التعاسة الاقتصادية

منبر عدن - خاص

الناس في هذا البلد يشعرون و يعيشون جنبا الى جنب مع كل اشكال التعاسة بكل مفاهيمها والوانها وصورها وذلك بسبب ظروف الحرب والأزمة الاقتصادية والانسانية والتي تعد الأسوأ على مستوى العالم .
تعالوا نعرض لقضية التعاسة الاقتصادية في اليمن والتي قد يكون سببها الرئيس كل حياة البؤس والفقر والمجاعة المنتشرة في البلد على اوسع نطاق .
ماهو مفهوم التعاسة الاقتصادية ؟
التعاسة الاقتصادية هي مصطلح يشير إلى حالة الشعور العام بعدم الرضا أو الاستياء الاقتصادي الذي يشعر به الأفراد أو المجتمعات نتيجة لظروف اقتصادية سيئة أو تحديات تؤثر سلبا على نوعية حياتهم .
اجمالا يعاني الناس في بلادنا من التعاسة الاقتصادية وعدم الرضاء وغياب السعادة وانتشار الحزن بشكل جلي وواضح .
برزت التعاسة الاقتصادية في اليمن الى حيز الوجود لتكن ظاهرة تمس الجميع فقراء واغنياء وذلك خلال فترة الحرب والتي تعكس الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد نتيجة الصراع المستمر منذ عام 2015 هذا الصراع أفرز أزمات اقتصادية حادة أثرت بشكل مباشر على حياة عشرات الملايين من اليمنيين .
كيف اثرت الحرب في نشأة التعاسة الاقتصادية للناس :
1. تدمير البنية التحتية فقد ادت الحرب  إلى دمار واسع في المنشآت الحيوية مثل الطرق، والمستشفيات، والمدارس، والمصانع مما قلص فرص العمل على نطاق واسع واضعف الدخل وعطل الاقتصاد واوقف التنمية .

2. تراجع  الأنشطة الاقتصادية الرئيسيه في الزراعة والصناعة والتجارة  بسبب انعدام الأمن  وانقطاع سلاسل الإمداد.
3. توقف صادرات النفط والغاز ولأن  اليمن يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز فقد   عطلت الحرب  هذا المصدر الأساسي للعملات الأجنبية مما ادى لانهيار  الريال امام العملات الأجنبية.
4. تلازم التضخم وانهيار العملة و تدهور قيمة الريال اليمني أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية مما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة و تعاسة .
5. وقف صرف الرواتب مما اتعس ملايين الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص وتتمثل التعاسة في تأخر الرواتب أو انقطاعها تمامًا لملايين الناس .
6.  الانقسام الاقتصادي  والمالي بين الأطراف المتصارعة أدى إلى وجود إدارتين اقتصاديتين متنافستين مما زاد من تعقيد إدارة الاقتصاد وزاد من التعاسة الاقتصادية للسكان .
كيف تزيد الاوضاع الاقتصادية تعاسة الناس الاقتصادية  :
يمكن ابراز ملامح التعاسة الاقتصادية في عدة صور :
1. ارتفاع معدلات الفقر حيث تقدر النسبة  أكثر من 80% من السكان حيث يعيشون   على المساعدات الإنسانية الغير كافية والغير منتظمة مما تتضاعف تعاسة السكان.
2. البطالة الجماعية حيث ان انعدام فرص العمل قد أدى إلى بطالة واسعة النطاق خاصة بين الشباب وبالتالي زادت التعاسة الاقتصادية بين الشباب.
3. انعدام الأمن الغذائي حيث  يعاني المجتمع الإنساني من إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حيث يعاني أكثر من 23 مليون شخص من الجوع وهذه من اوضح صور التعاسة الجماعية للانسانية في البلد . 
4. التدهور الفضيع للخدمات الأساسية وخاصة الخدمات الصحية والتعليمية  مما زاد من تعاسة الناس حاضرا ومستقبلا .
ماهي الحلول الممكنة للتخفيف من التعاسة الاقتصادية بين الناس :
نبرز هنا بعض الحلول الممكنة للحد من التعاسة الاقتصادية:
1. وقف الحرب وإحلال السلام وهي اولوية قصوى من اجل تهيئة بيئة مستقرة لإعادة بناء الاقتصاد وبالتالي التخفيف من التعاسة الاقتصادية.
2. إعادة إعمار البنية التحتية والبدء  بالاستثمار في القطاعات الأساسية مثل الزراعة والطاقة والمياه.
3. دعم العملة المحلية من خلال تعزيز قيمة الريال اليمني عن طريق استئناف تصدير النفط والغاز وجذب المساعدات الدولية والسيطرة على الموارد المالية للحكومة.
4. خلق فرص عمل من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتدريب الشباب على المهارات المطلوبة لسوق العمل .
5. ايجاد تفاهمات اقتصادية بين عدن وصنعاء وانهاء الانقسام الاقتصادي والمالي من خلال تفاهمات سياسية واقتصادية.
6. تنشيط دور المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية من خلال
زيادة الدعم الإنساني والمساعدات الطارئة للتخفيف من الازمة الاقتصادية والانسانية والحد من التعاسة الاقتصادية.
7. على المجتمع الدولي والاقليمي تسهيل المفاوضات لتحقيق السلام المستدام وبالتالي تحقيق مستوى معقول من السعادة للناس .
8.  إعادة إعمار اليمن سياسيا و اقتصاديا واجتماعيا وخلق ظروف مواتية لتجاوز التعاسة الاقتصادية للسكان بمختلف الشرائح .
الوضع في اليمن يتطلب حلولا شاملة وجذرية تتجاوز الإغاثة الإنسانية لتشمل إعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار.
ان طريق تجاوز التعاسة الى السعادة هو الشراكة المجتمعية لانعاش الاقتصاد من خلال قيام الدولة والقطاع الخاص والمواطن كل بدورة والاعتماد على الذات في حل الازمات السياسية والاقتصادية والانسانية .

*د. حسين الملعسي رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية*

مقالات الكاتب