وميض مصابيح الشرق وهزيم رعد مولدات الغرب من أكبادنا تضرم

منبر عدن - خاص

تجولت ليلة امس في مديريات عدن ,بطقسها الساخن ووحشية ظلامها الدامس  
كل شيء في عدن كالح  , مزلزل  ,   مجفوف  الصحف الا اقلام المزمرين لم ترفع بعد  .. 
ترى الناس سكارى وماهم  بسكارى , طقس ساخن فتاك  وكهرباء في العدم  ..
 اهوال معيشة ,  ووطأة معاناة  لاتقاس  ..
تنطفي شعلة الحياة بعد غروب الشمس في كل بيوت قاطني عدن, لاترى انوار المصابيح تبرق الا من منطقتين , شرق عدن وغربها هناك عالم خارج تاريخ المدينة البركانية الملتهبة 
رغد من العيش ورزقا وفير  ,
المواطن فريسة  يفتكه الحمى , والمولدات في شرقه وغربه  ترعدوا ,
كل شي في عدن معطل  واجم عابس   مطرق لشدة الاهوال..
الا فئتين فقط تعمل بدأب وتفاني لايدخرون وسعا ولايألون جهدا 
و هم 
حفارو القبور,  ومزينو الاخطاء
ــ مقابر عدن تشهد انتعاش منقطع النضير ,  جراء الطقس  الذي كشر بانيابه  ليفتك بالمواطن المنهك في عدن دون رحمة جماعة الشرق  او صحوة ضمير ثلة الغرب   , حفارو القبور رغم ارتفاع سعر الدولار الا ان امورهم في ازدهار ويأملون استمرار الوضع واستقراره على هذا الحال  ..
ــ مطبلو ومزينو الاخطاء ورافعو المباخر منافقو السلطان على انـات المرضى  واهات المغلوبين ..يتقاضون بالعملة الثمينة  يهمهم استمرا الوضع الحالي  ...
هولاء هم من يسعون بكل جهد الى استمرار الاوضاع كما هي , فتراهم يأججون أي طارئ  يستجرون  الماضي  ويستحضرون  اخطاءه  يتتبعون السوءات ويعمقون الجراح   ,  بغية التمزيق والتفريق والتباعد .
لاعلاج للوضع الا بالصدمة حسب نظرة 'ناتانا شارنسكي 'احد -- منظري الفوضة الخلاقة--
العلاج بالصدمة يسير وفق برنامج معلوم وخطا دقيقة ....
هذا  حصاد تجوالي في ليل عدن امس ,
ذكرني بماقاله الشاعر الكبير عبدالله البردوني قبل عقود ,
حين شاهد انوار المصابيح الكبيرة تشع من نوافذ قصر الاقطاعيين حتى  الصباح  , بينما بيوت الفلاحين وعامة الناس في ظلام دامس لانهم لايملكون  "الجاز " (الكيروسين )لانارة مصابيحهم .فصورالشاعر المشهد المؤلم   بطريقة ادبية ساخرة ناقمة, صور الاضاءة الصادرة من بيوت الاقطاع انما هي  اكباد الفلاحيين  تضرم وتحرق لتضيء مصابيح الاقطاع , 
وفي اسقاط الصورة الفنية للشاعر البردوني على الوضع في عدن نجد ان  الانوار المشعة من فلل وقصور الفرقة الناجية  في عدن  , انما هي  موهج تحرق , ونفوس تكوى , وارواح تحشرج وتزفر نارا  ..
كأني بالبردوني اليوم  يستصرخ الضمائر في عدن  وينشد  .

أخي إن أضاءت قصور الأمير
فقل: تلك أكبادنا تضرمُ
أيا من شبعتم على جوعنا 
وجوع بنينا ألم تتخموا ؟
ألم تفهموا غضبة الكادحين 
على الظلم ؟لابد ان تفهموا !
.......
للمعاشيق شرقا وجولد مور غربا  حكاية لا تنتهي.

مقالات الكاتب