عصر الكراني الذهبي

منبر عدن - خاص

يُعرف الكراني في الخليج قديماً الشخص الذي يعمل محاسباً ويتولى كذلك تسجيل عمليات الشراء والبيع اليومية لدى أحد التجار أو أصحاب السفن أو النواخذة.

أعتقد هي كلمة هندية أوردية، في عدن تحديداً كنا نطلق على الشخص الذي يقوم بتحصيل تعرفة المواصلات في باصات الأجرة بالكراني، واختفت كلمة كراني مع اختفاء كثير من الكلمات والمصطلحات العدنية القديمة.

تعود مهنة وليست كلمة كراني في عدن وباقي المحافظات الجنوبية المحررة بقوة هذه المرة، من خلال فرق وكتائب وألوية الجبايات والإتاوات المنتشرين كالجراد في كل شبر من عدن والجنوب، وللأسف الشديد موارد تلك الجبايات تنتهي في خزائن بعض شركات الصرافة باسم أفراد، أصبحت مهنة الكراني مطلوبة ومرغوبة حالياً، لأنها تحتاج لنوعية فريدة من البشر مجردة من القيم والإنسانية والضمير والأخلاق إلا من رحم ربي.

تساقطت أقنعة الكثيرين أمام مغريات المناصب والمال، وهناك من توسمنا فيهم الخير والنزاهة والأمانة سقطوا سقوط مدوي أمام تلك المغريات، كثيرا ما يقدم لي هذا السؤال من الأصدقاء وغيرهم على مدار سنوات الحرب تقريباً، وهو أن التحالف هو من أفسد كثير من القادة والزعماء والمسؤولين عندما أغدق عليهم تلك الأموال الطائلة بغير حساب ورقابة.

أجبته أن التحالف بريء من فسادنا وخيانتنا للأمانة كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، وجهت نفس هذا السؤال لأحد رموز التحالف العربي فأجابني نحن وثقنا بالكثيرين بعد تحرير عدن.

 

مش معقول أننا أفسدناهم جميعاً ونحن دولة لا يعرف الفساد إليها طريقاً، وبالتالي هناك للأسف الشديد من أستغل ثقتنا وكرمنا وفزعتنا في الاختلاس والاثراء غير المشروع، نحن لم نقول لفلان أختلس من أموالنا المرصودة للأفراد والتغذية والنوبات والمشاريع الخدماتية، نحن وثقنا بالكثيرين والقلة القليلة من بادلتنا الثقة على أرض الواقع، إذا كان بعض من حفظة القرآن الكريم أختلس وهرب وهم معروفين، بمن نأتي أو نتعامل معهم إذن، الأمين الصادق لا يفسد ولا يسرق أو يختلس حتى لو سنحت له مليون فرصة وفرصة.

وأضاف أن طارق عفاش كان نموذج مختلف بالساحل الغربي رغم أنه تحصل على نصف الدعم من نفس المصدر تقريبآ، ولكن طارق شيد مدينة ومطار ومحطات تحلية مياه البحر ومستشفى وغيرها من المشاريع الخدماتية، لماذا لم يصنع كالآخرين.

رحلت الإمارات من عدن والساحل الغربي والعند، وسقطت ورقة التوت التي كانت تستر عيوب كثير من الفاسدين والفاشلين، وأبتلينا بنخبة انتهازية وصولية مناطقية وشللية دمرت البلاد وأفقرت العباد ونكلت بهم.

إن توقع الاسواء وتداركه، أسهل وأقل كلفة من وقوع الأسوأ باهظ الثمن، لهذا علينا أن نعترف بأننا بحاجة ماسة إلى تدخلات جراحية خارجية طارئة قبل فوات الأوان، علينا تسليم زمام الأمور إلى تكنوقراط، لأن المرحلة الراهنة استثنائية ومعقدة للغاية وتحتاج إلى محترفين وليس إلى هواة، بهذه الأدوات المتواضعة الركيكة ذاهبون إلى حتفنا ونهايتنا مأساوية.

مقالات الكاتب