التحسن المفاجىء والسريع في أسعار صرف الريال اليمني
بعيدا عن الخوض في الاسباب والمبررات التي سبق وتطرق اليها الكثير من المراقبين والمحليين الاقتصاديين والتي تضمنت الانعكاس الايجابي للاخبار المتداولة عن وديعة سعودية قادمة وايضا انخفاض طلب التجار للعملات الاجنبية نتيجة لانخفاض استيراداتهم لانشغالهم بالجرد السنوي وايضا تسريب اخبار عن صدور قرارات رئاسية وتغيرات قادمة سوا سياسية او ادارية او سلطة محلية وكثير من المبررات التي تم سردها والتي جميعها غير كافية او مقنعة.
سوف اكتفي بالتطرق الى سبب واحد وهو ارتفاع وتيرة اعمال الصرافة بشكل مفرط ومخيف منذ مابعد انطلاق عاصفة الحزم.
اذا ما نظرنا الى تراجع اسعار صرف العملة المحلية بشكل كارثي وخصوصا في الاشهر الاخيرة من العام 2021 سو نلاحظ انها كانت غير مبررة كون الطلب والعرض من السلع والخدمات هي نفسها في السوق ولم يطرئ فيها اي تغيير بالزيادة فحجم السكان لم يتغير او يندمج مع شعب اخر حتى يحدث زيادة في الطلب على السلع والخدمات. ومعنى ذلك ان هناك ايادي خفية هي من تتلاعب في اسعار الصرف وتقوم بالتحكم بكمية المعروض من النقد الاجنبي في السوق.
قد يقول البعض ان ذلك ليس بالدليل الكافي ولكن اذا ما نظرنا الى التحسن المفاجىء والسريع في اسعار الصرف اليوم سوف نلاحظ ايضا ان هذا التحسن لم يستند الى اي داعم او مؤشر صريح وواضح يبرر تحسن قيمة الريال اليمني بين ليلة ويوم. اي لا وديعة وصلت بعد ولا موارد نفط الخام تم ايداعها في بنك المركزي ولم يتم ربط ايرادات جميع المحافظات والمؤسسات الايرادية الى خزينة البنك المركزي في المركز الرئيسي عدن.! ايضا لا وجود لمؤشرات ايجابية عن زيادة حجم الصادرات الوطنية.!!
بمعنى ليس هناك اي مؤشر استقرار كما انه ليس هناك اي تراجع لحجم الطلب على السلع والخدمات فالمواطن يستهلك نفس الكمية من السلع والخدمات سوا في بداية العام او نهاية العام (المواطن بشكل ذاتي قام بعمل اجراءات تقشفية شديدة جدا على مستوى الاستهلاك العائلي منذ اندلاع الحرب وانهيار اسعار الصرف حيث ان العديد من الاسر اليمنية قامت بتقليص العديد من السلع الكمالية وايضا ترشيد استهلاك السلع الضرورية بما يتوائم مع مستويات دخولهم المتهالكة).
بمعنى ليس هناك اي تغير في مستوى الاستهلاك.
واذا ما تفحصنا ذلك بشكل متعمق سوف نلاحظ ان السبب الرئيس وراء كل هذه الهرولة في الانخفاض اسعار الصرف او التحسن هو ما سبق طرحه (اليد الخفية) التي تتلاعب في كمية المعروض من النقد الاجنبي في السوق لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة من خلال الاستفادة من الفوارق السعرية بين البيع والشراء.
وما يعزز ذلك الرأي هو الانتشار الكبير والغير منطقي لمؤسسات ومحلات الصرافة في جميع انحاء المناطق المحررة التي توسعت بشكل سريع ومستمر والذي لم يخلق اي نوع من المنافسة او الفائدة لصالح المواطن بل انها خلقت الثراء الفاحش والارباح المفرطة لمالكيها الظاهريين والخفيين الذين يتحكمون بعملها من خلف الكواليس.
#خلاصة الكلام اذا ما استمر هذا الاستقرار والتحسن في اسعار الصرف حتى بعد ان يتم الاعلان عن وصول وديعة.
فلا تنسبوا هذا التحسن اليها. لانها يفترض ان تخلق تحسن اكثر من هذا.
فالتحسن الحاصل كان نتاج انكشاف حقيقة المضاربات الوهمية التي لا علاقة لها بالعرض والطلب الحقيقي في السوق.
ولا شك ان هناك قوى سياسية داخلية وخارجية وقنوات مالية كبيرة وراء كل هذا التلاعب الحاصل.