رسالة إلى انجلينا جولي

منبر عدن - خاص

أنجلينا جولي لا تعني لي شيء ولا حتى أرى فيها أي ملمح فتنة حقيقي، امرأة عادية بكل معايير الجمال التي أومن بها، أنظر إليها فأجدها متواضعة، ليست مثيرة ولا مغرية ولا يمكن أن تحرك في داخلي شيء. إنها في المجمل امرأة عادية لا تستفز قريحتي، كما ليس بوسعي أن أشعر إزاءها بالدهشة.

تفاصيلها هادئة على نحو طبيعي وملامحها يمكن أن تعثر عليها عند أي امرأة أخرى، قد تغدو شهية في لحظات تجلي محدودة وخاطفة؛ لكنها لم تكن يوماً ما خارقة ولا أظنها ستفعل ذلك في المستقبل. هي من تلك النوعيات من النساء اللواتي بمقدورك مصادفتهن بأقرب شارع، بل لربما في حافتك تعيش العديد من الفتيات اللواتي بمستوى جمالها.

لا أقول أنها معدمة الجمال بصورة نهائية وبحيث أتبخسها حقها بالكامل، في الواقع لديها بعض مآثر الفتنة التي لا أستطيع أن أجردها منها، فيما المبالغة في تمجيد روعتها-على قرار ما يفعله بعض الكتاب اليمنيين المحتفلين بها- ليس محض ارتجال عاطفي ساذج وغير موضوعي فحسب، بل ويفصح عن خيالات متواضعة.

أعترف أني لا أتابع أنجلينا جولي كثيراً، ولا أرصدها كباقي النساء الأخريات المعجب بهن؛ حتى مع كونها ممثلة ذائعة الشهرة، كلما أعرفه عنها أنها ممثلة أمريكية بارعة ومشهورة… لم أشاهد كل أعمالها، شاهدت لها  بعضاً منها، لكني أعرف أنها واحدة من أبرع الممثلات العالميات.

مؤخراً أصبحت هذه الممثلة واحدة من أكثر المهتمين في الشأن الإنساني العالمي، تناصر المطحونين والغلابى بحس إنساني رفيع ولها أيضاً مواقف أخلاقية مشرفة حيال الكثير من القضايا الإنسانية.. ومن هنا ينبع مجدها وعظمتها وأصالة معدنها. فلا أعظم من أن تحمل في داخلك هم أخيك الإنسان أياً كان لونه ومنبته، تناصر قضاياه، تنتفض معه ضد كل ما يؤذيه، وتنحاز لمصيره على الدوام: وهذا ما تفعله العظيمة أنجلينا جولي دائماً، ومن أجل هذا هي اليوم موجودة في اليمن.

من المبهج أن تزور أنجلينا اليمن، أن ترى عن قرب حجم الدمار الذي مسه، أن تشاهد الخراب المعمم في كل ركن، أن تلقي نظرة خاطفة إلى الجحيم الحقيقي، أن تذهب لتفقد المخيمات الغاصة بعشرات الآلاف من المشردين والمعدمين، وأن تلتقط من ملامح النساء المكسورات مستوى البؤس الكبير الذي ينصهر فيه هذا الوطن، هذا اليمن..
من المهم أن تفعل ذلك، ومن المهم أيضاً أن تعلم أن بلادها ومعظم البدان التي تعمل لديها-الدول الفاعلة في مجلس الأمن والأمم المتحدة- أحد المتسببين الرئيسين بكل ما حدث ويحدث لنا.

عزيزتي أنجلينا أهلاً بك في اليمن، مرحباً جولي أنتِ في البلاد المحروقة. أظنكِ ستوافقيني التسمية، كما أيضاً ستصابين بالذعر من هول الجحيم الذي رأته عيناكِ، وأيضاً ستنكسرين حينما ستتذكرين أنكِ عارية وبلا حيلة، مجردة من كل فعل بمستطاعه إطفاء هذا الجحيم.. اطمأني عزيزتي أنجلينا لن نغضب منكِ، نحن نعلم حقيقة أنكِ لستِ سوى ممثلة مشهورة بمستوى تأثير محدود، امرأة متعاطفة لا أكثر وبمنصب رمزي، وأنه من غير المجدي أن نرجو منكِ شيء أو نعتب عليكِ عملكِ.

إنه من العبث أن نطالبكِ بايقاف الحرب في بلدي مثلاً، أو أن تفعلي شيئاً جوهرياً في الموضوع؛ فالأمر برمته خارج مهمتكِ ويفوق مستوى امكانياتكِ.. ندرك هذا جيداً يا أنجلينا، وكل ما نرجوه منكِ فقط هو أن تعلمي أن بلادكِ متسبب كبير بما جرى لنا -والبراهين كثيرة وكثير جداً- بحيث تكوني شاهدة حية على هذه المحرقة التي ساهم الغرب-خصوصاً أمريكا- بجلاء بإرسالنا إليها.
هذا كل ما نرجو منكِ أن تفعليه، أقلها لدواعي أخلاقية، وكيلا يتم أستغلال حضوركِ المدوي في وجدان الناس لأهداف دعائية مشبوهة ورثة.

عزيزتي أنجلينا جولي أهلاً بك في بلدنا المطحون، تنبهي لخطواتكِ جيداً هناك ألغام في كل مكان.
بالمناسبة أنا موقن أن طويتكِ سليمة وسليمة جداً ودائماً، إنما حذارِ من أن تكوني أحد الأدوات الناعمة للقوى الامبريالية الغربية والقذرة، التي تسعى لاستعمالكِ كخرقة بيضاء تمسح بها قذاراتها النتنة.

مرة أخرى كوني بخير عزيزتي جولي، كما لا تنسين بعد إن تنتهين من زيارتكِ لليمن وتعودين إلى منزلكِ، أن بلدكِ تعد متسبب مباشر في كثير من الألم المحفور على جباه نساء المخيمات اليمنية… أبصقي في وجوه الساسة الأمريكين، أو قولي عليكم اللعنة يا حقراء  العالم، أنتم تبيدون شعباً باكلمه… أو تساعدون بوضوح من يفعل ذلك.