يافِع: لمحة تعريفية موجزة

منبر عدن - خاص

كتبه: د. نادر سعد بن حَلْبُوب العُمَري
(أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد – جامعة عدن)

========
مقال منشور في مجلة فنار عدن الثقافية، العدد ٢٣، سبتمبر ٢٠٢٣م
=========

تمهيد:
===
يافِع مخلاف واسع من جنوب جزيرة العرب، يُنسَب إلى بطن من ذِي رُعَيْن، إحدى البطون الكبرى من حِمْير. يقع شمال شرق مدينة عدن، بين دائرتي عرض 13 و14 درجة شمالًا، وبين دائرتي طول 45 و46 درجة شرقًا. وهذه التسمية معروفة منذ عصور ما قبل الإسلام، ويُعَرف في كتب التاريخ والأنساب بأسماء أخرى إلى جانب اسم (يافع) هي (دَهْس)، وهي التسمية التي كانت تطلق في العهد السبئي قبل أكثر من خمسة وعشرين قرنًا، و(سَرْو حِمْيَر)، أي: مرتفات حمير، وهي تسمية أُطلقتْ قبل الإسلام وبعده إلى عصر المؤرخ الحسن بن أحمد الهمداني في القرن الرابع الهجري. 
ولا تقل مساحة بلاد يافع بشِقَّيها الساحلي والجبلي عن 3,500 كم2 تقريبًا. تحدها من الشمال: بلاد البيضاء، ومن الجنوب: بلاد أهل فضل في ساحل أبين، وأطراف لَحْج والحَوَاشِب. ومن الشرق: بلاد العَوَاذل -مديريات لَوْدَر ومُكَيْراس حاليًا- ومن الغرب: بلاد الضالِع، وبلاد الأَجْعود -رِدْفان وحالِمَيْن-.

وتنقسم يافع جغرافيًّا إلى أربع مجموعات تضاريسية، هي: السهل الساحلي الجنوبي (يافع الساحل)، وهو الاسم الذي أطلِق في أواخر عهد السلطنة العفيفية على الأراضي التابعة ليافع في سهل أَبْيَن، وأهم بلداتها: جَعَار، والحصن وباتَيْس. والسلسلة الجبلية الجنوبية والغربية، وهي تشكِّل معظم بلاد يافع. والهَضبة الوسطى (تتبع مديرية لَبْعوس حاليًّا). والهضبة الشمالية (مديرية الحَد حاليًّا). وهي بمجموعها تعد أقصى امتداد للجبال الجنوبية الغربية من الجزيرة العربية، التي يسميها الجيولوجيون: الدِّرْع العربي، ويسميها العرب: جبال السَّرَوات. ويتراوح ارتفاع الجبال تدريجيًّا عن سطح البحر بين 500 – 2500 متر.

ولا يوجد تعداد يشمل جميع من ينتسب إلى بلاد يافع، لأن أبناءها تفرّقوا في بلدان كثيرة، وصار لهم وجود قوي في شبه الجزيرة العربية وغيرها من أصقاع الأرض. وقد بلغ عدد سكان منطقة يافع الجبلية في تعداد سنة 2004م قرابة 300,000 نسمة، وهذا الرقم لا يشمل أهل يافع في عَدَن وأَبْيَن وحَضْرَمَوت والمناطق الوسطى من اليمن وبقية البلدان التي هاجروا إليها. 
التوزيع الإداري لبلاد يافع:

تتوزع يافع إداريًّا في الوقت الراهن بين إحدى عشرة مديرية في أربع محافظات:

- محافظة لَحْج: وتتبعها من يافع مديريات: يَهَر، ولَبْعُوس، والمُفْلِحي، والحَدّ، وجزء واسع من مديرية حَبيل جَبْر. 
- محافظة أَبْيَن: وتتبعها مديريات رُصُد، وسَرَار، وسَبّاح، وجزء واسع من مديرية خَنْفَر. 
- محافظة الضالِع: والأراضي اليافعية هناك هي خَلّة، وشُكُع، وأغلب جبل حَرير، ووادي مَرَات، التي عُرفت بمكتب المفلحي الأسفل، وتقع حاليًا ضمن مديرية الحُصَين، فضلًا عن بلاد بني مسلَّم التي تقع حاليًّا ضمن مديرية الشَّعِيْب. 
- محافظة البيضاء: والأرض اليافعية هناك هي وادي حَمْرة الذي يتبع حاليًا مديرية الطَّفّة من محافظة البيضاء. 
وتتناثر في بلاد يافع مئات القرى الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، تحتضنها بطون الشعاب، وجوانب الأودية وقمم الجبال وروابي الهضاب وأنحاء السهول.

يافع القبيلة:

تنقسم يافع قبليًّا إلى بطنين هما بنو قاسِد، وبنو مالك، ويتفرع كل بطن منها إلى خمس مجموعات قبلية كبيرة تسمى مكاتب، وهي تسمية قديمة ذات طابع عسكري قَبَلي. فمكاتب بني قاسد هي: كَلَد، ويَهَر، والسَّعْدي، واليزيدي، والناخبي. ومكاتب بني مالك خمسة هي: المَوْسَطة، والضُّبَي، والمفلحي، ولَبْعوس، والحضارم.

وقد كانت تضم مكاتبَ بني قاسد سلطنةُ أهل عفيف في جبل القارة، وتضم مكاتبَ بني مالك سلطنةُ أهل الشيخ علي هرهرة في قرية المَحْجَبة. وهذا التقسيم قديم من قبل عهد السلطنات، حتى أُلغي رسميًّا بالاستقلال وقيام الجمهورية سنة 1387هـ/ 1967م، وبقي معروفًا متداولًا في الوسط الاجتماعي.

تعريف موجز بمكاتب يافع:

أولاً: مكتب كَلَد:

أحد مكاتب يافع العشرة، ويعد أكبرها مساحة، ويقع ضمن مكاتب يافع بني قاسِد، وتمتد مساحته من ساحل أبين جنوبًا، إلى أسفل وادي رُصُد وأعلى وادي رَخَمة شمالًا، ومن وادي سُلُب شرقًا، إلى وادي بَنَا غربًا. ويحده من الشمال مكتب يَهَر، ومن الجنوب بلاد أهل فضل وأطراف بلاد الحواشِب في أبين، ومن الشرق بلاد أهل فضل وأطراف مكتب الناخبي، ومن الغرب بلاد أهل داعِر في ردفان، وأطراف بلاد مَشْأَلة في مكتب المفلحي.

وينقسم جغرافيًّا إلى منطقتين: (الأولى): المنطقة الساحلية: وتسمى يافع الساحل، وتقع في الجهة الشمالية الغربية من سهل أَبْيَن الساحلي، شمال شرق عَدَن، وأهم بلداته في هذه المنطقة: جَعَار، والحِصْن، والروّا، وباتيس. و(الثانية): المنطقة الجبلية: وتقع في مساحة مترامية الأطراف، تنحصر بين واديي سُلُب شرقًا، وبَنَا غربًا. وتوجد فيها عشرات القرى. ومن أودية هذا القسم: وادي حَطَاط، ووادي كِلْسام، ووادي ثَنْهة، وواديا خِيْرة العليا والسفلى، ووادي قَرَظ، ووادي سَرَار، ووادي حُمّة، ووادي رَخَمة، ووادي شَقَصة ووادي وَلَخ. ومن الجبال الشاهقة فيه: جبل مَنْوَر، وجبل مَوْفَجة، وجبل أهل علي، وجبل الصحراء، وجبل لَصْفة، وجبل حُمَر، وجبل شَعْب، والجبل الأحمر، وجبل امْحِنّأة، وجبل أهل سالم، وجبل المُؤْرُك، وجبل مُرّ الأعلى والأسفل.

ويتفرع مكتب كَلَد إلى عشر قبائل كبيرة هي: الجَلّادي، والسُّنَيْدي، والسَّعيْدي، والعَلَوي، والحَنَشي، والمَنْصَري، والباقري، والجُرْدُمي، واليوسفي، والرَّهَوي. وتوجد عدة فخائذ أخرى كبيرة مثل: بني هاشم، وأهل الجَريري، وأهل سالم، وغيرهم. ومشيخة المكتب في أهل عطيّة الهُوَيْدي الجَلّادي، وقريتهم الأم هي مُريقِب والعَلاة في أعلى وادي سَرَار. وتتوزع قرى المكتب حاليًّا بين مديريات خَنْفَر، وسَرار، ورُصُد في محافظة أبين، ومديرية حَبِيْل جَبْر في محافظة لَحْج.

ثانيًا: مكتب يَهَر:

أحد مكاتب يافع العشرة، ويعد الثاني من حيث المساحة بين هذه المكاتب بعد مكتب كَلَد، ويقع ضمن مكاتب يافع بني قاسِد، وهو يتوسط بلاد يافع، وتحيط به معظم المكاتب اليافعية من جميع جهاته. حيث يحده من الجنوب مكتب كلد، ومن الشمال مكاتب الموسطة، والمفلحي، ومن الشرق مكتب كلد ومكتب السعدي، ومكتب اليزيدي، ومن الغرب مكتب المفلحي. وجميع أراضي المكتب جبلية وعرة تتخللها أودية عميقة، وأكثر هذه الأودية تتجه مسيلاتها غربًا لتصب في وادي بَنَا.

وجميع أراضي المكتب تقع ضمن نطاق السلسلة الجبلية. ومن أوديته: وادي يَهَر، ووادي مَعْرَبان، ووادي ظَبِه، ووادي حَمُوْمة، ووادي عَقْوَر، ووادي شَعْب العَرْمي، ووادي لَمِس، ووادي السَّبْسَب، ووادي تَنْحَرة (ينحدر وادي تنحرة بين قرىً تتبع مكتبَي يَهَر وكَلَد ويتوزع الوادي بين المكتبين). 
ومن جباله الشاهقة: جبل الأَمْطور، وجبل الوَطَح، وجبل أهل مُسْلِم، وجبل الجُرَيبة، وسلسلة جبال العَلَوي والرَّبيعي، وجبل لَسْيان، وجبل حَمْراء شَعْب، وجبل القاهر، وجبل حيد الجُبيري، وجبل قَمْعة بن مَشُوْش، وجبل مُحَرَّم، وجبل بِن قُمَاطة، وسلسلة جبال ظَبِه والشَّبَحي.

ومشيخة المكتب في بيت أهل سَبْعة الساكنين في قرية المُقَيْصِرة بوادي حَمومة. وينقسم مكتب يَهَر قبليًّا إلى ثلاثة عشر خميسًا في ناصفتين: (الناصفة العليا): ناصفة يَهَر حِمْيَر سَبَأ، ومشايخها أهل بن حسين، في قرية الرَّبيعة، في وادي يهر، وتندرج فيها ستة من الخموس هي: حِمْيَري الجَبَل، وحِمْيَري الواد، وحميري الوُسْطي، والعَرْمي، والعَلَوي، والرَّبيعي. و(الناصفة السفلى): ناصفة خُمْوَس بني قَحْطان، ومشايخها أهل بن شَنْظور في وادي ظَبة، وتدخل في هذه الناصفة سبعة خموس هي: خميس الظُّبْهي وخميس المُحَرَّمي وخميس العُمَري وخميس الشَّبَحي وخميس المُسْلِمي وخميس العَبْدَلي وخميس الذَّرْحاني. وتتوزع قرى المكتب حاليًّا بين مديريات يَهَر، وحبيل جَبْر في محافظة لَحْج، ومديرية رُصُد في محافظة أبين.

ثالثًا: مكتب السَّعْدي:

أحد مكاتب يافع العشرة، وهو يتوسط مكاتب يافع بني قاسِد، حيث يجاوره من جهة الشمال: مكتبا اليزيدي واليَهَري، ومن جهة الجنوب: مكتبا يَهَر وكَلَد، ومن جهة الشرق مكتب اليزيدي، ومن جهة الغرب مكتب يهر. وقد كان يطلق عليه قديمًا اسم: مكتب الفَلَاحي.

تمتد أراضي هذا المكتب في مساحة جغرافية ضمن النطاق الجبلي في بلاد يافع، حيث تتوزع القرى في قمم الجبال الشاهقة، وفي بطون الأودية العميقة. ومن أودية المكتب: وادي ظَلَمان، ووادي فَلَسان، ووادي بَيْنان، ووادي كَدْهية، ووادي ذي عَسِيم، وأعلى وادي مَعْرَبان، ووادي هِلام، ووادي رُصُد. ومن الجبال الشاهقة في المكتب: جبل السعدي، وجبل سَنِم، وجبل التَعْكَر، وجبل المُوْصِف، وجبل جار، وجبل المَحْرَس، وجبل وَهْب، وجبل البارك، وجبل تي الشارق، وجبل السوداء، وجبل نَعْمان، وجبل شَمْسَان، وجبل امْتِرّة. 
ويتفرع المكتب إلى ثمانِ فخائذ هي: الذَّوّادي، والعُمَري، والتامِي، والمُحُمَّدي، والقَبيلي، والأحمري، والبارعي والعامري، والوِعْلاني. وتوجد بيوت أخرى كبيرة، مثل بني هاشم، وأهل السَّرَحي، وأهل الحاصل، وأهل العَبَّادي، وأهل المَقْفَعي، وغيرهم. ومشيخة المكتب في أهل العَمودي الساكنين بقرية مِرْبان في وادي عِمِدات شرق جبل القارة. وتقع معظم أراضي مكتب السعدي حاليًّا ضمن مديرية رُصُد في محافظة أبين، وتقع بعض قراه ضمن مديرية يَهَر في محافظة لَحْج.

رابعًا: مكتب اليزيدي:

أحد مكاتب يافع العشرة، يقع ضمن نطاق يافع بني قاسِد، يجاوره من الشرق: مكتب الناخبي، ومن الغرب: مكتب يَهَر، ومن الشمال: مكتبا الضُّبَي ولَبْعوس، ومن الجنوب: مكتبا السَّعْدي ويَهَر. وتمتد أراضي هذا المكتب في مساحة جغرافية ضمن النطاق الجبلي في بلاد يافع، وتتوزع قراه في قمم جبل اليزيدي، وفي الأودية المحيطة به. ومن أوديته: وادي تُلُّب، ووادي دُخْلُس، ووادي الصَّعيد، ووادي الأَغْبَرَيْن، ووادي مَفْلَح، ووادي شِعْب العَرَب، ووادي سَلَفة وسِيَل اليزيدي. 
ومن جباله: جبل اليزيدي وهو جبل ضخم واسع له عدة قمم هي: السِّقِل، وقرية أهل نَفَّاج، والشَّرَف، وتي كَبَابة، واحْرَم، والقُلّة، وتي حَمَا. ومن جبال اليزيدي ايضًا: جبل مسعود، وجبل الحِلَة. وينقسم مكتب اليزيدي إلى خمس عُزَل -جمع عُزْلة-هي: النَّفّاجي، والكَبَابي، والتُّلُّبي، والحَمَئي، والسَّلَفي. ومشيخة المكتب في أهل البَطَاطي الساكنين في قرية خَضْراء اليَزِيدي. وتقع أراضي هذا المكتب حاليًّا بين مديريات رُصُد وسَبّاح في محافظة أَبْيَن، ومديرية لَبْعوس في محافظة لَحْج.

خامسًا: مكتب الناخبي:

أحد مكاتب يافع العشرة، يقع ضمن نطاق يافع بني قاسِد، يحده من الشرق: بلاد العَوَاذل (مديرية لَوْدَر)، ومن الغرب: مكتب اليزيدي، ومن الشمال: مكتب الحَضْرَمي وبلد أهل امحَيْد من قرى مكتب الضُّبَي في الحَد، وبلد أهل حُمَيْقان وأهل المُظفَّر من محافظة البيضاء، ومن الشمال الغربي: مكتب لَبْعوس، ومن الجنوب: مكتب كَلَد وأطراف بلاد أهل فَضْل في أَبْيَن.

وكثير من أراضي المكتب شعاب واسعة غير مأهولة بالسكان. ومن الجبال العالية في المكتب: جبل نصباء كَسَاد، وجبل الحيد الأحمر، وجبل الحِنْو، وجبل تِبْوال، وجبل قِرْطِيط، وجبل يَثْبُوب، وجبل الحمراء، وجبل سِه، وجبل ياواس، وجبل إعماد، وجبل ذي الحِسِي، وجبل امْخيريان، وجبل الذّلّاح، وجبل امْسَوداء، وجبل نصباء ابن هيثم، وشِعاب المَرْجَلة. ومن أودية مكتب الناخبي: أودية ذي ناخب، والعِرْقة، ونَخْرَة، وقَرَظ أهل نَسْر، وسَبّاح، وطِسَة، وحَدَق، ومَرْصَع، وشَيْوَحة، ومَضْلَل، وسُلُب، وسَبيْح، وضُبَة، والنصف الأعلى من وادي السَّيْلة البيضاء.

ومشيخة المكتب في أهل الكُهالي الساكنين في وادي العِرْقة. وفي المكتب فخائذ وبيوت كثيرة، منها: أهل الكُهَالي، وأهل امْشَق، وأهل بن ناجي، وأهل نَشّاد، وأهل مَرْشَد، وأهل بن الحاج البَلَمي، وأهل طويرق، وأهل القُحَيْم، وأهل منصور، وأهل الحُزُري (البِركي، والفَرَجي، والصُّبَيحي النشَّادي)، وأهل بن عُلَاية المنصوري، وأهل العوضي، وأهل عُمر، وأهل الرُّبَاكي، وأهل نَسْر، وأهل الكَسَادي، والغُبْران، وأهل الناخبي، وأهل مَرْصَع (وهم عدة بيوت)، وأهل عَمَّار، وبنو عَصِر، وتوجد في مكتب الناخبي بيوت أخرى لا يتسع المقام لحصرها، وقد اكتفيت بالفخائذ الأكثر عددًا منهم. وقد كانت لأهل امشَق سلطنة خاصة بهم في مناطقهم، دامت عدة أجيال، وانتهت سنة 1967م، وآخر سلاطينهم هو الخضر بن محمد صالح الشَّقِّي. وتقع أراضي مكتب الناخبي الآن بين مديرية سَبّاح في محافظة أبين، ومديرية لَبْعوس في محافظة لَحْج.

سادسًا: مكتب المُفْلِحي:

أحد مكاتب يافع العشرة، ضمن مكاتب يافع بني مالك، وموقعه في الجانب الشمالي الغربي من بلاد يافع. ويحده من الشرق مكاتب: المَوْسَطة، ويَهَر، ومن الغرب: بلاد حالمين، والضالع والشَّعيب، ومن الشمال: مكتب المَوْسَطة، ومن الجنوب: مكتب كَلَد ومكتب يَهَر. ومشيخة المكتب في أهل بن يحيى، في بلدة الجُرْبة.

وتنقسم أراضي هذا المكتب إلى قسمين: (الأول: المفلحي الأعلى): ويقع ضمن النطاق الجبلي الوعر في مرتفعات يافع، شرق وادي بَنَا. ومن أوديته: وادي ظِمِئ، ووادي حالة، ووادي ضَيْسوت، ووادي ضَمَهْيَل ووادي بن جعفر، ووادي ضَوْل، ووادي يَمَن، ووادي زَوْق مَشْألة، ووادي تي سِه. ومن جباله العالية: الجبل الأعلى، وجبل الشِّبْر، وجبل الطالبي، وجبل السالمي، وجبل رُبُض، وجبل بن لَحْمان. وتتوزع أراضيه حاليًّا بين مديرية المفلحي ومديرية يَهَر في محافظة لَحْج. 
وينقسم مكتب المفلحي الأعلى قبليًّا إلى ثلاثة أقسام هي: 1- ثلث الخُمْوَس: وتضم خمس فخائذ هي: الجُرْبي، والمَنْفَري، واليونسي، وأهل الرُّبُع، والنَّعْماني. 2- وثلث الجبل الأعلى: وهم ثلاث فخائذ هي: الذَّراحن، والدَّهارش، وأهل السليماني. وثلث المَشْألي: ويضم عدة فخائذ، منها: أهل الطالبي، وأهل السالمي، وأهل التامي، وأهل السعدي، وأهل الأصبحي. 
و(الثاني: المفلحي الأسفل): وهو أرض سهلية خصبة، تحتضنها الجبال الجيرية، تقع ضمن النطاق الجبلي الواقع غرب وادي بنا، بين بلاد حالمين في الجنوب الشرقي، وبلاد الشَّعيب في الجهة الشمالية، وبلاد الضالع في الجهة الغربية. وبلداته: خَلّة، وشُكُع، وجبل حَرِيْر، ووادي مَرَات، وبلاد بني مُسَلّم. وتتوزع أراضيه بين مديريتي الحُصَيْن والشَّعيب في محافظة الضالع.

سابعًا: مكتب المَوْسَطة:

أحد مكاتب يافع العشرة، ضمن مكاتب يافع بني مالك. وموقعه يتوسط عددًا مكاتب يافع، حيث يجاوره من الشرق مكتب الضُّبَي، ومن الغرب: مكتب المفلحي، ومن الشمال مكتب الحضرمي، ومكتب الضُّبَي، ومرتفعات جُبَن، ومن الجنوب: مكتب يَهَر، ولذا سُمِّي بالمَوْسَطة. وينقسم تضاريسيًا إلى ثلاثة أقسام هي: منطقة الهضبة: وفيها أكثر قرى المكتب كثافة سكانية. ومنطقة المرتفعات والأودية: وهي ذات تضاريس وعرة، وتقع قراها في بطون الأودية وجوانب الشعاب المحيطة بالهضبة، مثل أودية: سِيَل العياسئ، والنصف الأسفل من وادي حَطيب، ووادي الجاه في القُعَيْطي، ووادي الجبوب، ومرتفعات رَيْو. ومنطقة الحد والعَنَاق: وهي منطقة هضبية فسيحة، تقع ضمن هضبة الحد شمال بلاد يافع، وتتبع مكتب المَوْسَطة فيها بلدات: خُلَاقة وقُرَيْظة. ومن القمم المرتفعة في المَوْسَطة: جبل الحُقُب، وجبل احْرَم، وجبل العَرَاوى، وجبل ذي مَرْسُوع، وجبل الدَّرَفان، وجبل مسجد النور، وجبل تي خَيْطان، ومرتفعات رَيْو، وغيرها. ويقع جبل ثَمَر الشامخ وسطًا بين مكتبي المَوْسَطة والضُّبَي. ومشيخة المكتب في أهل النَّقيب في قرية القُدْمة. وينقسم مكتب الموسطة إلى أربعة أقسام: 1- رُبع السُّعَيْدي، والمُسْعِدي، والجَرَادي واليَسْلَمي. 2- رُبع الحَوْثري والرُّشَيْدي، والعُرْوي. 3-رُبع العيسائي. 4- رُبع القُعَيطي وبني عَلَسي والخُلاقي والرَّيْوي. ويدخل في المكتب أيضًا أهل عَيّاش الشَّرَفي، وأهل سَعيد في لَقمر أهل سعيد وأهل قرية قُريظة في الحد. ويقع مكتب الموسطة ضمن مديريات لَبْعوس والحَد، وتتبع إحدى قراه وهي: عَثَارة العليا وطَرَف عَثَارة مديرية المفلحي، وكلها في محافظة لَحْج.

ثامنًا: مكتب الضُّبَي:

أحد مكاتب يافع العشرة، يقع ضمن مكاتب يافع بني مالك. ويجاوره من الشرق مكتب لَبْعوس، ومن الشمال مكتب الحضرمي، ومن الغرب مكتب المَوْسَطة، ومن الجنوب مكتب اليزيدي. وتتوزع قراه بين هضبة وسط يافع وهضبة الحَد. 
ومن الجبال الشاهقة في مكتب الضبي: قمة الشَّرَف التي تقع فيها قرية عَنْتَر، وقمة تي الشارق، وجبل حِلْيَن في الحَد، وجبل البارك، وجبل الرُّبُع، وجبل المحالي، وجبل الطَّف، وجبل حَيْد البُصْرة، فضلًا عن جبل ثَمَر الذي يتوسط بين الضبي والمَوْسَطة كما ذكرت آنفًا. ومن أودية المكتب: وادي المَحْجَبة، ووادي سَنأة، ووادي رُسَاب، ووادي ضَبّة، ووادي أهل امحيد، ووادي رَيْشان، ووادي قُطْنان، وأودية بني بكر والفِرْدة، وغيرها.

ومشيخة المكتب في أهل بن عاطف جابر في قرية ذي صِرَى، ويتفرع المكتب إلى اثني عشر فخيذة، ست منها في هضبة يافع الوسطى وتسمى الأسداس، وست منها في الحَد. فالست التي في هضبة يافع الوسطى هي: الصُّرَئي والشَّرَفي والصلاحي والطَّفِّي والسَّعيدي والسَّلَفي. وقد انشقت عن هذا المكتب قرى لَقْمر أهل سعيد وقرية أهل عيَّاش وانضمت لمكتب المَوْسَطة، وانشق سدس السَّلَفي وانضم إلى مكتب اليزيدي في القرن الماضي. والست الفخائذ التي في الحد هي: البَكْري والفِرْدي والدّاودي والصَّبِري والجوهري والحَيْدي. وتتبع المكتب بلد الرَّدَامى، ووادي حَمْرة وقُطْنان الشَّيْوَحي. وتتوزع قرى هذا المكتب حاليًّا بين مديريتي: لَبْعوس والحَد في محافظة لَحْج، ومديرية الطفّة من محافظة البيضاء التي يتبعها وادي حَمْرة.

تاسعًا: مكتب لَبْعُوس:

أحد مكاتب يافع العشرة، يقع ضمن مكاتب يافع بني مالك. ويطلق عليه أيضًا اسم: مكتب البُعْسي. ويجاوره من الشرق مكتب الناخبي، ومكتب الحضرمي، ومن الغرب: مكتب الضبي، ومن الشمال: مكتب الحضرمي، ومن الجنوب: مكتب اليزيدي. وتتوزع قراه بين ثلاث مناطق مختلفة التضاريس هي: 
(1) منطقة الهضبة: وتقع في أقصى شرق هضبة يافع الوسطى. وتقع فيها قرى: الهَجَر، والمَغْرى، وأهل منصور، والدِّيوان، وأهل أحمد، ورباط العبّادي، وتقع فوقها من جهة الجنوب قرى أهل عمرو. وأهم أودية هذه المنطقة: وادي ذي حَوْر، ووادي بَحْر. (2) ومنطقة الأودية: وتسمى: لبعوس السِّيَل، وهي عدة أودية عميقة متجاورة تقع بين الجبال، تقع جنوب منطقة الهضبة، وشرقها، وتنحدر إلى وادي ذي ناخِب، ومن أوديتها: هَرْم، وسِخْيان، وبُرء، وثَعَالب، والصَّلُوْلة وشَرْعة. (3) ومنطقة الحَد الهضبية: وتتبع مكتب لبعوس فيها قرى: الحِصْن، والعَوَاكب، وجعابير، ووادي دان. ومن الجبال الشاهقة في مكتب لبعوس: جبل بَيْهَنة، وجبل قرن حَدّان، وجبل قَوْزَلي، وجبل هَيْلُول وجبل نَسِّي، وجبل تي الخَدَم، وجبل شَرْعة. ومشيخة المكتب في أهل الضُّبَاعي في بلدة الهَجَر.

وينقسم المكتب قبليًّا إلى ناصفتين هما: (الحَوْري والسِّيَلي). فناصفة أهل ذي حَوْر تشمل قرى المَغْرَى وأهل منصور والدِّيوان وأهل أحمد. وناصفة أهل لَبْعوس السِّيَل تشمل قرى أهل عمرو ووادي سِخْيان وبَيْهَنة ووادي بُرْء وعَدِيْوة ووادي السِّيَل والمضيقان الأعلى والأسفل في وادي ذي ناخب والصلولة وحَبَة أهل مُدَيْد وبعض قرية حَبَة الشَّقْراء. علمًا أن قريتي الهَجَر ورِباط العَبّادي غير داخلتين في التقسيم. وتتوزع أراضي المكتب حاليًّا بين مديريتي لبعوس والحَد في محافظة لَحْج.

عاشرًا: مكتب الحَضْرَمي:

أحد مكاتب يافع العشرة، يقع ضمن مكاتب يافع بني مالك. وتجاوره من الشمال والشرق هضبة الحَد، ومن الغرب: مكتب المَوْسَطة، ومن الجنوب: مكتب الضُّبَي. وتتوزع معظم قراه في النصف الأعلى من وادي حطيب، وفي قمم الشعاب المطلة عليه، وفي بطونها. ومن جباله: العُر، وحَبَة، وقمة شَرَف بن عَوْسان، والحَديدة، وكُنَابة. وأكبر أوديته: وادي حَطيب الذي يقع النصف الأعلى منه في نطاق مكتب الحضارم، ومن أوديته: حُبَاط، وعُمْق، وخُيَيْرة. ومن قراه: الشِّبْر، وضَيْئان ومَرْفَد وشَرَف الحضارم (شرف بن عوسان) وحُبَاط وغيرها. ومشيخة المكتب في أهل بن غالب في قرية الشِّبْر. وينقسم المكتب قبليًّا إلى أربعة أقسام تسمى الأرباع، وهذه الأرباع هي: السِّنَاني، والبَلْحَئي، والثُّلُثي، والمَرْفَدي. وتتوزع أراضيه حاليًّا بين مديريتي لبعوس والحد في محافظة لَحْج.

السلطنات اليافعية في العصر الحديث

نشأت في العصر الحديث سلطنتان في يافع، وكلاهما تأسستا في أواخر القرن الحادي عشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، بعد ثورة يافع على الحكم الزيدي القاسمي سنة 1092هـ، وهما سلطنة آل عفيف في القارة، وسلطنة آل هرهرة في المحجبة.

1- السلطنة العفيفية في يافع بني قاسد:

نشأت السلطنة العفيفية في يافع بني قاسد سنة 1092هـ، وينتسب سلاطينها إلى إحدى الأسر العريقة التي حظيت باحترام القبائل وقبولها. واتخذ سلاطينها من بلدة القارة مقرًّا لهم. وأول سلاطينها بعد خروج القاسميين من يافع هو السلطان معوضة بن محمد بن معوضة بن عفيف الكلدي، الذي تولى السلطنة سنة 1092هـ، وتوارث الحكم من بعده أبناؤه وأحفاده، حتى انتهت بإعلان الجمهورية سنة 1387هـ/ 1967م، وكان آخر سلاطينها هو السلطان الشهيد محمد بن عيدروس بن محسن بن علي العفيفي. وقد قام سلاطين آل عفيف وسلاطين آل هرهرة بقيادة انتفاضة يافع ضد التوسع القاسمي الإمامي في النصف الثاني من القرن الحادي عشر والنصف الأول من القرن الثاني عشر الهجريين. وكان لآخر سلاطينهم: محمد بن عيدروس دور بارز في قيادة يافع لمقاومة الاستعمار البريطاني في انتفاضته سنة 1958م التي استمرت أكثر من أربع سنوات. وقد اتخذ سلاطين آل عفيف في بلدتي الحصن وجَعَار مقرّات لحكم المنطقة الساحلية من يافع.

2- سلطنة آل هَرْهَرة في يافع بني مالك:

نشأت السلطنة الهرهرية في يافع بني مالك في سنة 1092هـ، وينتسب سلاطينها إلى الشيخ علي بن أحمد هرهرة أحد الرموز الدينية والاجتماعية اليافعية، المتوفى سنة 1043هـ. وقد اتخذ سلاطينها من بلدة المحجبة مقرًّا لهم. وأول سلاطينها هو السلطان صالح بن أحمد بن علي هرهرة، الذي تولى السلطنة سنة 1092هـ، وتوارث الحكم من بعده أبناؤه وأحفاده حتى انتهت بإعلان الجمهورية سنة 1387هـ/ 1967م، وكان آخر سلاطينها هو السلطان محمد بن صالح بن عمر هرهرة.

الطبيعة في يافع

يافع بلاد جبلية معتدلة المناخ في معظم أرجائها صيفًا، تميل إلى البرودة شتاء، وتزداد البرودة في أجزائها الشمالية المرتفعة. وأمطارها موسمية تهطل عادة في فصل الصيف، فتكتسي طبيعتها بالخضرة، وتزدهي الأرض بالزروع والأعشاب وتعود الحياة إلى الأشجار البرية التي يوجد في يافع أنواع كثيرة منها، بعضها نادرة الوجود في الأماكن الأخرى. وفي يافع تنوع حيوي يجعلها مستودعًا للكائنات الحية من حيوانات وحشرات ونباتات، فللوحوش البرية من ضباع ونمور وجود في بعض أنحائها، وللزواحف من أفاعٍ سامة وسحالٍ وغيرها وفرة في شعابها، فضلًا عن أنواع أخرى كالثعالب والقطط البرية والقرود ونحوها.

والماء في يافع غير وفير، وقد تعرضت لجفاف متعاقب منذ أن جُرف الغطاء النباتي في إعصار 1982م الذي دام فيه هطول الأمطار أربعة أيام متعاقبة، ولم يتوقف هطول المطر في السنوات التالية لهذا التاريخ، لكنه ليس بالوفرة التي كان عليها سابقًا، وصارت كثير من الأراضي مكشوفة قليلة التربة مما يؤدي إلى انسياح الماء أو تبخره بأشعة الشمس. وقد جفّت كثير من الآبار والينابيع، وأدى ذلك إلى انتقال كثير من السكان للعيش في المدن الساحلية وبلدان المهجر، وكادت بعض القرى تخلو من سكانها.

الزراعة في يافع

الزراعة هي أهم المهن لأهل يافع منذ القِدم، وقد كانوا قديمًا إلى تاريخ الاستقلال سنة 1387هـ/ 1967م يعتمدون عليها اعتمادًا كليًّا في معاشهم، وفي حال الجفاف ينزح كثير من الناس عن البلاد اليافعية إلى غيرها، وهذا يفسر لنا جانبًا من حالات الهجرة لكثير من أهل يافع إلى البلدان الأخرى. 
ورغم أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة والإنبات محدودة جدًا، سواء التي في سفوح الجبال أم في بطون الوديان، فقد أقام أهل يافع الأراضي الزراعية منذ قديم الزمان بما يتناسب مع البيئة التي يعيشون فيها، ففي الأماكن الجبلية الوعرة أقاموا المدرجات الزراعية في رؤوس الجبال، وفي أحضان الشعاب المنحدرة، وفي بطون الأودية؛ استغلالًا لهذه المساحات في تدبير الحياة. وأهم المحاصيل الزراعية في الأماكن الجبلية والأودية هي: البُن الذي هو من أجود الأنواع عالميًا، والحبوب (الذُّرة بأنواعها المختلفة، والدُّخْن والدُّجْر، إلخ...). وقد توسعت الآن زراعة شجرة (القات) -للأسف-وغزت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية على حساب المحاصيل الأخرى، خصوصًا زراعة البُن، وهي تحتاج إلى سقيها باستمرار؛ مما أدى إلى نضوب كثير من الآبار وشحة المياه. وتعتمد الزراعة في بلاد (يافع) على مياه الأمطار، لذا فقد أقام المزارعون منذ عصور قديمة أنظمة بديعة للري بما يتناسب مع طبيعة كل أرض زراعية من مساقٍ للسيول، وتُرع، وخزانات مياه، وسدود، وغيرها.

أما السهل الساحلي (أبين) فنجد فيه المزارع والحقول الواسعة التي تمتد إلى مساحات كبيرة، والتي ترتبط فيما بينها بشبكة ري حديثة من معابر ومحابس وترع ونحوها، وأهم المحاصيل هي القطن (العُطْب)، والموز، والمانجو، والباباي، والفول السوداني، والسِّمْسِم (الجُلْجُل) ذو الجودة العالية، والخضروات بأنواعها.

ويعتمد الناس في بعض مناطق يافع على رعي الأغنام، كما هو الحال في جهات البدو، كما أن أهل القرى لا تخلو بيوتهم من حظائر صغيرة للأغنام، وهي مصدر دخل مهم لكثير من الأسر الفقيرة.

أما تربية البقر والإبل فقد ضعفت كثيرًا، لا سيما بعد موجة الجفاف الأخيرة، وبسبب قلة الرغبة فيها عند الأجيال الجديدة، وقد كانت يافع إلى أواخر ثمانينيات القرن العشرين الميلادي لا يخلو بيت فيها من بقرة واحدة على الأقل. أما الدواجن فهي أيضًا قليلة تربى في البيوت، ولا تتوفر بكميات تجارية.

التجارة عند اليافعيين

عرف اليافعيون التجارة منذ القِدم أيضًا، ففي داخل يافع كانت هناك أسواق معروفة، يدور فيها البيع والشراء، وكان العرف يقضي بحرمة هذه الأسواق، فلا يعتدي فيها أحد على أحد، وتثقَّل عقوبة المعتدي ولا تنصره قبيلته، وما زالت بعض الأماكن تحتفظ باسم (السوق) رغم أنها قد اندثرت منذ قرون، مثل: رَهْوة سوق الجمعة في جبل الصحراء، وسوق الاثنين في وادي رَخَمة، وكلاهما في كلد، وشِعْب السُّوْق في أسفل وادي نَخْرة بمكتب الناخبي، وشِعْب السُّوق في شِعْب مَدانة بأعلى وادي مَعْرَبان في يهر، وسوق الصَّعْوة الذي أقيم مكانه اليوم سوق رُصُد في السعدي، وسوق الثلوث، وسوق الرَّبوع في أسفل قرية مسجد النور، وكلاهما في الموسطة، وغيرها، وهناك أسواق اندثرت في أواخر العهد القبلي قبل الاستقلال مثل: سوق الصِّيْرة في الموسَطة.

أما في سنوات ما بعد الاستقلال فقد أُنشئت عشرات الأسواق في كل مديريات ومراكز يافع، وأكبر هذه الأسواق: سوق (جَعار) في مدينة (جعار)، وسوق (14 أكتوبر) وسوق (السلام) في مديرية لَبْعوس، وسوق (رُصُد) في سفح جبل (القارة)، وسوق (بني بكر) في مديرية (الحد)، وسوق القُرّاعي في المفلحي، وسوق يَهَر في وادي يهر، وسوق العسكرية في المدخل الغربي لبلاد يافع. وقد برز من أهل يافع تجار كبار ورجال أعمال وأرباب مال داخل الوطن وخارجه، ولا تخفى شهرتهم.

المهن الأخرى

يمارس اليافعيون المهن المختلفة حسب ما تقتضيه الحاجة، فقد برعوا في فنون المعمار، وتفننوا في نحت الصخور وبناء الدور وتشييد الحصون، وتفرد الطراز المعماري اليافعي عن غيره جمالًا وقوةً؛ وما زالت يافع تحتفظ بهذه المزية إلى اليوم. وتوارثت أسر بأكملها بعض المهن مثل: البناء، والنجارة، والحِدادة، وصياغة الذهب والفضة، ونسج الأقمشة وصبغها، وصنع الأدوات الجلدية، وصناعة الأواني من الخزف والصخر، والجزارة، والحلاقة، وغيرها.

الحياة الأدبية في يافع

برز من أهل يافع شعراء بلغوا درجة الإتقان والجودة عبر العصور الماضية، كالشيخ أبي بكر اليافعي، والشيخ عبدالله بن أسعد بن علي اليافعي، وغيرهما. 
وفي العصور الأخيرة غلب الشعر العامي على أهل يافع، فبرز منهم فيه كثيرون، أمثال أبي مُعجِب يحيى عمر الجَمَالي اليافعي الذي يعد أشهر شعراء يافع على الإطلاق، حتى إن شعره شائع ذائع يغنى في أنحاء الجزيرة العربية والهند، ومنهم الشيخ راجح هيثم بن سبعة اليهري، والشيخ صالح سند اليزيدي، وغيرهم. وأشهر الشعراء الشعبيين المعاصرين: شائف محمد الخالدي.

أهم المواقع الأثرية في يافع

هناك مواقع أثرية كثيرة في يافع، تتنوع بين قرىً قديمة، وخرائب قرى مندثرة، وقلاع وحصون، وآبار قديمة، ومقابر، وغيرها. ومن هذه المعالم: 
1- قلعة القارة: وهي قلعة حصينة تقع في قمة جبل قُمعي الشكل، لم يكن لها سوى مدخل واحد من الجهة الشمالية. وترتفع 2000 متر عن سطح البحر. وقد كانت فيها عاصمة السلطنة العفيفية لعدة قرون، وفيها قرابة 25 حصنًا مبنية من الأحجار الجيرية البيضاء. 
2- قلعة المَحْجَبة: وهي قلعة حصينة تقع في جوانب جبل وعر مدبب القمة، تحيط به جبال عالية. وقد كانت فيه عاصمة سلطنة آل هرهرة لعدة قرون، وفيها حصونهم وحصون الأسر الأخرى التي عاشت في هذه القلعة. 
3- خربة هَديم قُطنان: تقع في هضبة الحد، وهي خرابة كبيرة، كان في موضعها قصور لأقيال ذي خولان من آل ذي رُعين، ومعبد يعود إلى العهد القَتْباني، ثم تعرضت للتخريب في أزمنة قديمة. وقد عُثر فيها على عدة نقوش مكتوبة بالخط القَتْباني المسنَد، وعلى تماثيل وقطع أثرية أخرى. 
4- قلعة الخَلَقة: وهي قلعة حصينة كانت تقع فوق قمة من قمم هضبة الحد، وقد ورد لها ذكر في قرة العيون لابن الديبع، مما يدل على وجودها في العهد الطاهري (858-945هـ)، وربما هي أقدم من هذا بكثير، وقد استخدمها الأتراك قاعدة لحكم يافع في أوائل القرن الحادي عشر الهجري، ثم استولى عليها القاسميون سنة 1065هـ، ثم خربتها قبائل يافع بعد إخراج القاسميين منها سنة 1092هـ، وما زالت أطلالها باقية. 
5- قلعة صَنَاع: تقع في قمة مرتفعة من قمم هضبة الحد، وفيها حصون قديمة يمكن رؤيتها من جُبَن في بلاد رَدَاع. وقد كانت منطلقًا لحركة علي بن الفضل بن أحمد الخنفري الجدَني، ومنها تحركت جيوشه التي سيطر بها على معظم البلاد اليمنية سنة 291هـ.


وتوجد في يافع عشرات المساجد القديمة، التي تعود إلى عصور مختلفة، وتشهد ببراعة القدماء في المعمار، مثل: مسجد الحُقُب، ومسجد النور، ومسجد بني بكر، ومسجد اللَّم في القعيطي، ومسجد الشيخ عبدالقادر الجيلاني في جبل موفجة بكلد، ومسجد السبعة السجود في السعدي، وغيرها. وتتناثر في قمم يافع نقوش كثيرة مكتوبة بخط المسند، وبعضها رسوم ورموز ومخربشات، ولم يحظَ كثير منها بالدراسة والتنقيب مع الأسف.

وختامًا أنوّه إلى أنني أردت بهذا المقال تقديم تعريف موجز ببلاد يافع للقارئ الذي يريد فكرة عامة، ولم أقصد التفصيل أو الاستقصاء للقبائل والأماكن ونحوها، ومن أراد التفاصيل فليراجع كتابنا: (الموسوعة اليافعية: دراسة للقبائل والبلدان والأعلام) المطبوع في اثني عشر جزءًا عن دار الوفاق للدراسات والنشر في عدن سنة 2015م، وستصدر منه طبعة جديدة قريبا إن شاء الله تستوعب ما لم يذكَر في الطبعة السابقة وتستوفي ما نقص.