المجلاب.. في اللهجة وفي الشعر الشعبي

منبر عدن - خاص

المِجْلاب: من مصطلحات الزراعية, وهو المكان الذي تتحرك فيه الجمال أو الثيران ذهاباً وإياباً عند امتياح الماء في الدلو من البئر. ومساحته طولية بحجم طول عمق البئر وينزاح إلى الأسفل بشكل انسيابي أي أنه ينخفض بالتدريج من الأعلى إلى الأسفل لتسهيل الحركة أثناء النزول حين تكون الدلو ممتلئة بالماء.
وتوضع في أسفل المجلاب حجر تُسمى(عَلَم) يرجع عندها الثوران اللذان يجران الدلو إلى الخلف مباشرة دون تجاوزها. ومن هنا جاء قولهم: "رَوِّ الحليم النجم والثور العَلَم".
وعملية متح الماء أو انتزاعه من البئر بالدلو تُسمى (السِّناءه/ السِّنَاه /السِّنَايه) وكانت تتم عن طريق ضمد من الثيران أو الجمال أو الحمير, وربما مجموعة من الناس عند الحاجة. 
ومن الاستشهادات الشعرية التي وردت فيها كلمة (مجلاب) نسوق الأمثلة التالية:
يقول الشاعر الشيخ راجح هيثم بن سبعة :

ولخجف لا عُثِرْ والاّ ترمَّز
يخُذ له داخل الـ(مجلاب) رمزه
وانا لا سَرّح الشعلا ولا اعجز
قطعنا علب بالمنشار جزّه
وليلة ما يحُط الأمر واركز
على بقعه فمن له سيف هزّه

ومن قصيدة أرسلها لصديقه الشيخ طاهر عثمان السليماني يقول الشيخ راجح هيثم بن سبعة:

من سرّح الثور (مجْلابه) ضَمَد
ثوري وثوره لما تبقى جلود
وان قال كثر العلق ما به رشد 
ما فايده بالعلق والا الكِيُود
يجزع زمان العَلَق كله نكد
أهل العلق صدوا النعمه صدود

ومن قصيدة جواب للشيخ راجح بن هيثم على الشاعر عبدالله شائف جراش يقول:

قد الضمد بـ(المجلاب) والدلو والكَرَب 
ولا هرمسه بالبير تخرج مشربه( ) 
وجمّه ببير امْحَب وجَمَّه على نخَب
ومن يعرف المسنأ فلا المسنأ اتعبه

ويقول الشاعر مثنى صالح الفردي :

عاد الشَّرَعْ عالبير من ضَمَّدْ سَنَا
ومَخْرَج الـ(مِجْلاب) لَشْعَاب الِعتُوش
ها انته تِبَاني بَانِيْ اصْلَحْت البناء
وانْ ما تباني خَلِّهْ المبنى نطُوش

ومن قصيدة (الشيطان عند الباب) للشاعر شائف محمد الخالدي يقول:
وأنا سوَّيت جلسه وانتخابي
ضمدت العيسيه في كل (مجلاب)
مَعَا با ضُمّ حَبِّي في جرابي
فزع عالحب لا ينخش بلجراب

ومن قصيدته (لو نحبث عن السُّبَّه) يقول شائف الخالدي:

ختمت قولي وعاد القلب به ما به
ما با اقنع الا عقرت الثور بـ(المجلاب)
وشُفت باقي عناصر والف اللعبه
زالوا ولا عاد باقي منهم لعاب
ما فرصه الا متى ريح الصبا هبه
يتطيب الحَبّ ذي عاده بلا طياب
والا فما زال عاد الفاس بالركبه
ما با يصح الألم بالربط والعصاب
لن بعض لجراح ما يحتاج لا عصبه
لو ما وقع للعروق الخايسه قطاب

ومن قصيدة للشاعر أحمد حسين بن عسكر، جواب على الخالدي يقول:

ليت الرَّجَاجيل عند الطين با يشرحوه
ولا قرب لـُصّْ رأس السّوم با يِكْفَحُوه
إنسان بَيَّاع رأسه لا ارتفع يِبْرَحُوه
لو صاحب الطين مُهْمِلْ لَيْش ما شلّحوه
اليوم مُشْجُحْ أمام الناس با يِشْبَحُوه
والماء في البير لا الـ(مِجْلاب) بينَزِّحُوه
مهما السّرق وسط بحر اللُّوْل ذي يِسْبَحُوه
لو يمسوا اليوم بُكْرَهْ والنبي ما اَصْبَحُوه

ويقول الشاعر محمد علي محسن الجهوري في قصيدة أرسلها للخالدي:
الصّور باينه والوضع مقلب بمقلب
وضعنا هكذا مغلوب وأحيان غلاَّب
والمواطن تقلب جنبهم مية مقلب
واعتبرته ضحيه مثل ساني بـ(مجلاب)
يسني الماء ويرويهم كرع صافي العذب
دائماً يا سواقه له على كل (مجلاب)
يا ابن مخلد نسور الجو هي ذي تطيِّب
تأكل الفائته وتطيِّب الأرض طيَّاب

ومن جواب الخالدي على الجهوري ، يقول:

ما أشتي الأم تتعثرى ولا البنت تحنب
لِنْ عاد الأمل بالأم والبنت ما خاب
والحَلَبْ قصدنا لو يجمعينه بمحلب
لي ولك خير من لا جات له مية حَلاَّب
إنَّما با نحذرهن من اليوم لشغب
لا يقع كيل من بعد المصبَّر بلقواب
أو يجف الحلب وتضَرَّر الثور لشعب
ذي عِملها جِرَبْ واضْمَدْ على كل (مجلاب)

********
بتصرف من كتابي (معجم لهجة سرو حِمْيَر -يافع وشذرات من تراثها) ومن مؤلفات عدد من الشعراء... والصورتان بعدستي .. لمجلاب في قرية آل أحمد- لبعوس وقد انتشرت فيه الأعشاب لعدم استخدامه.. والصورة الأخرى لبئر في مدخل قرية فلسان في مكتب السعدي ..

د. علي الخلاقي