التقارب السعودي الإيراني.. الخطوة الأولى باتجاه البريكس
روسيا قبل الصين من يُحسب لها ما توصلت إليه الرياض وطهران، إذ يأتي التقارب السعودي الإيراني بعد أن قدمت روسيا لدول الخليج معلومات دقيقة عن تورط الأمريكان في استهداف شركة أرامكو والأراضي السعودية و الإماراتية، وهو أي التقارب السعودي الإيراني مجرد عودة لعلاقة البلدين إلى ما قبل الثورة الإيرانية، وأثناء فترة عهد محمد خاتمي، وكانت تلك الفترة قد شهدت تطوراً كبيراً في علاقة البلدين، وهذا يعني أن طبيعة الصراع لم يكن له أدنى علاقة بالجانب الديني، كما لم يكن سوى فزاعة أمريكية، استُثمِرت لعقود لصالح البيت الأبيض، والكنيست الإسرائيلي.
وهذا التوجه برمّته، يعكس رؤية مختلفة كلياً عن السياسة الخارجية السعودية السابقة، ويقود هذا التوجه ولي العهد محمد بن سلمان الذي وكما يبدو بوضوح أدرك اللعبة الغربية، وتحرر من قيودها، بالإقتراب من الصين، وروسيا، وقد ساعده في ذلك الكثير من المتغيرات التي عصفت بالنظام العالمي أحادي القطب، وما ارتبط بذلك من صراع عسكري طرفاه روسيا والغرب، وتدور أحداثه في أوكرانيا، وصراع اقتصادي تتفوق فيه الصين، ويمتد على طريق الحرير فيما يعرف بمبادرة الحزم والطريق.
إنّ عودة العلاقات السعودية الإيرانية، هو تمهيد لشراكة أوسع، وتحالف أمتن، سيُكلّل في قادم الأيام بانضمام كل من إيران والسعودية إلى تحالف البريكس، وهذا الأخير تحالف أقتصادي يضم كل من الصين، وروسيا، والهند، وجنوب أفريقيا، والبرازيل، ومن المحتمل أن تلتحق به دول أخرى كمصر، والإمارات، وتركيا.
تحالف البريكس هو رافعة جديدة للنظام العالمي، ويرجح أن يشمل إلى الجانب، الاقتصادي جوانب أخرى، منها الأمنية، والعسكرية، مما يعني أن توازن الأحلاف بات ضرورة ملحة، تحمي النظام العالمي، من الاستفراد الأمريكي، ويُجنّب العالم مزيداً من النتائج الكارثية لنهج بائد، أو يكاد أن يكون كذلك.
أما انعكاسات تلك التطورات -غير المفاجئة لمن أدرك منذ وقت مبكر مؤشراتها- على الملفات العربية في دول الصراع، كاليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان، فلن تخرج عن سياق السياسة الإيرانية، وحلفائها، ولن تؤثر في كتلتها الصلبة، بل ستقويها بشكل أكبر، وتكسبها شرعية على حساب حلفاء السعودية ما قبل هذا الاتفاق.
أما ما ستجنيه السعودية من عودة المياه إلى مجاريها، فليس أكثر من إسقاط مخاوفها في ذات المياه، وتحررها من فوبيا النووي الإيراني، التي ستكون أي السعودية طرفاً أصيلا في مفاوضاته، مع ضمان سلامة أراضيها من أي تهديدات مجاورة، والأهم انعتاقها من الفزاعة الأمريكية.
أما ظلال التقارب على اليمن، وتحديدا الجنوب، فهو مقنن بضوء الاتفاق(الشروط) وبما يلبي رغبة الحوثيين، حتى وأن هرولت القوى السياسة الجنوبية دون فهم باتجاه الترحيب، وقد تزول موانع عودتهم إلى عدن، وبشكل رسمي هذه المرة.