إعلام الحفلات
من طرائف أهل مصر إن سبعة أخوة صعايدة قرروا استثمار مدخراتهم في شراء (سيارة أجرة سبعة راكب) لنقل الركاب من الصعيد إلى القاهرة، ولكي يضمنوا عدم تلاعب السائق بالإيرادات ويضمن كل منهم نصيبه فقد قرروا أن يرافقوه (بربطة المعلم) ذهاباً وإياباً، وحين وجدوا أن السيارة لا تحقق إيراد فقد استشاروا أحد كبارهم الذي نصحهم بتغيير (السواق).
تذكرت هذه الطرفة عندما دعاني أحد الزملاء لحضور حلقة نقاشية حول الإعلام الجنوبي، ثم عاود الاتصال ليبلغني عن تأجيل تلك الحلقة النقاشية، وأياً كان الأمر فالانتقائية هي واحدة من أسباب الفشل.
شن بعض الزملاء هجوماً مبالغ فيه على الأخ مختار اليافعي رئيس قناة عدن المستقلة لاستعانته بإعلاميين محترفين، ربما ليسوا من جغرافيا الجنوب، لكنهم يجيدون حرفة صناعة رأي عام تجاه قضية ما، مثلهم مثل الطباخ الذي يقدم الوجبة المقبولة للزبون، ولا يهم الزبون شكل ولون وجنسية الطباخ، فما يهم الزبون هي الطبخة وليس صانعها.
وذكّرنا، حينها، زملاء الهجوم إياه من عشاق الانتقائية، ذكّرناهم بقناة الجزيرة القطرية التي انطلقت بكادر محترف ليس فيهم قطري واحد لتصبح قناة الجزيرة أكثر شهرة من دولة قطر، وتجاوزت شهرتها قنوات العالم الحر مثل ال BBC وقناة الحرة وفرنسا 24 و RT الروسية و DW الألمانية، وكل هذه القنوات تعتمد على كادر إعلامي ينتمي، في معظمه، لغير جنسيات بلدانها.
حين كان كثر من الناس في حالة صمت كانت صحيفة الأيام بإدارتها وكتابها هي من حملت القضية الجنوبية على عاتقها ودفع آل باشراحيل وكتاب الأيام أثمان باهضة، لكنها كانت (الدينمو) التي شحذت همم أبناء الجنوب ليخرج ماردهم في ٧ يوليو ٢٠٠٧م معلنا مغادرة القمقم إلى غير رجعة.
حينها كانت الأيام توزع (سبعون ألف نسخة) في طول وعرض البلاد، فيما كانت (أجدع) صحيفة أخرى توزع (خمسة عشر ألف نسخة) وكان معظمها باشتراكات إلزامية لمرافق الدولة، والسبب يرجع إلى أن الأيام كانت تحمل قضية فيما كانت الصحف الأخرى مجرد صحف تطبيل وتضليل لا يهم المتلقي، لهذا كان مرجوعها أكثر من مبيعها.
وحين كان الإعلام العربي و الغربي يتجاهل فعاليات ومليونيات القضية الجنوبية كان الناطق الرسمي الجنوبي ( الفنان عبود الخواجة) يملأ الآفاق بصوته المجلجل ليكسر القيود والحدود مزمجراً بكلمات شعراء الجنوب العربي لنصرة قضيتهم.
عود على بدء، دعونا نغادر إعلام الحفلات الذي يتبخر مع نهاية المحفل، اجعلوا إعلامنا إعلام حوار جنوبي يخضع كل قضايانا للحوار، إعلام قضايا تهم الناس ليسمعنا الناس، فإعلام الحفلات والتطبيل يتبخر مع أول هبة تغيير كما تبخرت طبول أنظمة كثيرة، فالقادة يدخلون التاريخ بإنجازاتهم لا بالتطبيل.
وكل عام وأنتم بخير.
عدن ١ يناير ٢٠٢٢م