الموساد يتغلغل فعلاً في إسطنبول!
نجح تحقيق قناة الجزيرة حول "الموساد في إسطنبول" في كشف حقيقة نجاح الموساد الاسرائيلي بالفعل في التغلغل بتركيا والوصول إلى قلب اسطنبول عبر نجاحه في تجنيد عملاء له من الطلاب والفلسطينيين المقيمين بتركيا منذ عشرات السنين وليسوا حديثي الإقامة أو ممن اقتصر وجودهم خلال فترة أشهر. إنجاز ذلك التحقيق التلفزيوني النوعي الذي أكد بلسان بعضهم أنهم تعاونوا فعلاً مع ضباط بالموساد نظير تلقيهم أموالا بطرق مختلفة بعضها كمساعدات خيرية وعلاجية وطلابية باسم منظمات خيرية وهمية إسرائيلية لا وجود لها إلا في موقع إلكتروني بشبكة الانترنت.
ولعل أكبر دليل عقلي ومنطقي، على نجاح الموساد في تجنيد عملائه بتركيا منذ سنوات طويلة وحصوله منهم بالفعل على معلومات مختلفة عن شخصيات فلسطينية وايرانية مهمة مقيمة بتركيا، وتمكينه من رصد تحركاتهم وأماكن وعناوين إقاماتهم:
- أولا تمكنه من تنفيذ العديد من عمليات اغتيال شخصيات إيرانية وفلسطينية بتركيا في عمليات غالبا ما تحاط بسرية أمنية كبيرة، سواء من الجانب التركي او البلد المستهدف رعاياه كإيران ولبنان والعراق وسوريا
- ثانيا إرسال ضباط الموساد الاسرائيلي مبالغ مالية مختلفة وصلت إلى مبلغ ٣ آلاف دولار بحوالة واحدة لبعضهم، وذلك جراء تعاونهم معهم وتنفيذهم بالفعل لما يطلب منهم من رصد وعناوين ومعلومات وغيرها وإلا فعلى ماذا كانت ترسل الحوالة تلو الحوالة إليهم وصولا إلى تعزيز كامل الثقة ببعضهم والتنسيق لهم على فيزة من السفارة السويسرية للتوجه نحو بلد أوربي من أجل اللقاء بهم ورفض ضباط الموساد كل محاولات أحد العملاء لإقناع احدهم أو المسؤول عليه بأن يكون اللقاء بتركيا بدلا من دولة أوربية أو حتى عربية، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي يتخذها ضباط هذا الجهاز الاستخباراتي الاسرائيلي الذي يمثل أقوى مؤسسات الكيان الإجرامية، سطوة وإمكانية وتأهيلا للمنتمين إليه.
- ثالثا كشف التحقيق على لسان بعض من اعتبرهم بـ(العملاء المزدوجين) أن التواصل مازال مستمرا معهم من قبل الموساد الاسرائيلي، حتى بعد إبلاغهم للأجهزة الأمنية التركية بالأمر وتنسيقهم بعدها مع الاستخبارات التركية على الاستمرار في مهمتهم بغرض لعب دور عملاء مزدوجين للإيقاع بمجنديهم من الموساد واقناعهم بالمجيئ لـ أسطنبول، وهو مالم يحصل او ينجح اي من أولئك العملاء في اقناع اي منهم بالقدوم لتركيا التي تحتضن إحدى أكبر الجاليات او الوفود السياحية الإسرائيلية حتى في أشد فترات التوتر الاعلامي في علاقات البلدين.
- رابعا كشف التحقيق الاستقصائي لقناة الجزيرة ضمن برنامج ما خفي أعظم عن مستوى نشاط استخباراتي إسرائيلي كبير ومتغلغل في الأوساط التركية، حد تمكن الموساد من اقناع السفارة السويسرية بمنح فيزة دخول لأراضيها لشخص فلسطيني من عملائه بـ اسطنبول في غضون نصف ساعة فقط، دون أي أسئلة أو استفسار له ما يؤكد حجم التغلغل ومستوى التنسيق مع دول أوربية لتسهيل مهام تنقلات عملائه وتمكينه من إرسال حوالات مالية غامضة لهم منها دون تدقيق بأسماء المرسل او المستلم او رقابة و تتبع لمدى سلامة تلك التحويلات المالية من أي جرائم غسل أو تهريب أموال أو تمويل نشاط إرهابي او أعمال مشبوهة، كما تفرض عليها اتباع ذلك القوانين والإجراءات الخاصة بمراقبة سلامة حركة الاموال ومصدرها.
- خامسا فشل التحقيق الاستقصائي في إظهار أي نجاح استخباراتي تركي، في اكتشاف مستوى تغلغل خلايا الموساد بتركيا، أو الإيقاع بأي مسؤول اسرائيلي متورط بهذا التجنيد الاستخباراتي المعادي للدولة التركية رغم حرص معد التحقيق الصحفي الاستقصائي الرائع "تامر المسحال" في محاولة إظهار ذلك، ولو من باب رد بعض جميل التعاون الاستخباراتي التركي اللافت معه، في إنجاح مهمته التحقيقية ذات السرية العالية والصعوبات الأمنية الكبيرة، سيما وأن الجانب التركي كان يحاول غض الطرف الاستخباراتي عن هذا الملف سابقا، حتى آفاق على صدمة اغتيالات غامضة ونذر جرائم متبادلة بين إسرائيل وإيران خصوصا لنقل معركتهما إلى اراضيها ليؤكد التحقيق دون أدنى شك أن الموساد الاسرائيلي أصبح موجود فعلا اليوم وينشط بقوة في اسطنبول التركية.