لقد حانت لحظة الحقيقة.. وحان وقت القطاف

منبر عدن - خاص

اعتدنا طوال مراحل وسنوات نضالنا قديمها وحديثها على سماع بعض الأصوات الكارهة للجنوب وهي تحاول أن تخلق نوع من الشوشرة والتشويش على كل منجز يحققه الشعب الجنوبي ففي كل مرة يحقق فيها أبناء الجنوب انتصارًا وطنيًا أو عسكريًا، أن يخرج طابور من المشككين الذين لا يرضيهم إنجاز، ولا يطمئنهم نصر. أصوات نشاز اعتادت الاصطياد في الماء العكر، وبث الإشاعات المغرضة، وخلق حالة من البلبلة، وإثارة الفتن في أوساط الجنوبيين، في محاولة بائسة للتقليل من شأن الانتصارات التي تحققت خلال مسيرة النضال الطويلة، وبخاصة تلك التي صنعتها قواتنا المسلحة الجنوبية خلال العقد الأخير.

ولعل في مقدمة هذه الإنجازات الانتصار التاريخي الذي تحقق في أغسطس 2019م، والذي شكّل محطة مفصلية في مسار القضية الجنوبية، إضافة إلى الانتصارات الكبرى التي سطرتها قواتنا الجنوبية ضد فلول التنظيمات الإرهابية والقاعدية في حضرموت، واديها وصحرائها، وهو ما مثّل إنجازًا نوعيًا على طريق تثبيت الأمن وترسيخ هيبة الدولة الجنوبية المنشودة التي ينتظر الجنوبيين الإعلان عنها بفارغ الصبر.

ورغم كل ذلك، لا تزال تلك الأصوات تدعو إلى التراجع، وتحذر من “التسرع” في إعلان قيام الدولة الجنوبية، متذرعة بحجج واهية وذرائع خاوية وإنهزامية، الهدف منها زرع الإحباط في نفوس الناس، وبث الشكوك، وضرب الثقة بين الشعب وقياداته الوطنية التي لم يعد أمامها من خيار سواء الأستجابة للإرادة الشعبية الجنوبية والمطالبة بسرعة الاعلان عن قيام الدولة الجنوبية الفدرالية التي لا بديل عنها ولا مجال لقبول أي مقاربات سياسية لا تتضمن قيام الدولة الجنوبية. والحقيقة أن القيادات الجنوبية اليوم، أضحت  وأكثر من أي وقت مضى، تمتلك وعيًا عميقًا بكامل تفاصيل المشهد السياسي والعسكري والأمني، وإدراكًا دقيقًا لمجمل التطورات الداخلية والخارجية، بما يمنحها القدرة والثقة على اتخاذ القرار السياسي الصائب في اللحظة المناسبة، دون تردد ودون النظر إلى بعض الحيثيات السياسية المحبطة التي دائما ما تسعى إلى خلق المزيد من الصعاب بغية تعطيل ومنع صدور القرارات التي يترتب عليها مستقبل أمة.

إن حتمية قيام دولة الجنوب العربي لم تعد شأنًا قابلًا للنقاش أو المساومة، ولم تعد خيارًا سياسيًا مؤجلًا، بل أصبحت استحقاقًا تاريخيًا وضرورة وطنية تفرضها تضحيات الشعب الجنوبي ودماء أبطاله. فهذه اللحظة التاريخية لا تحتمل الانتظار أو التأجيل أو المماطلة، ولا يجوز إضاعتها بحسابات سياسية أنية خاطئة، أو اعتبارات غير واقعية، أو ضغوط خارجية لا تعبر بالضرورة عن الحرص الحقيقي على مصلحة القضية الجنوبية ولا على مصلحة الشعب الجنوبي.

اليوم يقف الجنوبيون أمام فرصة تاريخية نادرة الحدوث ، لا يجوز التفريط بها أو القفز عليها تحت أي ظرف كان وتحت أي عنوان كان. فقرار قيام الدولة الجنوبية بات بيد أبنائها وحدهم، وهم من يقررون مصيرهم بأنفسهم، وهم من يتحملون مسؤولية مواجهة التحديات والصعاب التي تعترض طريق دولتهم المستقلة. كما أن إعلان ساعة الصفر يجب أن يكون تعبيرًا عن إرادة وطنية خالصة، بعيدًا عن أي إملاءات أو وصايا، خاصة بعد أن خلع هذا الشعب ثوب الوصاية التي كانت قد فرضت عليه طوال أكثر من ثلاثة عقود.

لقد أثبت الشعب الجنوبي وقواته المسلحة البطلة قدرتهم على تجاوز الصعاب، وترجمة الانتصارات العسكرية إلى مكاسب سياسية حقيقية، مستندين إلى تجربة وخبرة تراكمت عبر سنوات طويلة من النضال والتضحيات. واليوم، وبعد أن نضجت ثمرة تلك التضحيات الجسام، وحان وقت الحصاد، تصبح مهمة ترجمة النصر العسكري إلى نصر سياسي، وإعلان قيام الدولة الجنوبية الفدرالية، أمرًا لا يقبل الجدل، ولا يحتمل التراجع.

إنها لحظة الحقيقة… ولحظة الوفاء لتضحيات شعبٍ صبر وصمد، ولقواتٍ مسلحةٍ كتبت بالدم طريق قيام الدولة، دولة الجنوب العربي الفدرالية، التي بات قيامها من المسلمات الوطنية التي لا يمكن القفز عليها أو إنكارها.

مقالات الكاتب