الحكومة والبنك المركزي وجها لوجه
ان اتفاق الغاء قرارات البنك المركزي واستقالة محافظ البنك ثم عدولة عن الاستقالة هي حصيلة لمرحلة طويلة من الخلافات وسوء التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي.
انعكس غياب التنسيق والتعاون بين الحكومة والبنك خلال الفترة الماضية في ترك البنك المركزي وحيدا يواجه الازمة النقدية والمالية وأزمة سعر الصرف وادارة الازمة مع حكومة الامر الواقع في صنعاء مما ادى لإصدار البنك لعدد من القرارات والاجراءات دون تنسيق مع الحكومة وقاد الى ازمة خطيرة بين الرئاسة والحكومة من جهة والبنك من جهة اخرى.
ان ملامح تلك الازمة تتلخص في:
* خذلان الدولة للبنك المركزي وتركه يصارع الازمة الاقتصادية منفردا منذ تعيين مجلس الادارة الحالي.
* التداخل المربك بين ادارة الحكومة والبنك المركزي للشأن الاقتصادي وخاصة منذ تشكيل لجان اقتصادية متعددة وغير مؤسساتية.
* رفض معظم اجهزة الدولة توريد مواردها الى الحسابات المخصصة لها في البنك المركزي وخلق ازمات مالية غير مسبوقة.
* غياب العمل بالموازنة العامة للدولة وسوء ادارة الموارد المالية العامة.
* غياب اي اصلاحات حكومية موازية للإصلاحات النقدية التي نفذها البنك المركزي لتجاوز ازمة المالية العامة للحكومة.
* غياب التكامل والتنسيق مع البنك في تكامل المواقف السياسية والاقتصادية وخير مثال على ذلك السكوت التام عن وقف صادرات النفط.
* دعم السلطات لقرارات البنك المركزي الاخيرة علنا والمساومة بها سرا مع سلطات الامر الواقع في صنعاء ومع المجتمع الاقليمي والدولي.
* التدخل الشرس من الخارج وخاصة من المبعوث الأممي في قرارات البنك المركزي السيادية.
وعليه فان بيان الاتفاق الاخير والقاضي بإلغاء قرارات البنك المركزي هي أخطر قرارات قد تصيب البلد والدولة والمواطن في مقتل.
ان استقالة المحافظ بسبب الغاء قرارات البنك وعودته لممارسة مهامه دون قيد او شرط سوف تتسبب في ازمة ثقة بين البنك والسلطات وبين الدولة والمجتمع لها اثار غير محسوبة وقد تعمق الازمة الاقتصادية بشكل متسارع في ظل منع اي اصلاحات يمكن القيام بها للتخفيف من الازمة الاقتصادية والانسانية وفقا لنص الاتفاق الاخير.
وعليه ننصح بضرورة مراجعة آليات اتخاذ القرارات والتنسيق بين الرئاسة والحكومة والبنك المركزي لضمان تعظيم الايجابيات والحد من السلبيات وتجنب حدوث هزات عميقة قد تؤدي لانهيار خطير للوضع الاقتصادي والإنساني المنهار اصلا.
د. حسين الملعسي رئيس تحرير مجلة الرابطة الاقتصادية.
عدن 28 يوليو 2024