الدكتور أحمد صالح علوي الوطحي الفائز بجائزة العر للإبداع وخدمة المجتمع لهذا العام ٢٠٢٥م
شهادتي في الصديق العزيز والزميل الوفي الدكتور أحمد صالح علوي الوطحي، تظل مجروحة مهما بلغت بلاغتي، فقد عرفته عن قرب منذ العام 1998م، حين جمعتنا الزمالة الأكاديمية في كلية التربية بيافع منذ لحظات تأسيسها، وامتدت رفقتنا العلمية والفكرية منذ ذلك الحين.
بين أن معرفتي به تعود إلى مطلع السبعينات حينما كنت طالبا في الاعدادية، وكان هو أحد رجالات السلطة المحلية التي بدأت مؤسساتها تتشكل للتو، بجهود الرجال المخلصين وكان هو أحدهم شابا مفعماً بالحيوية والنشاط، عاد لتوّه من دولة الكويت، حيث أنهى دراسته واكتسب وعيه الوطني والقومي، متأثراً بروح العصر والتحولات التحررية. ومنذ عودته، ارتبط اسمه بخدمة الدولة الوليدة، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وأسهم بفاعلية في ترسيخ سلطتها ومؤسساتها.
الريادة الوطنية:
اختير الدكتور الوطحي ضمن القيادة المحلية للجبهة القومية في منطقة القارة - يافع بني قاصد، وأسهم من موقعه القيادي المبكر في تثبيت الأمن وتأسيس السلطة المحلية. وقد كُلف بإدارة شؤون منطقة وادي يهر، لا سيما بير العروس ووطن والوديان المجاورة، حيث عمل مع شباب المنطقة على تأسيس مركز أمني نموذجي، ونشر التعليم، وبذل جهوداً كبيرة لوقف الثأرات وزرع روح السلم.
وفي مرحلة لاحقة، كُلّف بترتيب الأوضاع الأمنية على الطريق الحيوي الرابط بين لودر والسيلة البيضاء وصولاً إلى لبعوس، وهي منطقة كانت تعاني من التقطعات وزرع الألغام، فكان له دوره في استتباب الأمن وحماية المسافرين.
وفي عام 1970، تم تعيينه مسؤولاً تنظيمياً للمركز الرابع الحد، فبرز في تثبيت ركائز الأمن والسلم الاجتماعي هناك، كما اختير نائباً سياسياً للمعسكر التدريبي الذي أسسه القائد الدكتور ثابت عبد السعدي في جبل العر لحماية أمن الوطن والمواطنين.
في مجال التعليم:
مع بواكير نشر التعليم بعد الاستقلال، كان من الرواد الذين بادروا إلى تأسيس المدارس، وتوفير المعلمين، وتشكيل لجان تربوية، وتحديد مواقع المدارس والقرى التابعة لها. وكان له دور رئيسي في إنشاء المدارس في المناطق التالية:
شعب العرمي، ذي ناخب، تلب، العرقة، طسة، يهر الحميري، الوسطى.
كما شارك بفاعلية في تأسيس مدارس الحد أثناء مسؤوليته عن المركز الرابع هناك.
في المجال الاجتماعي:
أسهم في تأسيس المراكز الثقافية التي كان لها دور تنويري هام في الأحياء السكنية، كما عمل على تشكيل اللجان الشعبية ووضع اللوائح التنظيمية لها، بما يسهم في حل القضايا الاجتماعية وتعزيز الوعي المدني.
في مجال القضاء:
شارك الدكتور الوطحي في تأسيس منظومة القضاء المحلي في يافع، وساهم في إنشاء المحاكم التالية:
سرار، رباط السنيدي، ذي ناخب (حمحمة)، سباح، يهر، بني بكر، الحد، ريو.
كما عُيّن عضوًا في محكمة الاستئناف بالقارة، وعضوا في محكمة خاصة بالقضايا الجسيمة في لبعوس، بموجب قرار من رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي.
في المجال الزراعي والتعاوني:
في إطار التوجه الوطني نحو الزراعة التعاونية، تم تعيينه مشرفاً عاماً على التعاونيات في المديرية الغربية بيافع، حيث أشرف على تأسيس عدد من التعاونيات الاستهلاكية والزراعية، مثل:
تعاونية لبعوس، رصد، يهر، الحد، بالإضافة إلى مشتل رصد ومشتل الفيض، بالتعاون مع عدد من المرشدين الزراعيين والتعاونيين الشباب.
المؤهلات العلمية:
حصل على الماجستير من روسيا عام 1977م، ثم عمل محاضراً في معهد باذيب بعدن، ثم مديرا لفرعه في أبين.
نال درجة الدكتوراه في فلسفة التربية ونظم التعليم عام 1984م، ثم عاد إلى أبين لمواصلة التدريس.
في العام 1987 عُيّن نائباً لوزير التربية والتعليم بعدن، وبعد الوحدة تولى منصب وكيل قطاع التعليم.
بعد حرب 1994، تولى إدارة مركز البحوث والتطوير التربوي بعدن.
في العام 1998، شارك في تأسيس كلية التربية بيافع، ويواصل حتى اليوم العمل فيها، وهي اليوم كلية يافع الجامعية للعلوم الإنسانية والتطبيقية.
هذا غيض من فيض من مسيرة الدكتور أحمد صالح علوي الوطحي، الرجل الذي خدم وطنه ومجتمعه بإخلاص منذ فجر الاستقلال، وأسهم في بناء الدولة في مختلف المجالات: الأمنية، التعليمية، القضائية، التعاونية، والمجتمعية.
وهو اليوم يتوج كل تلك الجهود المستمرة بجائزة العر للإبداع وخدمة المجتمع للعام الحالي، تقديراً لمسيرته الطويلة ومكانته الرفيعة.
تهانينا القلبية للدكتور أحمد صالح علوي الوطحي بهذا التكريم الأهلي المستحق،
وكل الشكر والتقدير لرعاة الجائزة آل بن شيهون الكرام على هذا الاختيار الموفق والوفاء النبيل لرجال خدموا الوطن بصمت وصدق.


