السَّلَب والاستلاب..في تراثنا الشعبي

منبر عدن - خاص

كتب/ د. علي صالح الخلاقي
--------------------

السّلَب: السلاح الشخصي بأنواعه المختلفة, وأصلها من (أسلاب) وهي الرماح الطويلة, وجاء اسمها من عملها وهو استلاب الأرواح, وكان قذف الرماح يسمى "زرقاً" لاحتياجه إلى الرشاقة والتسديد. 
وأصبح المعنى يشمل السلاح بأنواعه مما يستلبه أي يحمله الشخص. يقال:"استلبوا البنادق" أي حملوها على أكتافهم. واستلاب الضيف: هو أخذ سَلَبه "سلاحه" من قبل المضيف تقديراً واحتراماً له. وكان اليافعيون ينفقون أموالهم بسخاء في اقتناء أفضل أنواع السلاح والذخائر والتباهي بامتلاك أحدثها, ربما للحاجة إليها في ظروف الفتن والحروب القبلية التي كانت سائدة حتى عشية الاستقلال الوطني.
وكان الهدف من الاغتراب في مشارق الأرض ومغاربها أن يبني اليافعي المغترب بيتاً له ولأسرته وأن يقتني سلاحاً جيداً ويتزوج. كما كان الناس يحرصون على تعليم أولادهم الرماية منذ صغرهم, ولذلك فقد اندهش المؤرخ صلاح البكري حينما زار المنطقة مطلع الخمسينات من القرن الماضي ورأى بأم عينيه أطفالاً صغاراً يصوبون بنادقهم ويصيبون الأهداف بدقة بالغة, ووصف طفلاً منهم بأصغر جندي في العالم ووضع صورته على غلاف كتابه.
والفخر بالسلاح جعل اليافعيين يشبّهون النساء بالسلاح, كما أن الترحيب لديهم بالضيوف يكون عادة بأصوات السلاح ولعلعة الرصاص.
ومن العيب في عرفهم ترك سلاح القتيل في المعركة, حتى لا يستحوذ عليه الخصم, وقد تترك جثته إذا استحال حملها, أما أن يترك سلاحه فإن العار سيلحق برفاقه, ويقال في أمثالنا:" تَرْك السَّلب زَنْدَقَه". 
وعن أهمية السَّلب ومكانته يقال في أمثالنا:"سَلَبُك أقرب من أخيك". ومع ذلك فإن مكانة الولد تتفوق على مكانة السلب, يقال:"السَّلَبْ يفدي البَلد والبَلد تفدي الوَلد", والمعنى أن تضحي بسلاحك حتى لا تفرط بالأرض ولكن من اجل الولد فيمكن التضحية بقطعة الأرض, ومثل ذلك قولهم:"بِعْ السَّلَبْ عَالبَلدْ، وبِعْ البَلَدْ عَالوَلد". ويقال أيضاً:"حُسْن السَّلَب على المُسْتَلِب", والمقصود أن جودته تتعلق بمن يستخدمه. 
ومن أمثالنا قولهم:"خُذ من صاحبك مَرَّه ومن سَلبَك جَرَّه", أي أن تجرب صديقك وكذا سلاحك، لكي تثق بهما وتعتمد عليهما عند الحاجة.
وقولهم:"ادِّني سَلبُكْ وأنت إلْطَأ", أي أعرني سلاحك وتنح جانباً. ولا يفضل السلاح دائماً, فالمثل يقول:" كِسْب الأدَب خير مِنْ كِسْب السَّلَب", أي أن التحلي بالأدب والخلق الرفيع يغني عن استخدام البندقية. وفي معناه يقول الشاعر الشيخ  ناصر عمر بن عاطف جابر في وصاياه الشعرية:

والرابعة حمل السَّلب عـاد اللسان أحسن سلب 
 
ومن لسانه طيبه يفتح له الله كل باب
_____________________
بتصرف من كتابي (معجم لهجة سرو حِمْيَر - يافع وشذرات من تراثها)