مجلس (الحيص بيص)
بالاستناد إلى ما تناولته وسائل إعلام محلية، فأنه قيل أن اللواء العرادة والعميد طارق صالح قالا إنهما لن يدخلا عدن حتى نخرج منها، مع أنهما ليسا من أصحاب موسى وهارون، عليهما السلام، ونحن لسنا بالقوم الجبارين، ويُفترض بأننا وهُم في خندق واحد حسب مقتضيات تشكيل مجلس القيادة الرئاسي (لإدارة حرب أو إنجاز سلام) مع سلطات صنعاء الحوثية.
مجلس القيادة الرئاسي يذكِّرنا بالأسرة الواحدة التي ينطلق أبناؤها صباح كل يوم (يطلبون الله) وكل واحد يُسيس أموره ويواجه المعوقات التي تصادفه إما (باستشارة قارئة فنجان - صاحبة الفال - أو بالرجوع لمحفله الصغير، أو بصلاة الاستخارة)، ومع أن الأخيرة من السنن، إلا أنها ليست الخيار المناسب في مسألة إدارة شؤون الناس وسط عالم متعدد ومتضارب المصالح محليًا وإقليميًا ودوليًا.
تواجه الائتلافات، في العادة، تباينات، حتى في أعرق الديمقراطيات في العالم، لكن هناك أهداف مشتركة تكون لها الأولوية في هذا الائتلاف أو ذاك، ولا تعيق التباينات الثانوية عجلة العمل عن الدوران، لكن يبدو بأن مجلسنا الموقَّر تَقَّيد في موضوع أقسام الشرطة في عدن، وتناسى رجال الأمن في الجنوب وهم بلا رواتب لعدة أشهر، وبأن أطفالهم يعيشون على وجبة واحدة في اليوم، ويعانون من سوء الخدمات، وبأن للجنوب قضية سابقة لكل القضايا في اليمن، وبأن السلاح الجنوبي سلاح صديق ويمكن أن يجري الحوار وسلاحه بحوزته، تمامًا كما نحاور الحوثي وسلاحه بحوزته، فمحاولات القفز على أهداف أبناء الجنوب لن يصنع استقرارًا.
معاناة الناس في المناطق "المفحررة" تشتت دمها بين المجالس، من مجلس القيادة الرئاسي إلى مجلس الوزراء النائم، الذي غادر رئيسه الموقر إلى ألمانيا لإجراء بعض الترميمات، ومع تمنياتنا له الشفاء العاجل، إلا أن د. معين ما زال جديدًا (بقراطيسه) ولم يتم استخدامه في مهمات كبيرة، بل أن مزاجه يفترض أن يكون جيدًا، لأننا لم نكيل له حتى 1 % مما كِلناه لسلفه د بن دغر.
حال د. معين يذكِّر بمحطة بترومسيلة التي تجري لها صيانة كل شهر مع أنها جديدة وتعمل بأقل من 50 % من طاقتها، ولأن الشيء بالشيء يُذكر فأن في مصر تم بناء ثلاث محطات توليد خلال عامين وكل منها تنتج (4800) ميجاوات.
في مصر لم يعد للفراعنة وجود لكي ننسب لهم الأعمال الخارقة كالأهرامات، وإنما هم بشر مثلنا، لكن عندهم رجال دولة.
اللجوء إلى التجويع والتعذيب بالخدمات واستهداف القوة الجنوبية، ليس من أجل هذا رحَّبنا بولادة مجلس القيادة الرئاسي، فالمركب التي لا تعمل أشرعته في اتجاه واحد لن يغادر مرساه، وإذا تحرك فقد يرتطم بالصخور.