وحدة النسيج الاجتماعي.. سبيل النهضة ومواجهة التحديات

منبر عدن- د. فائز سعيد المنصوري

إن بعض القضايا الاجتماعية إذا تُركت بلا معالجة — كالتمييز الطبقي — تترسخ في النفوس، وتتحول إلى جدار يفصل بين أبناء حضرموت، فيُضعف قوتهم ويؤخر نهضتهم. والواجب معرفة أسباب ظهور هذه الظواهر وأضرارها على المجتمع الحضرمي، والعمل على معالجتها حتى لا تُستغل فرقة أبناء حضرموت لنهب ثرواتهم، أو جرّهم إلى عهود التخلف والجاهلية.

ولهذا سلك النبي صلى الله عليه وسلم، في بناء المجتمع المسلم بالمدينة المنورة، منهجًا واضحًا لمعالجة أي قضية اجتماعية قد تعيق تحقيق أهدافه في نشر الرسالة التي كلّفه الله بها، أو تُدخل مجتمعه في صراعات داخلية تفسد وحدته وتخلّ بالمصالح العامة. وكانت أولى القضايا التي اهتم بها هي وحدة المدينة في قرارها السياسي رغم اختلاف ساكنيها، فآخى بين المهاجرين والأنصار، وبذلك ضمن وحدة النسيج الاجتماعي.

وقد تجلت في هذه الأخوة نماذج مشرقة، منها ما رُوي أن أحد الأنصار قال لأحد المهاجرين: «معي زوجتان، فانظر أيهما أجمل فأطلقها لتتزوجها، ولي مزرعتان فانظر أيهما أفضل فخذها». فردّ المهاجر قائلاً: «بارك الله لك في أهلك ومالك، دلّني على السوق».
ولو عاش اليوم الأنصاري والمهاجري في حضرموت، لما سأل أحدهما الآخر عن نسبه أو طبقته، بل عن الكيفية التي يمكن أن يتعاونا بها في عمارة حضرموت وخدمة أهلها، وليحتفظ كل واحد بنسبة وطبقته لنفسه.

إن الطبقية تجعل المجتمع قابلًا للاستغلال والانقسام، وتُشغل الناس بصراعات داخلية تافهة مقارنة بما يواجهونه من تحديات اقتصادية وأمنية. وليعلم أولئك الذين يسعون إلى نشرها أننا نعيش اليوم في عالم مختلف تمامًا عمّا كان عليه في السابق؛ فقد بلغت النهضة العلمية والتكنولوجية مبلغًا أوصل دولًا إلى الفضاء الخارجي، بينما لا يزال بعض الحضارم يحاولون جرّ مجتمعهم إلى عهود ما قبل الإسلام.
صح النوم يا حبيبي، فليس كل الحضارم بعقلية أبي جهل.