قادة سبتمبر في وجه الخطاب العنصري
مع بداية ثورة سبتمبر بدأت تتسرب إلى الصف الجمهوري شعارات طائفية وعنصرية، بدت في ظاهرها أنها عفوية (زيدية شافعية، وقحطانية هاشمية، وتهامية جبلية).
أدرك قادة الثورة خطورة هذا الخطاب على مستقبل الثورة والجمهورية وعلى الوحدة الوطنية، فتعاملوا معها بحزم شديد، ولم يقولوا أنها مجرد ردات فعل مؤقتة.
في 19 يناير 1963 -أي بعد أربعة أشهر فقط من قيام الثورة- قرر مجلس قيادة الثورة إبعاد عبدالرحمن البيضاني من منصبه، وطرده من اليمن، باعتباره الرجل الأول المشجع على ذلك الخطاب التمزيقي.
مرت الأيام، واتضح أن ذلك المشروع الذي كان يديره البيضاني أخطر من المتوقع، فهو مشروع استخباراتي خارجي تقف وراءه الدوائر الاستعمارية في عدن، هدفه تقسيم الشمال طائفيا وعرقيا، ليتكامل مع تقسيم الجنوب مناطقيا.
فبعد أن غادر البيضاني صنعاء وحط رحاله في عدن، وصار مديرا لأحد البنوك البريطانية هناك، بدأ يطرح مشروعه على المكشوف من إذاعة مستعمرة عدن، بالدعوة إلى تقسيم الشمال إلى دولتين: دولة شافعية وعاصمتها تعز، وأخرى زيدية وعاصمتها صنعاء. (في أغسطس 1963 صدر قرار جمهوري باجتماع مجلسي الرئاسة والتنفيذي بسحب الجنسية اليمنية من البيضاني، واتهامه بالخيانة العظمى).
هذا المشروع التقسيمي للشمال، كان متزامنا مع المشروع الاستعماري الجاري حينها في الجنوب باسم (مشروع الجنوب العربي) والذي كان هدفه تقسيم الجنوب الى أربعة كيانات تمهيدا لمنحها الاستقلال مجزأة تحت مسميات (دولة الجنوب العربي، وحكومة عدن، واتحاد حضرموت، والمهرة)، وهو المشروع الذي أفشلته ثورة أكتوبر فيما بعد بقيام جمهورية اليمن الجنوبية.
رحم الله الزبيري والنعمان والإرياني والسلال وحسن العمري والشيخ الأحمر، وغيرهم من قادة سبتمبر الوطنيين، لقد كانوا واعين بشكل عميق للواقع اليمني ومدركين لخطورة الخطاب الطائفي والعنصري على الثورة والجمهورية والوحدة الوطنية، ولا عزاء لمن خلف بعدهم من خلوف!.