من ينتشل هذا الجيل المغلوب على أمره؟

منبر عدن - خاص

خرجت الليلة إلى المنصورة (منصورة عدن) ومررت بمكتبة الرائد، واشتريت منها عدة كتب، منها الأعمال الشعرية الكاملة للشاعرين العدنيين إدريس حنبلة ومحمد سعيد جرادة (توفيا كلاهما سنة ١٩٩١م رحمهما الله)، وليس هذا أمرا مهما حتى أشغلكم بقراءته، وهذان الشاعران عندي بعض أعمالهما من قبل متفرقة، وإنما الذي أزعجني وأحزنني أن هذين الشاعرين وغيرهما من شعراء عدن الكبار المعاصرين صاروا غير معروفين عند جيل الشباب من سكان عدن!

...في طريق عودتي من المنصورة ركبت سيارة أجرة، وجلس بجواري شاب في عقد العشرين من العمر، وكنت أتصفح في ديوان الأستاذ جرادة، والشاب يسارق النظر إلى الكتاب، فالتفتُّ إليه وابتسمت له، ودار بيننا الحوار الآتي:
الشاب: هل هذا كتاب فيه فائدة؟
أنا: نعم، بلا شك، إنه يضم أشعار الأستاذ محمد سعيد جرادة؟ هل سمعتَ عنه؟
الشاب: لا، لم أسمع عنه!
أنا: إنه شاعر من كبار شعراء عدن، توفي قبل أكثر من ثلاثين عاما فقط.. كان ملئ السمع والبصر.. أيعقل أنك عدني ولم تسمع عنه؟!
الشاب: لا والله، لأول مرة أسمع اسمه منك الآن.
أنا: لابد أن تقرأ يا بُنيَّ، فالقراءة تصنع الوعي وتغذي العقل.

فجاملني بأنه سيهتم بالقراءة، وابتسمت له، ودخلتُ (على عادتي) في حالة طوسان وشرود لم أفق منها إلا عندما اقتربت من الموقف الذي سأنزل فيه، وكان تفكيري في هذا الجيل المسكين المغلوب على أمره، والمبتوت عن العلم والأدب والوعي.. من يتحمل مسؤوليته؟ ومن ينتشله من هذا الدرك السحيق من الجهالة؟.

ليس هذا الشاب حالة خاصة، فأنا أدرّس في إحدى كليات الجامعة، ويمر عليّ كل عام طلاب يشبهون هذا الشاب، وقلَّ من يعتني منهم بتثقيف نفسه وبناء شخصيته بناء علميا ومعرفيا شاملا..

وكتبه: نادر سعد العُمري 
عدن - الأحد ٣٠ جمادى الآخرة ١٤٤٤
٢٢ يناير ٢٠٢٣م

#

النصوص الشعرية مصورة من الأعمال الشعرية الكاملة للأستاذ محمد سعيد جرادة رحمه الله.

#أدب
#شعر
#عدن
#أزمة_الوعي