الوديعة السعودية .. مشتقات نفطية وقمح
لن تكون كالوديعة السابقة للمواد الغذائية الأساسية التي لم يستفيد منها الشعب بصورة مباشرة ، وأخشى أن تكون هذه الوديعة أو القرض توريطة جديدة تقضي على البقية الباقية للريال اليمني ، أتمنى أن يكون تحليلي هذا في غير محله ، المبني على أرقام صحيحة وسرد لاحداث مؤسفة سابقة ، فكرة الوديعة إذا تحولت إلى منحة ستحدث فرق كبير بالاقتصاد اليمني المنهار ، كمنحة مصر السابقة المقدمة من المملكة العربية السعودية من المشتقات النفطية بواقع 600 الف طن شهريا تقريبآ ، ناهيك عن تمويل مشاريع البنية التحتية ودعم مالي ضخم في خزينة البنك المركزي المصري .
أما إذا كانت الحالية بصيغتها السابقة كوديعة على غرار المنحة السعودية لوقود محطات توليد الكهرباء والدفع مقدما بسعر السوق السعودي فلن تحدث أي فرق إيجابي ، وضعنا المعيشي والإقتصادي والمالي لن يسمح بهكذا تجربة مريرة مرة أخرى ، أعتقد قررت المملكة العربية السعودية أن تكون الوديعة كقرض واجب السداد مقدما أو مؤجل لفترة محدودة .
هذا القرض أو البيع بالأجل سلاح ذو حدين ، أول دفعة من المشتقات النفطية من حساب الوديعة أو البيع الاجل أو البيع النقدي بحسب سعر سوق المشتقات النفطية في أرامكو للسوق السعودية قد تبلغ قيمتها 350 مليون دولار أمريكي للجنوب والشمال ، وهناك مبالغ أقل لاستيراد القمح ، كون السلعتان هما من تستنزفان العملات الأجنبية والإقليمية في العاصمة عدن وباقي المحافظات المحررة حاليآ ، مع الاستمرار بالمزادات العلنية بواقع مزادين كل أسبوع من 20 مليون دولار للمزاد الواحد ، أي 40 مليون دولار للمزادين .
علما بأن المزادات لم تحدث أي تحسن ولو طفيف في أسعار المواد الغذائية رغم أن تلك المزادات إستهدفت تجار الاستيراد ، الحسنة الوحيدة واليتيمة هي سحب مئات المليارات من الريالات اليمنية لا أقل ولا أكثر ، حتى تلك المئات من المليارات لم تجد طريقها إلى رواتب الجيش والأمن المنقطة منذ أشهر طويلة ، وغيرهم من المنقطعين والمبعدين والمسحوقين ، ومع عدم الإفصاح وبشفافية عن أوجه الصرف بتريليونات المال العام السابقة .
الأخطر مافي الأمر هو من أين سيتم دفع قيمة المشتقات النفطية والقمح للسعوديين وبالدولار ، فعمليات البيع للسوق المحلية في اليمن عموما والمناطق المحررة خصوصا ستكون بالريال اليمني كالعادة ( كما يصنع مستوردي المشتقات النفطية والمواد الغذائية وغيرها ) ، وبالتالي على البنك المركزي اليمني في عدن مصارفة الريال اليمني بدولار لدفع ما عليه من قيمة المشتقات النفطية والقمح للسعوديين ، وبالتالي سندخل في مأزق خطير للغاية من خلال البحث عن الدولار في السوق المحلي مما يعني زيادة الطلب وقلة العرض والدخول في سوق المضاربة بالعملات مرة أخرى ، وكأنك يا بو زيد ما غزيت .
ناهيك عن خسارة خزينة الدولة مئات المليارات من الريالات اليمنية سنويا من رسوم جمركية وضرائب كانت تفرض على المستوردين ، فشحنات أرامكو أعتقد وأتمنى أن يكون إعتقادي خاطئ ستكون معفية كنظيرتها شحنات وقود محطات توليد الكهرباء من الديزل والمازوت ، وبالتالي من المستفيد من هذا .
قرأنا قبل عدة أيام المباحثات التي جرت بين البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن و شركة النفط الإدارة العامة التي أفضت إلى الإتفاق على إنشاء صندوق مخصص لتسهيل تمويل إستيراد المشتقات النفطية من شركة ارامكو تقدم بضمانة سيادية. وذلك لغرض توفير الاحتياجات المحلية في الجمهورية اليمنية من البنزين والديزل ووقود الطائرات وبأسعار مناسبة .
ماهي الضمانة السيادية اليمنية التي طلبها السعوديين من الحكومة الشرعية اليمنية ممثلة بشركة النفط الإدارة العامة وممثل البنك المركزي اليمني في عدن ، هل هي آبار نفط وغاز حضرموت و شبوة أم عائدات بيع شحنات النفط الخام الحضرمي والشبواني أم غاز منشأة بلحاف بشبوة الذي تقتسمة شركة توتال الفرنسية بنسبة تفوق 40% ، وباقي الغاز يقسم بنسب مختلفة بين ثلاث شركات كورية جنوبية وهيئة التأمينات وهنت ، يعني ذلك أن حصة الجانب اليمني بسيطة جدا بالوقت الحالي ، أو أن الأشقاء يريدون الاستحواذ عليه على المدى البعيد بعد الانتهاء من حقوق الامتياز والعقود .
إغراقنا بالودائع والقروض نهايتها وخيمة علينا كشعب ووطن ، وبالتالي لن نخرج من جلباب عفاش أبو التوريطات في الغاز والموانئ والنفط وحتى الإتصالات وغيرها ، ماذا لو إنهارت أسعار النفط الخام والغاز ، كيف سنسدد ما علينا للجانب السعودي ، كما أسلفت إذا أرادت السعودية مساعدتنا والأخذ بيدنا ما عليها غير منحنا مشتقات نفطية مجانية لفترة معينة كمصر العربية حتى نجتاز حالة الحرب والفوضى والفشل والفساد التي نعيشها .
على الجارة السعودية أن تتعلم من تجاربها السابقة الفاشلة بشمال اليمن وتفتح صفحة جديدة من خلال حسن الجوار وترك اليمن يشق طريقة بنفسه بعيدا عن وضع العراقيل والتدخلات المباشرة وغير المباشرة بشؤونه الداخلية ، تلك التدخلات كانت نتائجها أن تعلن المملكة الحرب في اليمن من أجل الحفاظ على أمنها القومي وسلامة أراضيها ، وتكبدت خسائر مالية كبيرة بمئات المليارات من الدولارات الأمريكية ناهيك عن البشرية وأثرها المدمر على الإقتصاد السعودي .