وداعاً القلم الساخر: صالح الناخبي الإعلامي المقاتل

منبر عدن - خاص

بقلم: أبو الوليد بن متاش الكسادي

يعرف الكثيرون من هو القلم الساخر صالح الناخبي منذ عام 2015م، ولكن قد يخفى على الكثيرين من هو هذا الساخر في الفترة ما بين عامي 2006م و2011م. ولا يعلم الكثيرون أنه مؤسس موقع "أخبار الساعة العالمي"، الموقع الذي استضاف الكتاب والصحفيين والأدباء العرب، وسلط الأضواء على قضية شعب الجنوب مبكراً.

في تلك الفترة، لم يكن يسلك هذا الطريق إلا من جعل من نفسه مشروع شهيد أو معتقل سياسي سيصاحبه الجدران لسنوات طويلة.

ولا يعلم الكثيرون كم كانت مشقة دفع رسوم الاشتراك للموقع، والإجراءات السرية المشددة لإخفاء هوية الأدمن، والدقة العالية في اختيار الدومين. وفوق ذلك كله، كانت معاناة إيجاد مكان للكتابة والنشر وتأسيس المكتب في أحد المباني المتواضعة وشبه المهجورة، في وقت كان فيه النظام اليمني الشمالي في نشوة جبروته، ينشر جواسيسه كالنمل في كل مكان.

ثم جاءت الانفراجة، وبدأت الصدور الجنوبية تتنفس الصعداء، فانتقل النشاط إلى الداخل في محاولة أخيرة لاستعادة نشاط "تاج" من الداخل والعمل الوطني من عدن. ثم تلت تلك المرحلة أحداث متسارعة، وبدأ التفكير في المقاومة والعمل المسلح في الداخل منذ عام 2011م، وبدأ تفعيله فعلياً في عام 2014، تزامناً مع الاعتصام العام.

فكانت فكرة تقسيم عدن إلى مربعات، والتنسيق مع القيادات التواقة للمقاومة، مثل القائد الكبير المرحوم أبو محمد الحدي، وشباب المنصورة الصادقين، مثل الإدريسي وغيرهم، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.

وكانت البداية بفكرة الحصول على 120 قطعة سلاح، كل قطعة يتداولها خمسة أشخاص، ليصل العدد إلى 600 مقاوم، ريثما يتم تسليح الجميع بإذن الله.

ثم كان التهديد الكبير على يافع وجبل العر، وتم تبادل الأفكار لتوفير السلاح المتوسط والثقيل لحماية هذا الناموس اليافعي التاريخي العظيم. وكان من بين الأفكار أن يقوم كل مقتدر بتوفير رشاش "دوشكا" مع 20 صندوق ذخيرة وسيارة شاص، وتجهيز خمسة من المقاتلين الأبطال.

تحولت هذه الفكرة إلى عملٍ فعلي، وتم تسليم المناضل البطل "دوشكا" مع عدتها، وتأجير سيارة شاص، ثم الالتحاق بجبل العر والتعاون هناك مع أبي محمد الحدي وغيره من الأبطال. وتكونت هناك كتيبة مرابطة من صفوة المقاتلين.

فكان هروب الرئيس عبدربه منصور هادي إلى عدن، تسارعت الأحداث واندلعت المعارك مع الأمن المركزي، ثم جاء الهجوم الكبير على عدن. فقرر الأبطال، ومن بينهم صالح الناخبي، بالتعاون مع العميد خالد القملي، وتم النزول إلى عدن عبر رصد - باتيس - دوفس، ثم السفر عبر الصحراء إلى عدن. هناك، سلم كل عهدته في يافع، ونزل إلى عدن بسلاحه الشخصي.

في عدن، انضم المناضل البطل إلى زملائه في الميدان، خاصة في جبهة كالتكس، حيث واصل مقاومة الحوثيين ليلاً ونهاراً. وفي المعركة الكبرى، تحول القائد المقاوم إلى محور المطار خور مكسر تحت قيادة العميد البطل صالح ناصر الناخبي، حفظه الله.

تم تحرير عدن ولله الحمد، وكانت فرحة النصر للجميع. بعد ذلك،ثم كانت الفكرة أن ينظمم المناضل البطل إلى فريق خفر السواحل، ليساهم في إعادة بناء الجهاز. حينها، سافر إلى سقطرى ومكث أياماً هناك، ثم اتخذ القرار الكبير بالعودة إلى الجامعة لاستكمال دراسته في الإعلام.

فصال وجال المناضل صالح الناخبي على مواقع التواصل الإجتماعي كما هو معروف في الوسط الجنوبي. وبعدها، جاءت فكرة القناة، حيث انضم المناضل أبو نصار إلى زملائه وأسسوا قناة، واجتهدوا، وكان صالح نبراساً في كتابة التقارير الرنانة، وبدأ برنامج "المشهد الجنوبي"، واستمر في ذلك حتى داهمه المرض وجاء قضاء الله وقدره بوفاته رحمه الله تعالى. لقد قضى صالح الناخبي حياته شاباً مخلصاً للنضال من أجل قضيته وشعبه.

شعاره كان دوماً: "ننتصر أو ننتصر".

هذه لمحة مختصرة وغيض من فيض لمسيرة هذا الشاب الكبير بعمله، ولا يمكن لهذه الأسطر القليلة أن توفيه حقه. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وتقبله القبول الحسن.