الفاشوش في حكم قراقوش

منبر عدن

الغبي بطبعه شخص طيب، ومتصالح مع نفسه بشكل غير طبيعي، وحينما تكافح لكي تنبهه بطريقة غير مباشرة عن سلوكه الغبي، يبدأ بالنظر إليك على أنك فاقد القدرة على ترجمة أفكارك، وحينما تقرر أن تواجهه وتخبره بشكل مباشر أنّ سلوكه غبي، يبدأ بالنظر إليك على أنك شخص حاقد وتحسد نجاحه.

طبعا هذا الغبي العادي محدود السلطة، لكن الغبي مطلق السلطة من الصعب أن أتحدث عنه، وسأترك الأمر للكاتب المصري محمد توفيق الذي أصّل تاريخ الغباء السياسي منذ عصر الفراعنة.

في كتابه" الغباء السياسي..كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم" يتحدث الكاتب المصري محمد توفيق عن تاريخ عدد كبير من الأغبياء الذين دمر غباؤهم دولهم، وأنهك شعوبهم، وقضى تماما على تاريخهم وحضارتهم، وفي مقدمتهم آخر ملوك الفراعنة.

لكن ما أدهشني حقا هو غبي يسمى بهاء الدين قراقوش ظهر في عهد صلاح الدين الأيوبي، وكان وزيرا.

قراقوش هذا كان فارسا شجاعا وطيبا، غير أنه كان غبيا جدا، ولا أدري فيما إذا كان كل ما قيل عنه صحيحا أو لا، لكن بكل الأحوال كُتب عنه، من خلال عدد من المؤلفات منها ما كتبه، بن مماتي تحت عنوان"الفاشوش في حكم قراقوش"

من ضمن ما أورده الكتاب عن الأحكام الغبية لقراقوش، أن أحدا من الفلاحين قصد قراقوش لكي يشتكي جنديا، وكز زوجته وهي حامل فأسقطت حملها وهي في الشهر السابع.

فحكم قراقوش على الجندي بأن يأخذ زوجة الفلاح إلى بيته، ويقوم برعايتها، على أن يعيدها لزوجها وهي حامل وفي الشهر السابع.

ويقال كذلك أن رجلا آخر قصد قراقوش لكي يشتكيه من رجل استدان منه مبلغا من المال، ولم يعيده، فقام بدوره قراقوش باستدعاء المدين، وسأله لماذا لم يسلم ما عليه للدائن، فقال المدين إنه في كل مرة يذهب للدائن لكي يعطيه أمواله لكنه لا يجده.

فحكم قراقوش على الرجل الدائن بالسجن لكي يضمن له محل إقامة دائم، وترك المدين يذهب في حال سبيله.

في الحقيقة حضرني أكثر من سؤال وأنا أقرأ تاريخ عدد كبير من الحكام الأغبياء، منها: كم قراقوش لدينا في اليمن، ومن سيكتب عنهم، أو حتى يفكر مع نفسه في ذلك؟

أما كيف يصل الأغبياء إلى كراسي الحكم، فالجواب برأيي متعلق برغبة أطراف محلية، ودولية في تدمير الأوطان من خلال دعم ثلة من الأغبياء لكي يصلوا إلى الحكم، ومن ثم يسهل التحكم بهم، وتوجيههم.

مقالات الكاتب