحظ أن هذه الأطراف ذاتها متورطة في محاولات إسقاط الجنوب وعدن بالذات.
● هناك أخبار تشيع أن عودة الحكومة مرتبط بتلقيها دعما ماليا لتنفيذ برنامجها ومهامها.. هل إيرادات اليمن لا تكفي لمعالجة الانهيار المريع للمعيشة؟
أين هي إيرادات البلد؟ عدن اليوم تصرف على الحكومة وعلى كل المحافظات، إيرادات مأرب وشبوة والمهرة وحضرموت لا تورد إلى البنك المركزي في عدن، والحكومة ليس لديها غير أن تصرف من الإيرادات التي تورد من عدن، وهذا أمر لن يستمر، فلدينا سلطة محلية في عدن بحاجة إلى أن تستفيد من هذه الإيرادات لتحسين أوضاع وخدمات الناس، وبالتالي هذا الخلل هو الذي أوصل الحكومة لأن تصبح فاقدة للقدرة على التحرك بالإضافة إلى مساعي تلك القوى التي ذكرتها سابقا، والتي كانت مستحوذة على الحكومات السابقة.
● هل اشترطت الحكومة إخراج قوات الانتقالي من عدن لعودتها؟
هذا غير صحيح، لدينا اتفاق الرياض الذي حدد من القوات التي تبقى والتي تخرج، وقواتنا العسكرية خارج عدن منذ اليوم لتنفيذ الشق العسكري للاتفاق، وبعد فصل القوات في أبين، هناك وحدات من قواتنا تحركت باتجاه الجبهات، وما موجود بعدن حاليا هي قوات أمنية بحتة.. هذا الأمر شرعنه اتفاق الرياض، وهو أن قوات الحزام الأمني وقوات الأمن بشكل عام هي من تتولى المهام الأمنية وحماية عدن والمحافظات الأخرى، وجميع القوات العسكرية تتجه صوب الجبهات، لكن للأسف رأينا قوات عسكرية تأتي من مأرب والجوف وتحتشد على أطراف شقرة وغيرها من المحافظات لمحاولة اجتياح عدن.
● هل هذا مرتبط بقرار الزبيدي بدمج الأحزمة الأمنية في قوام وزارة الداخلية والدعم والإسناد في قوام الدفاع؟
قرار الرئيس الزبيدي هو قرار تنظيمي داخلي لهذه القوات، ووفق القرار فقد تم فصلها بين قوات عسكرية وأمنية، أعتقد أن هذا القرار يخدم عملية تنفيذ اتفاق الرياض، ولكن هناك من يريد أن يفكك هذه القوات، وهذا الأمر لا يمكن لأحد أن يقبله ويستحيل تنفيذه، قواتنا موجودة وفي الجبهات على امتداد الجنوب، والطرف الآخر هو من أوجد الخلل وأصبحت معركته مع الجنوب ككل.
● هناك أنباء تتحدث عن عمليات تخادم وتسليم واستلام للمدن الجنوبية بين الإخوان والحوثيين.. ما صحة ذلك؟
بحسب ما وصلنا اليوم في بيحان شبوة، أن هناك فعلًا عملية مكشوفة لتسليم واستلام للقرى والمناطق، القوات التي تأتمر لجماعة الإخوان سلمت كل شيء كما فعلت ذلك في مأرب والجوف، التخادم والتماهي واضح ومكشوف، ليس فقط في شبوة، بل وفي المحافظات الأخرى، والمؤشرات ليس على المستوى العسكري فحسب، وإنما أيضًا على المستوى السياسي، وبالنسبة لنا وجدنا للدفاع عن أرضنا وعرضنا وديننا، وأي محاولة للتمدد أو التطاول على الجنوب ستواجه بكل قوة من كل قواتنا ومقاومتنا وشعبنا الجنوبي.
● ماذا حقق الانتقالي من طموحات الجنوبيين؟
الحمد لله، أصبح الانتقالي رقما صعبا لا يمكن تجاوزه، هناك تواصل مستمر مع كل الفاعلين الدوليين والإقليميين، وبعد اتفاق الرياض أصبح الانتقالي أكثر إمكانية لفتح آفاق على كل الأصعدة، وقضيتنا على جميع الطاولات، ولا يمكن تجاوزها.
● هل يعني ذلك أن إحاطة المبعوث الأممي الجديد لليمن الأخيرة تصب في مصلحة الجنوب؟
إحاطة المبعوث الأممي لم تأتِ بجديد، هو يتحدث عن مظالم وأعتقد أن الجنوب تجاوز ذلك منذ فترة طويلة، لأن قضيتنا وطنية، قضية أرض وشعب وهوية، ومن خلال الشؤون الخارجية في المجلس، فقد تم توجيه رسائل للخارج لتوظيف هذا الشأن، ونرحب وسندعم أي جهود إقليمية أو دولية للانطلاق بعملية السلام والتسوية، ولا يمكن أن نقبل بأي تجاوز لقضيتنا، وأي إبعاد لنا في أي مشاورات قادمة، لأن أي إطار للسلام ينبغي أن يكون المجلس الانتقالي والجنوب حاضرًا فيه، وغير ذلك فإنه غير ملزم لنا.
● بيان الدول الرباعية الأخير جاء عقب يوم واحد من إعلان الانتقالي حالة الطوارئ في الجنوب، هل يمكن اعتبار بيان الرباعية ردا على طوارئ الانتقالي؟
لا أعتقد ذلك، لكن يمكن أن يكون قد جاء متزامنًا مع التطورات الأخيرة والتقدم الحوثي صوب الجنوب، وهو ذات السبب الذي من أجله أعلن الانتقالي حالة الطوارئ والتعبئة العامة، وأيضًا أعتقد أن الرباعية تفاعلت من أجل إعادة تفعيل التواصل لاستئناف مشاورات عملية السلام.
● أخيرا.. إلى أين وصلت عملية الحوار الجنوبي التي أطلقتموها في ظل إعلان رفض بعض الشخصيات الجنوبية بالخارج؟
نحن لن نعلق على من رفضوا، ومن حق أي أحد أن يتجاوب أو يرفض، ولكن بحسب ما وصلنا من لجنة الحوار التي شكلها الرئيس الزبيدي، الأمور مبشرة جدا، هناك جولة أولى استكشافية، ولقاءات مع كل الشخصيات والقيادات في الخارج لاستكشاف فرص التوجه نحو حوار نستطيع من خلاله أن نتفق على ميثاق شرف أو وضع أسس لملامح الدولة الجنوبية، أعتقد أن المرحلة الثانية ستكون أكثر حسما، وستتبلور من خلالها الكثير من الأفكار، هناك تجاوب كبير من الكثير من الشخصيات والقيادات الجنوبية مع لجنة الحوار، وسيتوج ذلك خلال الأسابيع القادمة على تفاهم وتوافق كبير إن شاء الله.