الواجب والحرام في ذي الحجة

منبر عدن - خاص

أثارني حديث الناس هذه الأيام في الواقع وفي وسائل التواصل حول مسألة قص الأظافر وحلق الشعر في عشر ذي الحجة حتى يُخيل للواحد أنها من أصول الشريعة وأولوياتها، وربما يجعلها بعض الدعاة والخطباء دليلا على تدين الناس واهتمامهم فيه وهذا الفهم غير صحيح بتاتا فالدين مبني على اصول وفروع وهذه الفروع تتكون من كماليات وجماليات في حال شبهنا الدين كالبناء، ولذلك فإن إثارة الإهتمام المتعلق بحقوق الأشخاص مقدم على الاهتمام بفعل المستحبات والسنن، فالقاعدة الفقهية تقول " الأصل في حقوق الله المسامحة، والأصل في حقوق العباد المشاحّة" ولو صح التشبيه لو أن لأحدنا بيت يوجد فيه خلل في القواعد أو الأعمدة فمن المعيب ان نتغافل عن هذا الخلل بينما نشغله في اختيار لون الطلاء ونوعيته، ومسألتنا هنا تماما مثل مشكلة هذا البيت فالمسائل المتعلقة بحقوق الناس هي الواجب المقدم طرحها وعلاجها شرعا وقانونا وهذا لا يفهم منه الدعوة لتخريب مؤسسات الدولة والفوضى العارمة التي تفسد ولا تصلح فكما يجب التمسك بحقوق الناس يجب زجر كل من يريد خراب الدولة ومؤسساتها،  لذلك فإن من أوجب الواجبات على الدولة هي حماية حقوق المواطن وحفظها وتوفير الخدمات اللازمة كذلك  وعلى المواطن الحفاظ على مؤسسات الدولة وحمايتها مراقبتها وعدم السماح للعبث فيها واستخدام الوسائل المتاحة قانونا كالمظاهرات ودعم المؤسسات المستقلة كالقضاء وكذلك المساهمة في دعم مؤسسات الرقابة والمحاسبة المختارة شعبيا،  وان الحرام هو دعم الفاسدين الذين يضيعون هذه الحقوق بالإستيلاء عليها أو بسوء إدارتها ولو كان هذا الدعم بكلمة أو بصمت حين تقتضي الحاجة. 
ومما نقل عن شيخ الإسلام بن تيمية قوله "إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة" وقد استنتج هذا بناء على فهم أحكام الشريعة وقراءة تاريخ الحضارات،  فهل يعي السادة الدعاة والمصلحين أن مطالب الناس المتعلقة بالحقوق كالكهرباء والماء والرواتب والأمن والحفاظ على العملة من الانهيار هي واجبات شرعية بمقتضى عقد اجتماعي بين الدولة والمواطن بتوفيرها للشعب وان عليه واجب المحافظة عليها باعتبارها حقوقه وأملاكه شرعا وقانونا . وان محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين لا يقل وجوبها عن وجوب مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه فالفساد والإرهاب وجهان مشتركان لتدمير الدول ونهب حقوق الناس.

مقالات الكاتب