سر صمود غزة
مع توقف إطلاق النار في غزة، تبرز تساؤلات عديدة حول سر هذا الصمود الذي أظهره سكان القطاع في مواجهة واحدة من أبشع حروب الإبادة في العصر الحديث، وهل يمكن اعتبار ما حدث نصراً أم هزيمة؟
القوى الصهـ.يونية، وبالذات اليمينية، لا تُخفي أهدافها في الصراع، المتمثلة في ثلاثة أهداف رئيسية: (تهجير الشعب، واستيطان الأرض، وتصفية القضية).
يمكن بسهولة التعرف على هذه الأهداف من خلال أدبيات الفكر الصهـ.يوني وما تنشره مراكز الدراسات الاستراتيجية الموثقة، بعيداً عن الروايات الدعائية التي يقدمها الإعلام الحربي لحكومة نتنياهو التي تحاول تبسيط أهداف الحرب بحصرها في: استعادة الأسرى وإسقاط سلطة حمـ.اس.
أهل غزة يدركون الأهداف الحقيقية للحرب، ولذا لم يتأثروا بالسردية الدعائية التي يروجها الإعلام الحربي، فاختاروا الصمود ودعم المقاومة، رغم التكلفة العالية لهذا الخيار.
اختاروا هذا الطريق لأنهم يعرفون البديل وهو التهجير وفقدان الأرض، إذ تحمل ذاكرتهم مأساة عام 1948م؛ حيث إن نحو 70% من سكان غزة هم من المهجرين من بلدات فلسطين التاريخية التي احتُلت عام 48.
وإذا أضفنا إلى هذا الوعي الشعبي بأهداف الصراع، عاملا آخر هو التربية العميقة التي غرستها حركات المقاومة في وجدان الشعب، وحوّلتها إلى ثقافة عامة ذات أبعاد إيمانية؛ لوجدنا تفسيرا مقنعا لهذا الصمود الفريد.
حين نفهم القضية بهذا الوعي وبهذا الإيمان، تتغير لدينا معايير النصر والهزيمة، ونستطيع إدراك خطأ التحليلات التي تكرر سردية الإعلام الحربي الصهـ.يوني دون بصيرة.