النفاق السياسي والفساد الإعلامي سموم تهدم الأوطان
في مسيرة الأمم نحو النهوض، ليس أشد عليها من أن تهاجمها قوى خارجية، بل ما يفتك بها حقاً هو أن يتحول العدو إلى خنجر غادر يغرس في قلبها من داخلها، حين تتماهى السياسة مع النفاق، ويغرق الإعلام في مستنقع الفساد، تصبح الحقيقة ضحية، ويغدو الوعي رهينة الأوهام، وتصنع الأكاذيب وتزين على أنها واقع، وتسجل الأوهام كحقائق، فيسير الوطن في دروب مظلمة، فاقداً بوصلته، لا يعرف من يحكمه ولا ماذا يريد.
النفاق السياسي، وهو السد المنيع الذي يثقل كاهل الأمم، ويحول دون تقدمها، حين تصبح السلطة غاية في حد ذاتها، لا وسيلة لبناء الوطن، يتحول الولاء إلى مجرد مصلحة شخصية بدلاً من أن يكون انتماءً خالصاً للوطن، السياسي المنافق الذي يساير الأهواء، ويسعى لإرضاء الجميع على حساب المبادئ، لا يملك رؤية الإصلاح، بل يتقن فن تسكين الأزمات بدلاً من معالجتها، وهكذا تهدم القيم، وتضعف العزائم، ويغيب الأمل عن الأفق.
أما الإعلام وهو ذلك الفضاء، والوجه الاخر للفساد، الذي ممكن أن ينبغي يكون منارة للوعي، أصبح أداة لتشويش الحقيقة وتضليل الأذهان، ينشغل بتفاصيل ضئيلة لا تعني شيئاً في صلب الواقع، بينما يظلم ما يستحق الضوء، ويخفي الأمل وراء سحب من الأكاذيب، ويغرق المواطن في مستنقع من المعلومات السطحية التي لا تصنع له إلا درباً مضللاً، في هذه الواقع، يصبح الفرد أسيراً لما يراد له أن يراه، ضائعاً في دوامة من الزيف، وبعيداً عن جوهر الحقيقة التي تغيب عمداً.
لكن الحقيقة، رغم ما يحيط بها من ظلال، لا بد أن تشرق يوماً، حين نعيد للإعلام رسالته النبيلة، ليصبح منارة تضيء دروب الشعوب، وعندما تعطى الفرصة للكفاءات المخلصة، بدلاً من المحاباة والمحاصصة، ستعود للوطن عافيته، وتزول الأقنعة وتتكشف الحقائق، وسيقف الوطن شامخاً، أقوى من أي وقت مضى.
في الختام، إن المستقبل لا يبنى على سراب الأوهام، بل على أسس راسخة من الإخلاص والشفافية والنزاهة، وعندما تغدو هنأ، يغدو الوعي، ويزهر الأمل، ويستعيد الوطن مكانته بين الأمم.