حقائق تدحض أكاذيب.. قليلاً من المصداقية مطلوباً

منبر عدن - خاص

حين كنا نقول- وما زلنا- أن وجود مسئول جنوبي على رأس السلطة اليمنية لا يعني إنصافاً للجنوبيين ولا انتصاراً لهم أو استعادة لحقوقهم، بما فيها الحقوق المطلبية، ناهيك عن السياسية كما كان وما يزال يسوّق لذلك البعض، كان هذا البعض يصر على عناده وتضليله على عوام الناس. ليقيننا بأن هذا المسئول الجنوبي سواءً أكان رئيس جمهورية أو ما دونه لن يتصرف من موقعه كجنوبي، ولا القوانين التي يحتكم لها والتي أوصلته لمنصبه تسمح له بالتصرف بجهوية أو مناطقية، وإلا سيطير رأسه من فوق كتفيه كما حدث لسلفه، فهو أولا ًوأخيراً مسئولاً على كل اليمنيين، وإلا لما سمعنا اليوم ان محافظة أبين التي ينتمي لها الرئيس السابق هادي(عشر سنوات رئاسة) ومعه قيادات كبيرة بالدولة اليمنية محافظة مهمشة تعيش حياة الحرمان. فإن كانت محافظة الرئيس بهذا البؤس فكيف بباقي المحافظات الجنوبية الأخرى التي ليس لها رئيساً ولا حتى وزيراً يسندها إن كانت الجنوبية بمناصب يمنية تطعم جائع وتستر عاري؟.

فهل أفادت أبين جنوبية هادي ومنصبه؟ قطعاً لا. أبين كباقي محافظات الجنوب ظلت على الهامش من عام 94م. فمن تكسب باسمها منذ ذلك العام لم يفدها بشيء. والحديث اليوم عن تهميشها وكأنه وليد اليوم، وإن من يهمشها هو مجلس انتقالي قيل عنه إنه ولد ميت وأنه مجرد أداة بيد الغير هو حديث المخادعين وزُراّع الفتن الغارقون في خصم من الخصومة الشخصية والقابعون في مغارة المناكفة السخيفة والنكاية السمجة. 

فإن كان هادي ورجاله بكل إمكانيات الدولة الهائلة التي كانت معهم والصلاحيات والدعم الكبير الذي كان بحوزتهم قد عجزوا عن إنصاف أبين وانتشالها من وضعها أو توظيف شبابها واستيعابهم بوظائف الدولة، فكيف سيتمكن ذلك عيدروس الزبيدي ومجلسه الانتقالي المحشور بين قوى شمالية تتآمر عليه وبين خطاب جنوبي يوسعه شتماً وسخرية، ونخبة انتقالية تقوّض جهوده من حيث تزعم أنها تشد عضده، وهو بالكاد يستجدي ابوظبي والرياض رواتب جنوده؟.،فهل مثل هذا يقوى على توظيف عشرات الآلاف من أبين وغير أبين؟. فما عجز عنه هادي بكل الهيلمان الذي ظل يملكه طيلة عقود من الزمن لن يحققه الزبيدي خلال شهور وهو العالق في كومة كبيرة من التحديات والمهدد بالعودة الى جبال الضالع ثانية. 

فبالله عليكم من الذي همّـش أبين طيلة ربع قرن؟ وجعل معظم شبابها يئن تحت وطأة البطالة والعوز؟ ومن جعل من جبالها ووهادها مرتعاً وملاذاً للجماعات المتطرفة وساق شبابها لمحرقة التطرف طيلة عقود مضت؟ 

 ومن الذي جعل من أبنائها وقوداً للحروب طيلة السنوات الماضية، وآخرها في مأرب لتحصد منهم المئات بهجمات جوية وصاروخية؟، ومن الذي يجهزهم اليوم لمحرقة جديدة تحت اسم المظلومية ومبرر التهميش وتحت يافطة اليمن السعيد، ولدق أسفين جنوبي جنوبي ؟.

الخلاف مع الانتقالي لا يعني اختلاق الافتراءات أو تغييب الحقائق والاستعاضة عنها بمغالطات ومزاعم..،. فلا نتردد مُـطلقا بنقد الانتقالي وقياداته بل نجلدهم جلداً بلا هوادة حين نرى في ذلك ما يستحقونه، من غير تجني أو تصفية حسابات أو تشنيع.. فأبين ليست الضحية الوحيدة بالجنوب منذ عقود حتى يتم اليوم استغلال أوجاعها لمقاصد خبيثة وينبش باسمها الماضي الجنوبي الأليم، فالوجع الجنوبي واحد، والجاني واحد، والوجع تتداعى له كل أعضاء جسد الوطن، لكن للأسف البعض على عينيه غشاوة وفي أذنيه وقراً لا يريد أن يتقبل الحقائق كما هي، تستهويه شناعة نكأ الجراح وإذكاء جذوة الضغائن من جديد، بحسب الطلب والمصلحة.

مقالات الكاتب