الإمارات.. الحليف الصادق للجنوب
وحدها الشعوب التي تعبر عن حقائق السياسة حتى وإنْ وضعت الستائر والحجب، فهذه مشاعر متدفقه لا يمكن حجبها وحتى حبسها في الأقفاص، فكلما وجدت فرصة ستخرج للتعبير عن مكنون النفوس، وهي طبيعة ألفتها الدنيا منذ نشأت وقامت وستمتد فهي طبيعة لا يمكن لأحد منعها تحت مسوغات المحاباة والمجاملة، وغيرها من مقتضيات العلاقات الدولية، غير أنها تتدفق مدفوعة بالغريزة.
فهذه شعوب تحب وكذلك تبغض لذلك لم تكن تلكم المليونية في الخامس من سبتمبر 2019 التي عنونة بمليونية الوفاء للإمارات سوى واحدة من تجليات ما يحمله شعب الجنوب العربي من مشاعر الامتنان والتقدير لدور دولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وشعباً في الوقوف مع الشعب الجنوبي في محنته بعد عقود من الظلم والإرهاب الذي تعرض له.
قبل أن يطوي العام 2022 أيامه عاد شعب الجنوب ليعيد الكرة مرة أخرى في توجيه مشاعر الشكر والامتنان الجارفة لدولة الإمارات عبر حملة الكترونية ضخمة حملت وسم (الإمارات حليف الجنوب الصادق)، حملة ملأت مواقع التواصل بعد الإعلان عن توقيع الإمارات لعقد إنشاء أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة في العاصمة الجنوبية عدن.
وقد يكون البعض يرى المناسبة طبيعية بإبرام اتفاقية لكنها في الواقع عند شعب تعرض منذ العام 1994 إلى التدمير لكياناته الاقتصادية والحيوية تعد مشروعاً واعداً، خاصة وأن ما تم ممارسته ضده كان عنيفاً من حرمانه للخدمات الأساسية حتى بعد أن أنجز الجنوبيين بكافة وعودهم السياسية والعسكرية. الإماراتيون الذين كانوا في مسافة الصفر عند احتدام المعركة في الدفاع عن المتر الأخير المتبقي في عدن شكلوا منذ تلكم اللحظة المتغير على الأرض والسياسة في بلد معقدة فيه الخيوط.
وما تشكل في تحرير عدن هو النقطة الفارقة التي أظهر فيها الإماراتيون قدرتهم في التعامل الواقعي مع كل التركة، لذلك كانت الأولوية المتمثلة في مكافحة الإرهاب عبر تشكيل قوات متخصصة من أبناء البلاد أنفسهم تستطيع القيام بالمهمات العسكرية والأمنية في سياق متوافق عليه دولياً وإقليماً لمواجهة خطر الجماعات المتطرفة، التي كانت تسيطر على المحافظات الجنوبية، وما شكلته مواجهة تنظيم «داعش» بعد تحرير عدن كان البداية العملية لعمليات اتسع نطاقها حققت نجاحات مشهودة توجت في تحرير المكلا والساحل الحضرمي في 2016.
الإرهاب الذي كان يخسر كل شبر في المحافظات الجنوبية كان يترك من بعده حاجة أخرى بتقديم الدعم الإنساني الذي أيضاً قامت به الإمارات عبر الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وهي عمليات لوجستية متقدمة استطاعت عبر تأهيلها للمؤسسات ودعمها للمنشآت من تطبيع الحياة في الجغرافية الجنوبية بشكل عام بالإضافة لجهدها الملموس عقب تحرير الساحل الغربي من اليمن بعد عملية «الرمح الذهبي»، التي شكلت فيها القوات الجنوبية رأس الحربة بعد تأهيلها من قبل القوات الإماراتية العاملة ضمن قوات «التحالف العربي».
وحتى إعلان عدن التاريخي، وما أفرز من تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كان تحت أنظار العالم والإقليم الذي تعامل مع واقع القضية الجنوبية بكافة اعتباراتها وسياقات منطق السياسة والتاريخ، وكان للدور الإماراتي دائماً حضوره بواقعية مع هذه الوقائع التي انتهت بتوقيع «اتفاق الرياض» الذي منح قانونياً الجنوبيين الحق السياسي الكامل في التمثيل المطلق لواحدة من أكثر القضايا العربي عدالة سياسياً وأخلاقياً.
ما حصل عليه الجنوب من استحقاقات سياسية كان برعاية إماراتية، وهو ما يراه الشعب في الجنوب العربي جائزة تستحق دائماً وأبداً التعبير عنها بالامتنان والعرفان فهي تذكرهم بموقف تاريخي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي كان له زيارة تاريخية لمدينة عدن 1976 شكلت كسراً لطوق عزلة الجنوب بعد الاستقلال الأول، وهو ما دائماً يستشعره الناس في الإمارات وما تقدمه للجنوبيين من دعم سياسي وإنساني.. فلذلك يرى الشعب كل الشعب أن الإمارات الحليف الصادق للجنوب وللعرب جميعاً.