طبيب رندا يحكي كيف استعادة رندا كامل بصرها في أحد عينيها ويروي حكايات أخرى

منبر عدن - خاص

رندا حسين  22 عام اليمن محافظة لحج مديرية تبن دار المناصرة  (طالبة جامعية سنة ثالثة لغة عربية تدرس مع من يقودها ويقرأ عليها المنهج وأسئلة الامتحانات ويكتب لها الأجوبة ، وحافظة أربعة أجزاء من القرآن الكريم ) هي تعاني من عمى بسبب وجود مياه بيضاء خلقية بالعينين أهملت منذُ طفولتها كان من المفترض أن تجرى لها العملية منذُ الطفولة، لكن ظروف الأسرة منعت ذلك ، وبعد أن كبرت تصعبت العملية وتقل  فرص الاستفادة من العملية مع صعوبة في إجراء العملية عند كثير من الأطباء ، وكانوا يخبرونها أنه لا يوجد أمل من العملية ، أحبطت رندا وأحبطت الأسرة .

 بعد إعلان عن مخيم مجاني في مديرية تبن محافظة لحج من قبل جمعية الخير الإنسانية الكويتية ومنظمة الغد المشرق ومؤسسة العيون الطبية أحضرت رندا حسين إلى مكان الفحص وحظيت بعناية خاصة بحكم كفافها وصغر سنها.

 وبعد فحصي الكامل للمريضة اكتشفتُ أن في نسبة نجاح كبيرة لها، أخبرتُ أُمّها وأقنعتُ البنت  بأني سأعمل عملية لها ونوع العملية هي (عملية سحب المياه البيضاء وزراعة عدسة ) .

الحمد لله أُجريت لها العملية بتخدير موضعي (قطر للعين فقط ) حتى أرى نتيجة العملية بعد فترة وجيزة؛ لكونها من منطقة بعيدة ولا أستطيع متابعة حالتها بسهولة، وأجريتُ العملية بأحاسيسي ومشاعري قبل أن أستخدم أجهزتي وأدواتي المعتادة، وتمت العملية بحمد الله بدون أي مضاعفات، وبعد ساعتين اختبرتُ الإبصار، وكانت النتائج حسب توقعاتي؛ حيث أبكتنا وأبكت الجميع، ولم أستطع منع نزول الدمع من عينيّ رغم تظاهري بالقوة، وهذه اللحظات أول مرة في حياتي أصادفها وأول مرة أرى دموعًا وبكاءً من غير حزن .

   أمس رندا تتصل عليّ وطمنتني على نفسها وقالت لي ثلاثة أيام منذُ ولدتُ فقط بعد أن تعرفتُ عن سكني وأهلي وتعرفت على أدواتي وكتبي التي كانت تصاحبني ولم أعرفها من قبل .

    طبعًا هذه العملية كنت مستعدًا لها منذُ اسبوع عندما قررت لها العملية، حتى أولادي وأسرتي وزملائي أخبرتهم بحالتها، وأن عودة نظرها مرهون بمغامرتي معها، وكنت متأكدًا من النتيجة مع تخوف بسيط، وكان أولادي أول من اتصل عليّ يسألونني عن مصيرها وأخبرتهم بالخبر السار الذي أثلج صدور الكثير فرحًا وسرورًا . 

   فحالة الأخت رندا أنستنا كل التعب والنصب وأعطتنا ذالأمل والجهد ودفعتنا إلى بذل المزيد من العمل .

    وهذا كله بتوفيق الله سبحانه وتعالى .

     كلمتي لأهل الخير والداعمين والمعنيين بهذا الشأن أن يقدموا يد العون لمثل هذه الحالات لانتشالهم؛ فهناك كثير من الرندوات غير قادرات على تكاليف العمليات ويتحملن العمى بسبب عزة نفوسهم على ألّا يسألوا الناس . 
فهناك حالات يقطعْن القلب وتشيب لها الأبدان ونقف عاجزين عن مساعدتها.

فقد صادفت بنتًا 14 عامًا في م /الحديدة مديرية الخوخة تعاني من عمى في أحد عينيها بسبب وجود مياه بيضاء وتحتاج عملية تحت التخدير العام، مما يتطلب نزولها عدن لاجراء العملية، أخبرت والدها بإنزالها عدن وأن العملية مجانية لكن صدمني أنه لا يستطيع؛ لأنه لا يملك أجرة المواصلات إلى عدن وأجرة الإقامة ثلاثة أيام .

 حالة بنت 31 سنة من مديرية الأزارق م الضالع أجريت لها عملية ورأت النور وبكت، لكن لم يكن بكاء فرح، إنه بكاء ندم؛ سألتها لماذا ؟ قالت يا ليتني أحضرت أختي معي تعمل عملية؛ حيث وهي تعاني مثلي  منذُ خمس سنوات، وإن أخانا يقوم بخدمتنا، فأبكتنا جميعًا. 

رجل 55 سنة ممن يجلسون على الطرقات لأعالة أسرهم بما جاد به أهل الخير عليهم لا يرى سوى 3 أمتار، فحصته وأنا مارٌّ على الخط وأخبرته أنه يحتاج عملية جراحية وأني سأعمل له العملية مجانًا ! لكن سألني  كم تحجبني في البيت؟ قلت له أسبوعين ! قال لا أستطيع لأني العائل الوحيد ل8 أطفال من يأكلهم خلال أسبوعين . 

وهناك حالات كثيرة مشابهة نصادفها كل يوم ، والأكثر من هذا العدد الذي لم نصادفه وهم حبيسو الجدران، نسأل الله أن يعيننا على مساعدتهم والوصول اليهم .

 نشكر أخوتنا في دولة الكويت واليمن وصندوق الملك سلمان، ونشكر المؤسسات والجمعيات والمنظمات الأهلية المحلية  والخارجية بما يقومون به  من إقامة مخيمات مجانية للعيون الذي بدوره يخفف من معاناة هذه الشريحة من الناس.
أشكر الله أولاً وآخرًا الذي وضعنا في هذا المكان لتقديم العون لأهم شريحة في المجتمع وهم فاقدو الأبصار.
وأشكر الطاقم الطبي الذي بجانبي والذي كان سندًا قويًّا بكل أعمالي الطبية والخيرية والإنسانية  .

د/صالح حسن زين
أخصائي طب عيون
21/4/ 2022