توثيق التاريخ والتراث اليافعي.. ماضيه وحاضره ومستقبله

عدن - منبر عدن - خاص

توثيق التاريخ والتراث اليافعي.. ماضيه وحاضره ومستقبله

كتبه: نادر سعد بن حَلْبوب العُمَري،
أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد بجامعة عدن

1/ معنى الوثيقة في اللغة
الوثيقة مؤنث من كلمة "الوثيق"، وهو الشيء المُحْكَم، ومصدرها "وِثاقة"، تقول: ربطتُ الشيء فأوثقته، أي: أحكمتُ ربطه، ويسمى الحبل وثاقًا، ومنه قوله تعالى: {فشُدُّوا الوَثاقَ}(1)، والوَثِيقةُ في الأَمر: إحْكامه والأَخذ بالثِّقَةِ، والجمع الوَثائقُ، ويقال أَخذ بالوَثِيقة في أمره، أي أخذ بالثِّقَة وتوَثَّق في أَمره، ووَثَّقْتُ الشيء تَوْثِيقًا فهو مُوَثَّق.

ومنه "المِيثاق"، وهو العهد، وجمعه "المَواثِيقُ"، والمُواثقة: المعاهدة، ومنه قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ}(2)، وفي حديث كعب بن مالك رضي الله عنه: ((ولقَدْ شَهِدْتُ مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَواثَقْنا علَى الإسْلامِ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بها مَشْهَدَ بَدْرٍ وإنْ كانَتْ بَدْرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ مِنْها))(3)، أي تحالفنا وتعاهدنا. واسْتَوْثَقْت من الأمر، أي: أَخذ الأمر بالأَوْثَقِ، وهو الأشد الأحكم(4).

ثم تطورت الدلالة اللغوية لكلمة "وثيقة"، فصارت تطلق على الصَّكِّ بالدَّين أو البراءة منه والمستند، وما جرى هذا المجرى(5)، لأن المعاهدات والعقود عند إبرامها وتوثيقها كانت تكتب على مستند أو صك، فحملت الوسيلة اسم الغاية.

2/ معنى الوثيقة في الاصطلاح
لمصطلح "الوثيقة" معنيان، أحدهما في العُرف القانوني، والآخر في العُرف التاريخي، ويهمنا هنا المصطلح العُرفي التاريخي للوثيقة، وهو اسم يشمل كل ما يمكن الاعتماد عليه في تاريخ عصر أو أمة أو بلد أو رجل أو حادث، من مؤلفات أو مدوَّنات مكتوبة، أونقوشًا على الصخور والجدران والأخشاب ونحوها، أو وثائق رسمية وغير رسمية من أوامر الدول أو الحكام أو مكاتبات الدول ومكاتبات الأفراد، بشرط أن تكون محققة الأصالة، والوثائق يمكن أن تكون أحجارًا أو قطعًا من المعدن أو الأصداف أو الحفريات ذات الدلالة على تاريخ الأرض وأدوار ذلك التاريخ، وقد تكون أحجارًا أو معادن مهيأة لتكون أسلحة، أو أدوات تعين الإنسان في مطالب حياته، وتدخل فيها الأحجار التي أقامها البشر ليستظلوا بها، أو ليحموا أنفسهم من المطر(6).

3/أهمية الوثائق في علم التاريخ
التاريخ هو الوثائق، ولا يمكن الثقة بأي زعم منسوب إلى التاريخ ما لم يكن موثَّقًا بالمفهوم التاريخي العام للوثيقة. وتُعَدُّ علوم الآثار، وتحقيق المخطوطات، والمسكوكات النقدية، والأنثروبولوجيا، من العلوم المساعدة لعلم التاريخ، ولا بد أن تكون للمؤرخ معرفة بهذه العلوم. والواجب على الباحث في التاريخ أن يفتش عن الوثائق والأصول التاريخية اللازمة لدراسته.

4/أنواع الوثائق
يمكن تقسيم الوثائق إلى قسمين: مادية وغير مادية. 
أولًا: الوثائق المادية. وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: محسوسة، ومكتوبة، ومسجَّلة بالصوت والصورة.
1- الوثائق المحسوسة. وهي شواهد النشاط البشري المادية غير المدوّنة، وهي أقدم الوثائق البشرية، مثل العمران والرسم والنحت وسك النقود وأنظمة الري والزراعة وشق الطرقات وصناعة الأدوات التي تسهل الحياة، والأسلحة وما أشبه ذلك. 
وهذا النوع من الوثائق يكشف أسرار حياة الإنسان وبعض تفاصيلها في عصور ما قبل التاريخ، وفي العصور التاريخية اللاحقة، وهي محل عناية علم الآثار وعلم التاريخ(7).

2- الوثائق المكتوبة. وهي المدونة بالحروف الهجائية لكل لغة من اللغات، على الصخور أو الأخشاب أو في جدران الكهوف أو على المعادن أو على جلود الحيوانات أو الورق. وقد اخترع البشر الكتابة لحفظ علومهم وآدابهم وحقوقهم حتى تتوارثها الأجيال. وكانت هناك وظيفة "الكاتب" في قصور الحكام والولاة وفي دواوين الدول والمحاكم وغيرها، وكان التدوين هو وظيفة الكاتب عبر التاريخ.

وأقدم الأبجديات المعروفة هي السومرية والأكدية في الهلال الخصيب "العراق والشام"، التي تعود إلى ما قبل خمسة آلاف سنة من الآن، ثم تطورت الأبجديات وطرق الكتابة عبر العصور حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في عصرنا هذا.

3- الوثائق المسجَّلة بالصوت والصورة "مرئية ومسموعة". وهي طريقة حديثة للتوثيق، ظهرت في العصر الحديث، مع اختراع آلة التصوير سنة 1826م، وتطويرها لاحقًا، ومع اختراع آلة التصوير السينمائي المتحرك سنة 1894م، وكذلك اختراع آلة تسجيل الصوت سنة 1857م، وتطويرها لاحقا، حتى وصلنا إلى أجهزة التصوير والتسجيل الرقمية المتاحة اليوم لجميع البشر.

ويدخل في هذا النوع من التوثيق جميع الصور الفوتوغرافية والرقمية وأفلام الفيديو والتسجيلات الصوتية منذ اختراع هذه الأنواع من التوثيق إلى الآن، فكل صورة وكل فِلْم مرئي وكل تسجيل صوتي يعد وثيقة بذاته.

ثانيًا: الوثائق غير المادية. وهي نفسها عناصر التراث الثقافي غير المادي، من لغات محكية وعادات وأعراف وآداب شفهية وفنون ومعتقدات شعبية وغيرها، فشيوعها في المجتمع دليل على أنها موروثة من أزمنة سابقة، ويمكن الاستدلال بها والوصول عبرها إلى أحوال السابقين في هذه الأمور.
وقيمتها عالية الأهمية، فهي الدليل الفعلي على عراقة الشعوب وقدمها في التحضر والتمدن البشري وعلى اتصال الأجيال بعضها ببعض، وقوة هذه الثقافة وديمومتها وقدرتها على البقاء والانتقال عبر الأجيال والعصور.
ومثلًا عندما تجد كلمة مستعملة في لغة أو لهجة محكية تشابه كلمة من لغة مندثرة، فإن المعنى اللغوي الحي يشير إلى معنى الكلمة ذاتها في اللغات القديمة، فتكون اللغة أو اللهجة المحكية وثيقة مفسِّرة لما مضى من لغات البشر ولهجاتهم.

5/التوثيق في بلاد سرو حمير "يافع"
بلاد يافع هي مرتفعات جبلية واسعة في شمال شرق مدينة عَدَن، يقع أغلبها بين محافظتَي لَحْج وأبين من محافظات الجمهورية اليمنية (حاليًّا)، وقد عُرفت أيضًا باسم "سَرْو حِمْيَر". و"يافع" من القبائل الكبرى في جنوب الجزيرة العربية، وتاريخها وتراثها جزء من التاريخ والتراث العام للشعوب القاطنة في شبه جزيرة العرب.

وقد عرفتْ بلاد يافع التوثيق منذ أقدم العصور، ففي التوثيق المادي: نقف أمام شواهد تاريخية موغلة في القِدم، من فن معماري فريد، وأنظمة زراعة وري وبناء للأراضي الزراعية، ومن رسوم صخرية متناثرة في الشعب وبطون الأودية، ومن نحت للتماثيل، ومن عملات معدنية تعود إلى أزمنة مختلفة.
وقد عُثر في يافع على مجموعة قيّمة من النقوش المكتوبة بخط المسند، وأغلبها في مديرية الحد، وخضعت هذه النقوش للترجمة والدراسة من علماء آثار متخصصين، ودراساتهم منشورة.

ويبهرنا الأجداد بحرصهم الشديد على تسميات الأماكن، فما من قطعة صغيرة من الأرض إلا لها اسم معلوم يعيِّنها ويميزها عن غيرها، في الجبال والوديان، وكثير من هذه الأسماء قديمة جدًّا تعود إلى آلاف السنين، بقيت فيها مخلّفات اللهجات العربية الجنوبية القديمة من حِميرية وقَتْبانية وغيرها، وكل قطعة أرض منها موثقة بسجلٍّ شرعي يحدد اسم المشتري والبائع وتاريخ البيع وحدود الأرض وثمنها وكاتب الوثيقة وشهودها بما يزيل أي التباس أو نزاع في المستقبل.

وكانوا يسمون وثائق الأرض "السجلّات" أو "الأقلام"، وكانت هذه السجلات تُحفظ بعناية في وعاء خاص مصنوع غالبًا من جريد النخل "العَزَف"، محمي من الأَرَضة والرطوبة يسمونه "التَّوْرة" أو "القَبْضة" فإذا كبر يسمونه "الفاتِية"، فإذا كبر يسمونه "القَفَص" أو "الصندوق"، ويصنع القفص والصندوق من الخشب أو الحديد. وكانوا يعدُّون هذه الوثائق أمانة لدى من يحتفظ بها، ولا تُفتح إلا في ظروف خاصة بحضور من يمثِّلون الأملاك الواردة فيها. ولهم في تعطيف السجلّات طريقة تحميها من التكسّر والانعطاف، إذ كانوا يطوونها طيًّا ويلفُّون بعضها ببعض حتى تصير صغيرة في حجم الإصبع، ثم يكتبون على الطيّة الأخيرة محتوى السجل في سطر واحد، حتى يوفروا على أنفسهم جهد الفتح لكل وثيقة عند البحث عن سجلٍّ مخصوص منها.

وتحتفظ أقفاص السجول أيضًا بوثائق أحكام شرعية وعُرفية وبمراسلات في أزمنة مختلفة، تحوي في طيِّها معلومات تاريخية تفصيلية قيمة ومجهولة من غياهب القرون السابقة. وكان كُتّاب السجول غالبًا من بيوت محددة، من السادة والقضاة والمشايخ والفقهاء، وكانت شرعية الكاتب مستمدة من تكليف سلطاني رسمي يسمونه "الإقامة على الجهة"، يكتبه السلطان للقاضي أو الفقيه ويحدد له مهامه وجهة عمله.

وتوجد في بلاد يافع حاليا عشرات الآلاف من الوثائق المكتوبة على الورق، أقدمها في الغالب يعود إلى القرن العاشر الهجري "السادس عشر الميلادي"، فإذا دخلت إلى القرن الحادي عشر زادت تلك الوثائق، وكلما تقدمتَ قرنًا زادت الوثائق كثرة ووفرة.

ويندر جدًّا وجود وثائق ورقية يافعية تعود إلى ما قبل القرن العاشر الهجري، وأغلب ما ظهر منسوبًا إلى ما قبل هذا التاريخ مزور ظاهر التزوير، ولعل السبب في هذه النُّدرة هو طول المدة الزمنية التي تتلف معها الأوراق، وتغيُّر الملكيات في تلك الوثائق القديمة، وصارت مما يسميه الناس في يافع "الجُبُوح"، فاستغنى الناس عنها وأتلفوها في الماضي، مع فشوِّ الجهالة، وهيمنة العقلية المعيشية على الناس، وغياب الوعي بالأهمية التاريخية للوثائق القديمة.

ومما يلاحظ أن الوثائق القديمة التي تعود إلى ما بين القرن العاشر ومنتصف القرن الثاني عشر يغلب عليها جودة الخط وجمال التعبير ودقة التوثيق، مما يشير إلى أن كَتَبة الوثائق كانوا على نصيب عالٍ من التعليم والفقه، ثم يغلب على الخطوط وعلى صيغ العقود الرداءة من أواخر القرن الثاني عشر حتى القرن الماضي.

أما في الكتب المخطوطة، فأغلب المخطوطات التي عرفتها يافع في القرون الماضي كانت من المصاحف، وكانت تُكتب داخل يافع أو تشترى من أماكن أخرى، وتوقف غالبا للمساجد، والمؤسف أن كثيرًا من هذه المصاحف المخطوطة فُقِدت، بعد سرقتها من المساجد القديمة في يافع، ولم يبقَ منها سوى مصاحف قليلة محفوظة عند بعض الناس.

وهناك مجاميع قليلة من مخطوطات الكتب، في علوم الشريعة من تفسير وحديث وفقه وتصوف وخطب منبرية، أما في التدوين التاريخي فلم نجد إشارة إلى مصنفات تاريخية خاصة بيافع إلا كتاب "مسيَّرات يافع" الذي صنفه أحد فقهاء آل الطيّار في القرن الثالث عشر الهجري، ودَوَّن فيه تفاصيل الحروب بين يافع والدولة القاسمية، وقد بقي هذا المخطوط إلى القرن الماضي، واطّلع عليه المؤرخان أحمد فضل العبدلي "القُمندان" وصلاح البكري ونقلا عنه في مؤلفاتهما، ثم فُقِد بعد الاستقلال، وما زال هناك أمل في العثور على نسخة منه في خزائن يافع في قادم الأيام إن شاء الله.
وأقدم كتاب مطبوع عن يافع هو "في شرق اليمن يافع" للأستاذ صلاح البكري، المطبوع في بيروت سنة 1374هـ/ 1955م، ويعد هذا الكتاب وثيقة قيمة بما يحمله من معلومات أولية ومهمة.

وإذا انتقلنا إلى التوثيق التسجيلي بالصوت والصورة، فسنجد أن لدينا تراثًا شخصيا وافرًا مسجلًا ومصورًا يبدأ غالبًا من منتصف القرن العشرين الميلادي، ويحتفظ كثير من أبناء يافع بألبومات صور شخصية وعامة توثق القرى والأماكن في مراحل نموها وتوسعها في هذا العصر، وهناك أشرطة "كاسيت" و"فيديو" كثيرة محفوظة في البيوت فيها تسجيلات شخصية وفيها مواد تراثية من شعر وغناء شعبي وحفلات الأعراس والأعياد وغير ذلك.
أما التراث غير المادي فبلاد يافع غنية بالعادات والتقاليد التي تشمل كل جوانب الحياة وبالأعراف القبلية وبالآداب والفنون والمعتقدات الشعبية التي هي موروث منقول إلينا عبر أجيال كثيرة ومن أزمنة قديمة عابرة لحضارات وأديان ودول كثيرة تعاقبت على هذه الأرض. وللشعر العامي نصيب وافر من اهتمام الناس، وفي كل جيل يبرز شعراء كبار يحفظ الناس أشعارهم ويتناقلونها بينهم.

ولما كانت الذاكرة البشرية هي وسيلة حفظ هذه الأشعار، مع غياب التدوين لها في الماضي، فقد ضاع أكثر ذلك الشعر، ولم يصل إلينا عن شعراء يافع قبل القرن الرابع عشر الهجري "العشرين الميلادي" إلا أقل القليل من أسماء الشعراء أو أشعارهم.
 

6/الواقع في مجال التوثيق في يافع
الى ما قبل سنوات من الآن، لم تكن هناك عناية واهتمام بدراسة الوثائق الخطية واستخلاص المعلومات منها في يافع، ولا بجمع الآثار وحفظها، ويستثنى من ذلك ما قامت به السلطة المحلية في مديرية الحد في ثمانينيات القرن العشرين الميلادي من إنشاء مخزن للآثار، لاسيما بعد اكتشاف قطع أثرية ونقوش مهمة في خربة هَدِيْم قُطْنان.

ومع اتساع رقعة التأليف في يافع، وظهور مصنفات ودراسات تتعلق بتاريخ يافع وتراثها في السنوات الماضية، ازداد الوعي بأهمية التوثيق وقيمته، وقامت في يافع ما يمكن أن نسميها "ثورة توثيق"، والتفت الناس الى ما بين أيديهم من سجول، وقاموا بقراءتها وتصويرها وتتبع أسماء الأجداد وعمل مشجرات للأسر والقبائل. ولمشروع "الموسوعة اليافعية" الذي بدأناه سنة 1425هـ/2004م، وما زال العمل جاريًا فيه إلى الآن، تأثير كبير في توجيه الناس إلى هذه الوثائق ودفعهم إلى الاهتمام بها والاستفادة منها، لاسيما بعد أن تحول هذا المشروع إلى مؤسسة متعددة الأنشطة، ولله الحمد والمنّة.

ولكن مع ذلك كله ما زالت حركة الوعي في بداياتها، وما زال هناك كثير مما لم يظهر ولم يُدرس، إما لقلة الاهتمام أو لوجود موانع من حبس للوثائق أو وجود نزاعات تحول دون ظهورها، ويخشى على هذه الوثائق من التلف دون الاستفادة من محتواها.

وقام جماعة من الباحثين في العقود الأخيرة بجمع كثير من الشعر الشعبي لشعراء يافع في القرن الماضي ونشره، وما زال هناك كثير مما لم يدوّن ويُنشَر، وكذلك قاموا بجمع كلمات اللهجة العامية اليافعية ومعانيها، وجمع الأمثال وشرحها، وتدوين جوانب من العادات والتقاليد والمعتقدات الشعبية والقصص الشعبية، وغير ذلك من جوانب التراث، وكانت الانطلاقة الأولى لهذه الأعمال بتأسيس منتدى يحيى عمر للثقافة والفنون سنة 1411/1991م. ولا ننسَ في مجال جمع التراث جهود الأساتذة أ.د. علي صالح الخُلاقي صاحب النصيب الأوفر من هذه الجهود، والأستاذ محسن بن محسن دَيّان، والأستاذ صالح عمر بن غالب والأستاذ ناصر حسن الكَلَدي، وغيرهم من الباحثين الأفاضل.

وفي مجال توثيق الآثار هناك جهود متفرقة في عدة مناطق من يافع، لجمع التحف من الأدوات القديمة وحفظها في مكان آمن، وأذكر هنا على سبيل المثال جهود بعض الإخوة في بلدة بني بكر وفي قرية القُدْمة في المَوْسَطة وفي قريتي الجُرْبة ومَنْفَرة في المفلحي وفي مدرسة الشَّعْب في السعدي ومدرسة العُمَري وكلاهما في مديرية رُصُد وفي مدرسه الخَشناء في سَرار.
وفي مجال توثيق الصور وأفلام الفيديو توجد جهود محدودة لبعض الإخوة، وقد أولينا هذا الجانب عناية كبيرة في مؤسسة الموسوعة اليافعية، وتوجد لدينا آلاف الصور الحديثة، والعشرات من أفلام الفيديو لكل قرى يافع، منذ سنة 2004م حتى الآن.

7/المأمول في جانب التوثيق في يافع
نأمل أن تتحقق المشاريع الآتية في السنوات القريبة القادمة إن شاء الله:
أولا: إنشاء مركز وثائق يمكن أن نسميه "مركز يافع للتوثيق"، يقوم بما يلي:

1-  تقديم خدمة تصوير الوثائق ضوئيا بجودة عالية ولا يشترط أن يحفظ المركز كل ما يصوره وإنما يكتفى بما هو متاح مما يخدم التاريخ والتراث ولا يسبب نزاعا.

2-  خدمة الترميم للوثائق التالفة.

3-  جمع كل ما يتعلق بيافع من مستندات وصحف ومجلات وكتب ومقالات من الأنترنت ووثائق في أرشيفات الداخل والخارج.

4-  جمع كل مادة مصورة أو مسجلة من أفلام ومقاطع وصوتيات وصور وغيرها وتصنيفها.

5- تدوين التراث الغير المادي والعناية به، وخصوصًا الشعر العامي.
وهذا المشروع الضخم والمهم يحتاج الى تعاون وتظافر للجهود بإنشاء لجنة من أهل الاختصاص والثقة والأمانة وإعداد دراسة تفصيلية للمشروع والسعي للتمويل والتنفيذ.

ثانيًا: تشجيع الجهود الأهلية في مجال جمع الآثار وإقامة المتاحف في القرى والمدارس، تمهيدًا لإنشاء متحف كبير في المستقبل.

ثالثا: ضرورة أن تعتني السلطة المحلية في مديريات يافع بالمواقع الأثرية من قلاع وحصون ومساجد ومواجل وطرق جبلية وغيرها، وأن تحميها من العبث وتصونها من التلف.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

عدن، بتاريخ 13 جمادى الثانية 1446
الموافق 14 ديسمبر 2024م.

=======
مراجع المقال:
1- سورة محمد: 4.
2 – سورة المائدة: 7.
3 – الحديث اتفق عليه الشيخان.
4 - ابن منظور، لسان العرب، مادة "وثق" بتصرف، ط دار المعارف، القاهرة، ج6، ص4764.
5- عدة مؤلفين: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة، مادة "الوثيقة".
6- ينظر: حسين مؤنس: التاريخ والمؤرخون، دار المعارف، القاهرة، 1984م، ص51.
7 - الناصري، سيد أحمد علي: فن كتابة التاريخ وطرق البحث فيه، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 1982، ص193.