الوَرَع في العُرف القبلي

منبر عدن - خاص

الوَرَعْ في العُرْف القَبَلِي هو منع صاحب الأرض من زراعتها جزئياً أو كلياً وتركها (جداس) لأية أسباب خلافية مع خصمه. وطريقة المنع تتم بأن يرسل له من يقاضيه أو يدعيه غصناً من الشقر يُسمى(شُقرة الورع) وإلى جانبها جزءاً من مقبض الحجنة الزراعية (حُكْل الخنزرة) وهذا يعني (قُصران) له ليرفع يده عن زراعة الجربة المحددة حتى حل المشكلة التي استدعت ذلك. 

وإذا اعترض على هذا القصران قبل حل المشكلة وذهب لزراعة جربته فقد يتطور النزاع بينهما ويحصل ما لا تُحمد عقباه. 

وهناك شكل آخر لـ"الوَرَع" حيث يقوم الشخص بوضع حجارة متناثرة في أرض خصمه تسمى (الرزم) لمنعه من زراعتها، وقد يقابله الآخر بالمثل وتظل الأرض مهملة حتى حل المشكلة.

ومع ذلك فأن العُرْف القَبَلِي يضع قيوداً صارمة تتمثل في دفع قيمة تعويضية عن الأرض التي لم تزرع، مقدارها خمسون كاساً ورأس من الغنم عن كل (حَبْل من الطين) وهو معيار لقياس مساحة الأرض الزراعية، ويتحملها عند منطوق الحُكْم المتسبب في القضية( ). 

وقد يترك أحد الغرماء ورقة بياض صافية بيد الأمناء يطلب منهم أن يكتبوا فيها أن من فلج، أي عدم الحجة وثبت عليه الخطأ، فأنه ملزم بأن يحاسب بالخسائر والثمار( ). 

يقول الشاعر عبدالله صالح عباري في قضية توريع طين:

كما باب الفتن رَعْ قد توسَّع

 ومن حمَّل حجر بيشلّها اقماع

ورَعْ ذي ما يقايس قبل يقطع

 بيحنب يوم تُقْصَر فوق لَسْرَاع

وانا والله لا بهرج ولا افزع

 ولا بي خوف من كثر التجمَّاع

عَرَضكْ الحق ما جِسّ آتضَرَّع

 بيحصل ذلّ من جَور التضرَّاع

ولا نا ببصر الوادي مُورَّع

 فربك با يسهّل زرع (لوراع)

وعن الورع  يقول الشاعر حسين عبدالحافظ هرهرة إلى أقربائه عام 1962م:

ترِّكوا للحسد والكِبْر ذي ما بينفع

 يسمح الأخ لا عنده لخوته دعيِّه

من معه طين لا يجلس مدقدق (مُوَرَّعْ)

 ويش بتعين وابن ويس بالناخبيه

 

ويقول الشيخ راجه هيثم بن سبعة:

ذا وقتنا كلَّه وقع رجم أشْوَلْ

  ومَنْ حَضَرْ بالصَّف قد بيصاكع

واحد قفا ضِمْدَهْ وظَلِّي يعمل

  وأثنين قالوا فُكّ ضمدك (وَارِعْ)( )

ما (وارع) الاَّ ما بَتَلْ وَتْبَتَّلْ

  يذرأ جعيدي واسْبَلَهْ مَشَاكِعْ

 

ومن جواب الشاعر شائف الخالدي "باسم الموسطة" على الشاعر يحيى أحمد البرق:

ويتعبَّر الغَوْري بذي هي (مُوَرَّعَه)

 وهَدْم الشوامخ ذي بَنَهْ واعْلَه الطغاه

وكيف أهلها ظلّه بحاله مُجعجعه

 وهُمْ في حياة الذّل لا ردَّها حياه

*******

من كتابي الصادر مؤخراَ(معجم الأسلاف والأعراف القبلية في بلاد يافع)

د. علي صالح الخلاقي