د. عيدروس نصر ناصر: مناضلٌ آخر في ذمة الله

منبر عدن - خاص

د. عيدروس نصر


وكأن الأحزان تأبى أن تتوقف أو أن لا تأتي إلا تباعاً.
غادر دنيانا الفانية قبل يومين العم المناضل حنش سالم عبد الله الحنشي، واحد من ثوار الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني، والمساهمين في مرحلة البناء الوطني.
انخرط المناضل حنش سالم في صفوف ثوار الجبهة القومية منذ الأشهر الأولى للثورة المسلحة وكان رفيقاً دائماً للمناضلين الخالدين محمد علي القيرحي، علي محضار بن حلموس، والخضر غالب امشقي وغيرهم من الثوار البواسل.
بعد الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر كان أحد الأسماء البارزة في تأسيس الحرس الشعبي في المركز الثاني بالمديرية الغربية_ المحافظة الثالثة (أبين)، وهذا الجهاز مثل النواة الأولى لتشكيل القوات الشعبية ثم المليشيا الشعبية.
شارك الفقيد مختلف مراحل البناء الوطني في المديرية الغربية، من خلال المبادرات الجماهيرية، في شق الطرقات وبناء المدارس والوحدات الصحية مثلما ظل مقداماً في معارك الدفاع عن الوطن.
منذ حرب ١٩٩٤م اعتكف المناضل الشيخ في مطقته (وادي شعب جداس الحنشي) بمديرية رٍصُد بعد أن تم إقصاؤه من عمله مثل مئات الآلاف من أبناء الجنوب، حتى وهم من ثوار الكفاح المسلح الذي أنتج حرية البلاد واستقلالها. 
وانشغل الفقيد في زراعة البن ورعاية النحل والماشية. 
وحينما اندلعت ثورة الحراك السلمي الجنوبي في العام ٢٠٠٧م كان أحد أبرز المثابرين على المساهمة في الفعاليات السلمية في مختلف مناطق الجنوب، ولم يصبه اليأس ولا الكلل ولا استسلم لروح الهزيمة المعنوية كما جرى مع البعض، ولا تخاذل أو تخلى عن مبادئ الثورة وأهدافها كما فعل كثيرون، رغم تقدمه في العمر وما تعرض له من الأدواء والعلل وظروف الحياة الصعبة.
كان آخر ما قاله وهو في صحته الجيدة
"أتمنى أن أعيش يوماً واحداً بعد تحرير الجنوب واستعادة دولته"، لكن إرادة الله لم تمهله إلى ذلك اليوم، الآتي حتما،  لأنها (أي إرادة الله) فوق كل حلم وأمنية مهما كانا جميلين وعادلين.
وبهذا المصاب الجلل أعزي نفسي كما أتقدم بصادق مشاعر العزاء والمواساة إلى أولاد فقيدنا الكبير وكافة أهله وذويه ورفاقه وكل محبيه وجميع أهلنا في منطقة الحنشي ويافع ومحافظة أبين عموماً.
أسأل الله أن يتغمد الفقيد حنش سالم بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمنا وكل اهله وذويه ورفاقه ومحبيه الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.