الأخطاء القاتلة التي دمّرت اليمن..!
هناك أسباب رئيسية ساهمت في أضعاف اليمن شمالاً وجنوباً خلال الثلاثين سنة الماضية، كوارث صنعتها النخب المحلية، واسهمت المصالح الخارجية في تأطيرها بشكل وبأخر، والنتيجة انها تحولت من مجرد أخطاء إلى كوارث كبرى وقاتلة تسببت في حروب وصراعات مازالت مستمرة حتى اليوم، ولا نعلم متى وكيف ستنتهي، وتسببت في مضاعفة معاناة ابناء اليمن وانهيار كل احلامهم وطموحهم، وقتل وتشريد عشرات الالاف وزيادة نسبة الفقر والجهل والامية وتراجع مؤشرات التنمية البشرية بشكل كبير.
وبحسب اعتقادي أن هذه الأخطاء القاتلة هي:
إعلان الوحدة اليمنية عام 1990 بين دولتين مستقلتين هما جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كان عدد سكانها لا يزيد عن 3 مليون نسمة ومساحتها تزيد عن 360 ألف كيلو متر مربع، والجمهورية العربية اليمنية والتي يبلغ عدد سكانها وقت توقيع الاتفاق ما يزيد عن 10 مليون نسمة ومساحتها الجغرافية 195 ألف كيلومتر مربع.
أثبتت الأيام ان توقيع الوحدة لم يكن قراراً مدروساً وتم دون قواعد واسس صحيحة، تؤسس لمرحلة يتكامل فيها الجنوب بما يملكه من مساحة وثروة ونظام واستقرار، مع الشمال الذي يملك ايادي عاملة واستقرار نسبي وعلاقات جيدة مع دول الخليج.
ولأن الأساس كان هشا لم تصمد الوحدة والتوافق عليها إلا سنوات محدودة لتندلع عام 1994 حرب بين طرفي الوحدة فرض فيها الشمال الوحدة بالقوة، واجبر الشريك الجنوبي على المغادرة خارج الوطن واقصائه سياسياً وتهميش الجيش الجنوبي ونهب المؤسسات والمصانع ومقدرات الدولة في الجنوب لصالح متنفذين.
الخطأ القاتل الثاني:
موقف الرئيس السابق علي عبدالله صالح من حرب الخليج وانحيازه لصدام حسين في العام 1990 وهو الأمر الذي تسبب بتغيير دول الخليج تعاملها مع المغتربين اليمنيين بعد ان كانوا في الصدارة ويتم معاملتهم معاملة قريبة من معاملة المواطن.
وتسبب ذلك في حدوث ازمة اقتصادية نتيجة توقف حوالات المغتربين وهو ما أثر على اقتصاد البلاد الهش اصلاً وضاعف معاناة المواطنين وحرمهم من فرص وظيفية في دول الخليج. لكن الأمر لم يقف عن هذا الحد.. حينها قال جيمس وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك لصالح ستندم كثيرا على موقفك المساند لصدام. وهذا ما تحقق بالفعل ليس ضد صالح بل البلد بشكل عام
الخطأ القاتل الثالث:
استغلال الاخوان المسلمين "فرع اليمن" ما حدث من تظاهرات في بعض البلدان العربية عام 2011 لتطبيقها على الواقع اليمني، بهدف الوصول الى السلطة، والسيطرة على كل مؤسسات الدولة مستغلين الأوضاع المعيشية الصعبة للشباب والتي خلفتها الأخطاء التي ذكرناها سابقاً وكان اخوان اليمن جزء أساسي منها.
هذه الفوضى عمقت الانقسام المجتمعي والسياسي في البلاد وساهمت في وصول مليشيا الحوثي الإرهابية الى السلطة، وتسببت في تعميق الازمة الاقتصادية والسياسية وحتى المذهبية بما يصعب معالجتها.
الخطأ القاتل الرابع:
انقلاب الحوثي على ما تبقى من دولة في العام 2014 وتوسعه باتجاه الجنوب واصراره على حكم الجميع تحت مسميات دينية طائفية، مستغلاً حالة الخلاف بين الأطراف التي انتصرت على الجنوب عام 1994.
حيث تسبب هذا الانقلاب في حرب مدمرة مازالت البلاد تعيش واقعها حتى اليوم، وخلفت هذه الحرب وبحسب احصائيات حكومية أكثر من نصف مليون قتيل ومتوفي وأكثر من 5 مليون نازح ومشرد في الداخل والخارج، بالإضافة الى تراجع مؤشرات التنمية البشرية بحسب الأمم المتحدة لأكثر من 25 عاماً الى الخلف.
تلك الأخطاء القاتلة من الصعوبة معالجتها في ظل إصرار الأطراف التي تسبت بها، وعدم رغبتها في تقديم تنازلات حقيقة لمعالجة هذه الأخطاء وتأثيراتها التي ستستمر لعشرات السنوات وسيدفع ثمنها أجيال بعد أجيال.