دراسة ميدانية تستهدف كبار السن في مديرية الشيخ عثمان بعدن
يعتبر كبار السن من بين الشرائح التي تأثرت وبشدة بأزمة الغذاء والوقود والازمة المالية الحالية، حيث تبلغ نسبة كبار السن (60 سنة وما فوق) 4.7% من اجمالي عدد السكان في اليمن، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة. يعيش كبار السن إما في فقر أو معرضين لخطر الفقر لأنهم غالبًا ما يفتقرون إلى الدخل المادي، وكذلك يفتقرون الى الحماية الاجتماعية والخدمات الضرورية كالرعاية الصحية. وللبقاء على قيد الحياة فإنهم يعتمدون على أسرهم او اقاربهم، ولكن في ظل النزاع المسلح الدائر في البلاد والذي رافقه انعدام الأمن الاقتصادي، فأن معظم الأسر تكافح من اجل توفير اساسيات الحياة لأفراد الأسرة ناهيك عن كبار السن في اسرهم. واضافة لذلك، يفتقر كبار السن إلى أي شكل موثوق من اشكال الدعم الاجتماعي الحكومي.
يوجد في اليمن أربعة هياكل معاشات تغطي بشكل أساسي العاملين في القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الأمني والقطاع العسكري. ومع ذلك، باستثناء المعاشات التقاعدية لموظفي القطاع العام، كانت هذه الهياكل ذات تغطية منخفضة حتى قبل النزاع المسلح، ومنذ اندلاع هذا النزاع المسلح فقد الكثير من العاملين في كل القطاعات وظائفهم ناهيك عن رواتب التقاعد، وحتى أولئك الذين ما يزالون في وظائفهم وما يزالون يستلمون رواتبهم، فانهم يعانون بسبب انخفاض سعر صرف الريال الى مستويات غير مسبوقة، فمثلا كان الراتب التقاعدي لموظف في قطاع الامن 35000 ريال وهذا يساوي 150$ تقريبا قبل بداية الحرب، اما الان وحتى بعد زيادة الرواتب الى الضعف لتصل الى (70000 ريال) صار الراتب التقاعدي يساوى تقريبا 18$ فقط لا غير. وبالإضافة إلى ذلك، أدى الافتقار إلى توفر السكن او بدل السكن المجزي فضلاً عن محدودية دور رعاية المسنين، إلى ترك العديد من كبار السن بلا مأوى وفي حالة عوز شديد.
وبشكل عام، تم إجراء القليل من الأبحاث والدراسات حول كبار السن واحتياجاتهم في اليمن، بما في ذلك تلك المتعلقة بالآثار الحالية لأزمة الغذاء والوقود والازمة المالية وخاصة في ظل الازمات الحالية والسابقة من الصراع الدائر في البلاد وأزمة وباء كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية. وفي هذا الاطار، أجرت منظمة ملتقى صناع الحياة (LMMPO)بالتعاون مع منظمة هلب ايج (HelpAge International) دراسة ميدانية حول هذا الموضوع في نهاية 2022.
حيث استهدفت الدراسة المناطق الأشد فقرا في مديرية الشيخ عثمان وهي كود العثماني، حي المهاجرين، الممدارة والمحاريق. وهدفت الدراسة الى إثبات وتقييم آثار أزمات نقص الغذاء والوقود والدخل المالي (3Fs) خاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وأيضا الصراع المستمر في اليمن على حياة كبار السن من النساء والرجال في مديرية الشيخ عثمان، محافظة عدن، ومن ثم إشعار السياسات الوطنية والإقليمية والعالمية ودعم جهود المناصرة في هذه القضية. نتائج الدراسة تقدم العديد من التوصيات السياسية الرئيسية لمواجهة التحديات الضخمة التي تواجه كبار السن في اليمن.
حيث كانت عينة الدراسة هي عبارة عن 52 مشاركا\مستجيبا (21 اناث & 31 ذكور) مفصلين كالتالي: 35 كبار سن، 11 أقارب كبار سن، و6 من جهات حكومية\رسمية.
أهم نتائج الدراسة:
مظاهر تجلي الأزمة على كبار السن
اتفق 98% من المشاركين الذكور والاناث من كبار السن على تأثرهم بارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود ومشتقاته، حيث تدهور الوضع الاقتصادي للأسرة بشكل كبير وحدث خلل في نفقات الأسرة
أكد 68% من المشاركين الذكور على ان شراء المواد الغذائية يكون بشكل يومي
لاحظ 46% من المشاركين تجليات الأزمة في تراكم الديون على اسرهم
صرح 14% من المشاركين الرجال بعدم قدرتهم على شراء الأدوية للأمراض المزمنة
أشارت 72% من المشاركات من كبار السن إلى أن الأزمة أثرت سلباً على قدرتهن على تلبية الاحتياجات الأساسية ومتطلبات الأسرة
أشارت 17% من المشاركات إلى أن الأزمة كان لها أثر نفسي خطير عليهن مما تسبب في القلق والتوتر لديهن
تأثير الأزمة على المدخرات والديون
وافق52% مشاركاً من الذكور على أنه يتعين عليهم بيع الكثير من الأدوات المنزلية أو الأشياء الثمينة لمواجهة الأزمة، في حين اكدت 83% من المشاركات النساء على بيع ممتلكات لمواجهة الأزمة، مثل الذهب أو أسطوانة الغاز أو الأثاث أو أي أدوات منزلية أخرى.
أشارت 61% من المشاركات النساء أنه لم يعد لديهن أي أصول للبيع في حين اشار 29% من المشاركين الرجال إلى عدم وجود مدخرات لديهم في المقام الأول
أشار 18% من المشاركين الرجال إلى أنهم لم يتمكنوا من اقتراض أي أموال أخرى بسبب عدم سداد الديون السابقة
تأثير الأزمات على استخدام مصادر الطاقة والغذاء
صرح 82% من المشاركين الذكور أنه بسبب الأزمة قاموا بتقليل الوجبات إلى وجبتين أو أقل، كما أن الوجبة الواحدة أصبحت أصغر حجماً، وكذلك صرحت 67% من المشاركات النساء انهن يقللن من كميات الطعام ويستبعدن العديد من المواد الغذائية.
اكد 64% من المشاركين الرجال انهم استبدلوا الغاز بالحطب نظرا لسعر الغاز المرتفع وكذلك 44% من النساء قمن بالمثل.
أفاد 46% من المشاركين الرجال والنساء أنهم لجأوا إلى توصيل أسلاك الكهرباء بشكل عشوائي من مصادر مختلفة.
عانت 39% من المشاركات النساء من أمراض بسبب الجوع المستمر وقلة مصادر الطعام المغذي، حيث ان 17% منهن يصمن يوماً ويفطرن في اليوم التالي.
مدى الحرمان من الخدمات
وافق 60% من المشاركين الذكور والاناث على حرمانهم من الخدمات الأساسية التي من المفترض أن توفرها الدولة
أشار 22% من المشاركين الذكور والاناث الى أن المساعدات من المنظمات الإغاثية قد توقفت
تأثير الأزمة على خدمات الرعاية الصحية
أكد 64% مستجيباً على عدم قدرتهم على الحصول على خدمات الرعاية الصحية بسبب ارتفاع تكاليف الفحص الطبي والأدوية وكذلك تكلفة التنقل
أشار 50% من المشاركين الذكور إلى عدم قدرتهم على دفع تكاليف الأدوية، وبالتالي لجأوا إلى شراء الأصناف التجارية ذات الجودة الرديئة
ملاحظات رصدها الباحثين والباحثات خلال الدراسة الميدانية:
بعض المستجيبين يعيشون في منازل غير ملائمة للمعيشة، بالذات في حي المحاريق والذي يعتبر من أفقر التجمعات السكانية في عدن
تدني الروح المعنوية لدى بعض المشاركين
توجد هناك معاناة نفسية ومالية خاصة بين منتسبي الجيش و/ أو المتقاعدين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر
وجود إحساس عميق بالحزن والمآسي والصدمات النفسية وفقدان الأمل في عيون بعض المستجيبات
تبدو النساء المستجيبات نحيفات للغاية إلى الحد الذي يُقدم تأكيداً بأن ذلك يعود الى سوء التغذية
عبّرت العديد من المستجيبات عن أملهم – على الرغم من الإحساس العام باليأس – بأن يتم توفير الفرص لكبار السن لإنشاء أعمالهم التجارية المناسبة لأعمارهم
توصيات الدراسة:
الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الحكومة المركزية وعلى مستوى المحافظة:
يجب أن يتلقى كبار السن الاهتمام الكافي من البرامج الحكومية ذات الصلة. ويمكن تحقيق ذلك عبر ما يلي:
تشكيل لجنة حكومية بتوجيه من مجلس الوزراء تتمثل مسؤوليتها في دراسة ظروف واحتياجات كبار السن
تخصيص عيادات محددة في كل حي لتكون في متناول كبار السن الذين لا يستطيعون أو يجدون صعوبة في الانتقال إلى المراكز الصحية
إدراج برنامج محددة تدعم كبار السن ضمن برامج الحكومة الإنسانية والتنموية
إشراك كبار السن والمتقاعدين في أنشطة صندوق الرعاية الاجتماعية
الإجراءات التي يجب أن تتخذها المجالس والسلطات المحلية:
توفير مساحة لسماع أصوات كبار السن ومشاكلهم والاستجابة لها
تحتاج بعض برامج والسلطات المحلية الى تخصيص مكونات وموازنات برامج محددة لدعم كبار السن
الإجراءات الواجب اتخاذها على مستوى المجتمع المحلي:
السماح بتكوين الجمعيات ودعم الشراكات المجتمعية التي تنتج برامج تشمل رعاية كبار السن
تقديم التوجيه المجتمعي حول سبل تحسين الظروف المعيشية لكبار السن وأسرهم
الإجراءات الواجب اتخاذها على المستوى الدولي:
يجب تطوير استراتيجية مشتركة ورؤية على المستوى الدولي لدعم هذه المجموعة التي تعتبر شديدة الضعف
يُمكن للحكومة اليمنية إقامة اتصالات محددة مع الوكالات الإنسانية والإنمائية الدولية لتسليط الضوء على مشاكل الفئات الضعيفة المختلفة في اليمن، بما في ذلك كبار السن.
تصميم وتنفيذ برامج واستراتيجيات محددة كجزء من إعادة الإعمار والتنمية بعد انتهاء الصراع، جنبًا إلى جنب مع برامج بناء السلام التي تراعي احتياجات كبار السن.
كاتب ملخص الدراسة: عبده محمد عبدالله أحمد
ملتقى صناع الحياة (LMMPO) بالشراكة مع هلب ايج الدولية (HAI)