التراخي الدولي مع الحوثيين وعلاقته بالمدمرة "كول"
تُعد الحرب في اليمن من أطول الحروب في العالم العربي والدولي التي تسببت بها مليشيات الحوثي الملالية التي تنفّذ أجندات خارجية، لا تؤمن إلا بالتمييز والعنصرية، حيث شارفت مدتها أن تطرق أبواب العام التاسع على التوالي في مارس المقبل.
بل إن المليشيات الحوثية تُعد من أكثر الجماعات التي فُرِضتْ عليها القرارات الدولية والأممية، والتي كان ضمنها التصويت على تصنيفها كجماعة إرهابية وحظر توريد الأسلحة إليها، ناهيك عن بيانات الإدانة الدولية والأممية المستمرة والمتتالية على المليشيات طوال الأعوام الماضية نتيجة الانتهاكات المستمرة بحق الإنسانية بالإضافة استهدافها المنشاءات الاقتصادية سواء في الجنوب أو دول الجوار.
وبعد كل تلك القرارات الأممية والإدانات الدولية، نجد مليشيات الحوثي اليوم متواجدة بشكل أقوى من الذي ظهرت عليه عام 2014م في صنعاء، بل نجد المجتمع الدولي اليوم منتظر لتلك المليشيات أن تقدم شروطها وطلباتها على "طبق من ذهب" لكي يوافق عليها جميعاً فقط كـ "عربون" حسن نية لكي توافق تلك المليشيات على تمديد الهدنة (التي لم يلتزم الحوثيون بها سابقا) مرة أخرى، ويكتفي المجتمع الدولي بهذه الجهود والانتصار "التاريخي".
وقفتُ متأملا أبحث عن أسباب القوة التي تحصلت عليها المليشيات الحوثية لكي تصمد وتجعل من الأعداء الدوليين السابقين حلفاء، وتجعل الغرب ينظرون إلى الخيار العسكري بأنه شيء "مُحال"، ويلجؤون فقط إلى خيار الحوار والتمكين، بل وأن تتحول القرارات الأممية من التضييق على المليشيات إلى اتفاقيات لتوقيف الحرب عليها لكي يتسنى لها ترتيب أوراقها مرة أخرى، كما حصل في الحديدة خلال اتفاق استوكهولم في ديسمبر 2018م.
مؤخرًا، ومع تواتر الأحداث التي أثبتت تخادم الحوثيين مع الجماعات الإرهابية سواءً في البيضاء أو مأرب أو وادي حضرموت، وإبرام العديد من الاتفاقيات والتحالفات فيما بينهم ضد أمن الجنوب واستقرار المنطقة وخصوصا الدول العربية المجاورة، أعاد إلى أذهاننا تحالفات الهالك صالح ونظام صنعاء مع الجماعات الإرهابية عقب الوحدة المشؤومة، وفتاوى تكفير الجنوبيين، وما نتج عنها من توافد واحتضان وتدريب العناصر الإرهابية من مختلف دول العالم، والتي نفذت فيما بعد الهجوم الإرهابي على المدمرة الأمريكية "كول" في 12 أكتوبر عام 2000م في ميناء عدن وأدى إلى مقتل 17 من أفراد طاقمها وجرح 39 آخرين، كأول هجوم إرهابي يستهدف حركة الملاحة الدولية.
ورقة الإرهاب في اليمن، التي استخدمها عفاش ونظامه السابق لابتزاز العالم العربي والدولي طيلة الثلاثة العقود الماضية، تعود لهدفين اثنين كما يعلم الجميع؛ أحدهما يعود إلى استمرار احتلال نظام صنعاء للجنوب ونهب ثروات شعبه، والآخر كذريعة دولية تسمح للقوى الدولية والأجنبية في تأمين خطوط الملاحة في الشرق الأوسط، وتقبض ثمن ذلك من الدول العربية.
التنسيق المسبق بين الهالك صالح وبعض القوى الإقليمية في استخدام ملف الإرهاب كأغراض تجارية ربحيّة فضحته العديد من المواقف خلال الفترة السابقة، حيث كان الهالك صالح طالما يهدّد بمواصلة احتلال الجنوب، وأن التحالف العربي لن يستطيع توقيف مشروعه وتعاونه مع الحوثيين، وأن هناك قوى عظمى تدعمه وستتدخل في الوقت المناسب، في إشارة إلى دول الغرب.
وعقب مقتل الهالك صالح، تغيّرت لغة خطاب المجتمع الدولي، مع المليشيات الحوثية، وخفت ضغوطات المبعوثين الأمميين والأمريكيين إلى اليمن عليها، حيث اُتهم أحدهم بولائه للحوثيين، فيما فرضت المليشيات بتغيير الآخر، في تراخٍ أممي يُثير الجدل والعديد من الشكوك، ويوحي لربما قد تكون تلك المليشيات تحصلت على نسخة من الضمانات الأممية وصفقات العمل الدولية التي كان يمتلكها الهالك صالح قبل مقتله.