50 عاماً على تأسيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية

منبر عدن - هشام الحاج

تعتبر هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية ركنًا أساسيًا ووحدة من وحدات وزارة النفط والمعادن، ويقع على عاتقها دور فاعل في دعم الاقتصاد وعملية التنمية من خلال الاستكشافات الجيولوجية والعمل على توفير الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات وحماية المجتمع من مخاطر الكوارث، إضافة إلى كونها حقل تعليمي علمي للعديد من طلاب وطالبات جامعة عدن من خلال إقامة الدورات التدريبية النظرية والتطبيقية.

 

- النشأة والمهام والأهداف:

 

وتعد الهيئة من الوحدات الأساسية لوزارة النفط والمعادن ويعود تاريخ نشأتها إلى مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وتعتبر أول هيئة في المسح الجيولوجي في اليمن التي تم إنشائها في مدينة عدن ومن الأهداف الرئيسة للهيئة تنفيذ المسوحات وإعداد الخرائط وتنفيذ أنشطة البحث والاستكشاف المعدني وإجراء البحوث المرتبطة بعلوم الأرض سوى على اليابسة او على طول الشريط الساحلي وتعمل أيضا هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية على منح تراخيص البحث والاستكشاف والاستغلال المعدني ومراقبة انشطة شركات التعدين ومصانع ومحاجر الصخور الصناعية والانشائية.

 

كما تقوم كذلك بإعداد الدراسات والبحوث الجيوفيزيائية لتحديد مصادر المياه والدراسات الجيوتقنية عند اقامة المنشئات والجسور والسدود ، وكذا تعمل على إجراء الدراسات التفصيلية لمصانع الأسمنت او مشاريع استثمارية في مجال الصخور الإنشائية ومجال التعدين.

 

- أنشطة ومشاركات داخلية وخارجية:

 

الهيئة لديها أنشطة ومشاركات على المستوى الخارجي خاصة بعد نقل مقر الهيئة من صنعاء اليمنية إلى العاصمة الجنوبية عدن، فلدى الهيئة عدة أنشطة وفعاليات مع عدد من المنظمات على المستوى العربي والدولي منها مؤتمرات بالحضور شخصيا أو عن بعد عبر (الزوم)، كما يجري التحضير للمشاركة في مؤتمر الرياض (قمة التعدين) خلال الفترة من 11 إلى 13 يناير الجاري ومؤتمر الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 22 إلى 25 فبراير القادم بحضور ومشاركة معالي وزير النفط والمعادن الأستاذ عبدالسلام عبدالله باعبود”.

 

شاركت الهيئة في إقامة الندوات الترويجية عبر منصة الاجتماعات "ZOOM" (ندوة الصخور الصناعية ومواد البناء في اليمن) التي كانت تحت رعاية وزارة النفط و المعادن وإشراف هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية وبمشاركة وحضور جميع الدول العربية في الندوة، والمشاركة في المؤتمرات والمعارض المحلية (مؤتمر ومعرض عدن الأول للمقاولات والبناء) والحضور والمشاركة في الورشة بتونس ( ورشة عمل حول المواد الإنشائية والأحجار الصناعية.. الواقع والآفاق)، والمشاركة في اللقاءات العلمية الافتراضية (سلسلة اللقاءات العلمية الافتراضية في الجيولوجيا) التي كانت عبر منصة الاجتماعات "ZOOM"  بالتعاون مع كلية النفط والمعادن جامعة عدن وإقامة ندوة علمية بالتعاون مع مركز العلوم والتكنولوجيا في جامعة عدن والتي كانت بعنوان (جيولوجية ومورفولوجية عدن). 

 

- توفير فرص استثمارية:

 

هيئة سيادية يقع على عاتقها دور هام في دعم الاقتصاد من خلال توفير الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات المعدنية والصخور المعدنية، ولها دور في تأكيد السيادة الوطنية من خلال التخطيط وتحديد الخرائط الجيولوجية لتحديد أراضي الدولة بشكل عام، ومن خلال الدراسات الجيولوجية تظهر هناك مواقع الثروات المعدنية سواء كانت معادن، مثل: الذهب والحديد والنحاس والرمال السوداء، وكثير من هذه المعادن تفتح فرص الاستثمارات للشركات والمستثمرين لما يعود باستغلال هذه الثروات لدعم عملية التنمية الاقتصادية، إلى جانب الصخور الصناعية والإنشائية مثل الحجر الجيري والرخام والجرانيت.. والحجر الجيري يستخدم في عدة مجالات منها صناعة الإسمنت، حيث يشكل نسبة 72% من صناعة مادة الإسمنت، وقد تم إنشاء مصانع الإسمنت من خلال الدراسات التي قدمتها هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، وكمادة خامة للبناء بالإضافة إلى الرخام، وكذا في إطار عملنا لدينا دراسة في الجيوتقنية وهذا يتم بالتنسيق مع وزارة الإنشاءات، وهي تتمثل في دراسة المواقع التي ستقام فيها مشاريع استثمارية وذلك لمعرفة أنواع التربة وصلاحيتها للبناء، أيضا عملنا مشترك بالتنسيق مع حماية البيئة والمواصفات والشؤون البحرية والهيئة العامة للموارد المائية”.

 

- صعوبات:

 

وكشف القائم بأعمال رئيس هيئة المساحة الجيولوجية أحمد التميمي عن أبرز المصاعب التي تواجه نشاط الهيئة “وتتمثل في عملية التأهيل والتدريب للكادر على المستوى الخارجي والداخلي، مضيفا ورفدنا بكادر فني وتأهيله للقيادة بالمستقبل، وتعزيز الهيئة بميزانية تشغيلية كافية”.

 

- تحديات قطاع التعدين:

 

ونتيجة للأوضاع الراهنة يواجه قطاع التعدين في اليمن تحديات جسيمة فرضتها الحرب ومخلفاتها، ونستطيع القول إن هذا القطاع يُعد الأكثر تضرراً في ظل الأزمات المتشابكة والتي من أبرزها أزمة تجديد وتحديث قانون المناجم والمحاجر اليمني رقم 22لعام 2010‪ كي يواكب المتغيرات في هذه المرحلة والتشريعات الاستثمارية في مجال التعدين وكذلك التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية هيئة الاستثمار ووزارة الصناعة والتجارة وهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية .

 

- قيادة نموذجية:

 

مما لا شك فيه إن مثل هذه الأزمات تُبرز قيادات لها إسهاماتها في تخطي هذه الأزمات والخروج منها بأقل الخسائر، وفي هذا المضمار برزت القيادة في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الذين أثبتوا بأنهم رجال دولة ويستطيعون مواجهة التحديات في عصر الأزمات.

 

لقد واجهت هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية جملة من التحديات التي ذكرناها أعلاه، إلى جانب تحديات خاصة لا تظهر للعامة وتُعد كجزء من خصوصيات الأعمال التي قد لا يُحبذ الحديث عنها حتى لا تتحول إلى معوقات معقدة ويُفضل التعامل معها بسياسات خاصة تكفل تحويلها إلى نجاحات، ومثل هذه لا يقوى عليها إلا قيادة رشيدة تمتلك مهارات القيادة والإدارة ولها رصيد في العمل الميداني منذ تأسيس الهيئة وهذا ما يجعلها قيادة قادرة على التعامل مع كل هذه التحديات التي ليس لها لغة سوى لغة العمل ولن يكون له نتيجة إلا النجاح .

 

إن الوصول باليمن إلى مصاف الدول النفطية يستوجب تعاون مختلف التشكيلات النفطية الوطنية وذلك من خلال تحديد مصادر النمو ودعم القطاعات الواعدة للمساهمة في تحقيق التنويع الاقتصادي، لأن تحقيق التقدم الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق بدون ذلك . 

 

- مشروع المتنزهات الجيولوجية:

 

تعتزم الهيئة خلال العام 2022م اطلاق مشروع المتنزهات الجيولوجية في اليمن والذي سيتم من خلاله تنفيذ سلسلة من الدراسات التفصيلية والمتكاملة(جيولوجية-جيوفيزائية-تكنونية-هيدرولوجية-بيئية-تاريخية-دراسات متعلقة بالحد من مخاطر الكوارث ...ألخ) لعدد من المناطق والمواقع المختارة ضمن الجمهورية اليمنية والتي تتميز على احتوائها معالم جيولوجية متميزة وفريدة.

 

يعد مشروع المتنزهات الجيولوجية هو الأول من نوعه في اليمن، والذي يشمل مناطق يكتنفها الكثير من الغموض وتحوي الكثير من الاسرار ودارت حولها الكثير من القصص والروايات والاساطير، وذلك بسبب انها لم تجظى من قبل بأي نوع من الدراسات والبحوث ، او ان تلك الدراسات لم تكن بالقدر الكافي مثل شبة جزيرة عدن شبه جزيرة عدن الصغرى، بحيرة شوران، براكين بئر علي، حفرة فوجيت سوهيت في المهرة، بئر برهوت، حرضة دمت، كهوف سقطرى وغيرها من المواقع، ولذلك اتى هذا المشروع ليكون وثيقة علمية موثقة يمكن الاعتماد عليها في عمل الدراسات العلمية العليا او أي دراسات بحثية او استثمارية لاحقة كما انها يمكن ان تكون كوثيقة ضمن ملف الترشيح لليونيسكو لاعتماد شبة جزيرة عدن كمتنزه جيولوجي معتمد من اليونيسكو والشبكة العالمية للمتنزهات الجيولوجية وعليه فإننا في البدء بعقد مجموعة من اللقاءات مع مختلف فئات المجتمع المدني والأجهزة الأمنية والتشريعية بالإضافة مع مجموعة من الشركاء المحتملين في تنفيذ الدراسة من القطاع المؤسسي للدولة كوزارة المياه والبيئة وجامعة عدن ووزارة الزراعة والثروة السمكية وأيضا التخطيط والتعاون الدولي وغيرهم من القطاعات ولا ننسى بالطبع القطاع الخاص. 

 

- رؤية استراتيجية لقطاع النفط في اليمن 2025:

 

إن تبني فكرة إطلاق (رؤية استراتيجية لقطاع النفط في اليمن 2025) من خلال تقييم الوضع الراهن للقطاع، ابتداءاً بالاستكشاف والإنتاج وانتهاءاً بالتكرير والتسويق، لابد منه لتقييم التجارب الماضية وملامسة التحديات والصعوبات الأساسية ودراسة واقع ومستقبل النفط ، فلا يمكن الاستمرار في وضع خطط تقليدية للنهوض بمؤسسات وشركات القطاع .

 

لذلك يتحتم أن يكون لقطاع النفط رؤية استراتيجية وطنية بعيدة المدى تبين الطموحات والغايات التي يتطلع إليها الشعب وفق استراتيجيات وأسس متوازنة، لتصبح الرؤية الاستراتيجية بذلك مسار تطور القطاع مهما تبدلت وتعاقبت الحكومات وتفاوتت المهام والأدوار.

 

وخير مثال على ذلك، جمهورية مصر العربية التي استطاعت خلال فترة وجيزة تحقيق نمو متسارع في قطاع البترول والغاز الطبيعي حتى حققت خلال العام الماضي ٢٠٢١ أعلى نمو عالمي في قطاع الغاز الطبيعي أو دولة الكويت بتفوقها في مجال التكرير، لذلك فنحن بحاجة لأخذ مثل هذه التجارب العربية الرائدة والاستفادة منها في قطاعنا النفطي.

 

وفي هذا الصدد نذكر بعضاً من المقترحات الآتية لتنمية القطاع: 

 

– افتتاح مقر للإدارة العامة للمؤسسة العامة للنفط والغاز في عدن باعتبارها إحدى المؤسسات القابضة لأهم شركات النفط في اليمن.

– ربط حركة نشاطات وعمليات الشركات التابعة للمؤسسة العامة للنفط إلكترونيا بالإدارة العامة للمؤسسة لمراقبة آلية عملها.

– إعداد الميزانية العامة للمؤسسة العامة للنفط وحصر عدد القوى العاملة في مختلف التشكيلات النفطية التابعة للمؤسسة.

– عقد اللقاءات الدورية بين مختلف الشركات التابعة للمؤسسة.

– إعداد الميزانية العامة للمؤسسة والشركات التابعة لها. 

– بحث إمكانية توفير الموارد المالية لقطاع التكرير التابع للمؤسسة.

– دراسة حركة أسعار النفط والغاز الطبيعي عالمياً لمعرفة الأوقات المناسبة لمبيعات النفط الخام لتحقيق أقصى درجات الفائدة وصياغة عقود النفط الفورية والآجلة بما يتناسب مع توقعات حركة أسواق الطاقة العالمية.

– تأمين احتياجات السوق المحلية بمشتقات النفط وضمان توفير الغاز لمختلف المناطق وإعداد الحلول المناسبة في ذلك.

– إعطاء المؤسسة المقترحات المناسبة بالتعيينات والترقيات في الشركات التابعة لها، وتقديم الاستشارات لوزارة النفط في هذا الشأن. 

– إعداد خطة تدريب بالتعاون مع مركز التدريب البترولي لتطوير المهارات الفنية والإدارية لموظفي المؤسسة والشركات التابعة لها. 

– إعداد الدراسات وبحوث النفط والغاز والتقارير الفنية حول نشاطات المؤسسة والشركات التابعة لها والرفع بها لوزارة النفط والمعادن.