هل نجح متحرى الجزيرة بتحري مذبحة ١٣ يناير
هل نجح برنامج #المتحري في حلقته الأولى،بكشف تفاصيل مهمة وجديدة بالنسبة للكثير..والإتيان بمصادر متنوعة وشخصيات متوازنة بطرحها عن خفايا مذبحة ١٣ يناير الجنوبية المشؤومة.. ام أن الأمر لا يعدو عن كونه تعمد اعلامي فقط لنكئ جراح الماضي نبش مواجع أبشع فترة دموية جنوبية وتذكير الاجيال بمآسيها ومحاولة إسقاطها سياسيا على حال صراع جنوب اليوم المختلف جذريا بشخوصه وأهدافه وخصومه.
بتقديري نجح إلى حد كبير، لولا اخفاقه في محاولة ربط تلك الأحداث المأساوية الماضية، بمايحدث اليوم جنوب اليمن.
ولعل النجاح الأبرز لمعد البرنامج الاستقصائي الاعلامي اليمني بقناة الجزيرة #جمال_المليكي، يتمثل في تقديري أيضا، بحصوله على مشاهد توثيقية جديدة وصور ووثائق ارشيفية حصرية تنشر فعلا للمرة الأولى عن آثار تلك المجزرة الدموية الشنيعة التي قال انه استمر ثلاثة أعوام في الاعداد لحلقتي البرنامج المثير للجدل، ونجح بعد عامين من المحاولة كذلك في إقناع الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، للتحدث عن تلك المجزرة التي حرص على تجديد تأكيده بأن الكل مسؤول عليها، رغم أن السرد التاريخي والرواية المنطقية للتسلسل العقلاني لتلك الأحداث الدامية، تدينه وفريقه بالتسبب فيها، وكنت أتوقع أن يكون أكثر صراحة ومنطقا وشجاعة في الاعتراف بمسؤوليته الأولى عنها طالما وقد قبل الحديث عنها ونبش مأساتها المؤلمة ونكأ الجراح مجددا وأن يعترف بأن هناك من فريقه من كان وراء إقناعه بالقبول ولو على مضض، بتنفيذ مخطط التصفية الدموية لرفاقه في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي بمنطقة فتح التواهي، قيادة المنطقة العسكرية الرابعة حاليا، والتي يعد حقيقة وفعلا المسؤول الأول عنها، من حيث الاعتبارات التالية.
- أولا أن فريقه وحارسه الشخصي حسان ومساعديه الأربعة هم من أطلق الطلقة الأولى وكانوا جميعا مستعدين لبدء إطلاق النار على خصومه، خلافا للفريق الآخر الذي قتل ولم يكن لدى اي شخصية حارس داخل قاعة الاجتماع ليرد ويشتبك مع خمسة أشخاص كانوا يطلقون النار بوقت واحد، ولم يجد الرفيق صالح مصلح، معينا أو خيارا أمامه غير الخروج الانتحاري من تحت الطاولة لقتل المرافق حسان، بمسدسه الشخصي ووقف نهمه الدموي للقتل بعد أن أمطر الرفيق علي عنتر بوابل من الرصاص أولا من الخلف، وتلاه بعلي شائع، واستمر، مع الأربعة الآخرين بإطلاق الرصاص حتى علق سلاحه وعاد لتعميره بقرن جديد من ٤٠ طلقة، كما جاء بالرواية المتلفزة للرئيس علي سالم البيض التي تميز البرنامج ببثها كأقوى شهادة حية وانفراد اعلامي تميز به،في تقديري.
- وثانيا أنه كان الرجل الأول بالدولة والأكثر قدرة على حسم الأمور لصالحه وفريقه السباق نحو مخطط الدم، مهما حاول التذرع بتلقيه إشارة خضراء من الوسيط الفلسطيني، باستحالة أي حل آخر بالنسبة لموقف على عنتر وفريقه، كون ذلك الدبلوماسي القومي، لم يسبق أن أشار أو لمح، في كل تصريحاته وحواراته ومذكراته عن حديث كهذا الذي قاله ناصر بالبرنامج عنه.
- ثالثا أن علي ناصر، كان الشخص المستأثر بالسلطة كرئيس للدولة والوزراء وأمين عام الحزب الحاكم وبالتالي فهو المتضرر من جدول أعمال ذلك الاجتماع المطلوب منه أن ينصاع لرأي أغلبية أعضاء اللجنة بالتخلي عن أحد المناصب، وهو الرافض بتاتا لذلك، بشهادة الرفيق التقدمي المخضرم أبو أصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، الموثقة في البرنامج.
- رابعا أن غياب الرئيس ناصر وكافة أعضاء فريقه عن ذلك الاجتماع الدامي، ومسارعته المبيتة،بعد تأكده من تصفية عنتر وشائع ومصلح، للإذاعة والتلفزيون لإعلان #أغبى_بيان_سياسي عن تنفيذ نظامه بصفته رئيس للدولة والحكومة والحزب الحاكم، لحكم الإعدام بحق ثلاثة من وزراء وأعضاء لجنة مركزية بوصفهم خونة ومتآمرين عليه وعلى تقدم الدولة، مايؤكد قطعا، ليس النية المبيتة والتخطيط للمذبحة، كما هو معلوم ولا ينكره، وإنما لقيادته وإشرافه الشخصي على تنفيذ المخطط الدموي المباشر لتلك المذبحة الأكثر بشاعة ودموية في تاريخ البلد والمنطقة.
- خامسا أن محاولة الرئيس علي ناصر، التمسك بجملته القهرية المعتادة، بأن المنتصر في أحداث يناير المشؤومة ١٩٨٦م مهزوم ولو بعد حين، تكشف عن مدى استمرار احساسه بوقع مرارة هزيمته وفريقه في تلك الأحداث المأساوية التي فجرها ليستأثر لوحدة بكل السلطات، ورغم ان البلد والسلطة والثروة الجنوبية تتسع للجميع، حسب قوله التندمي بالبرنامج ومحاولته غير المباشرة، لاستجرار تجربة ماضيهم الدموي الجنوبي الجنوبي، وربطه بمايجري اليوم جنوبا من صراع مختلف خصومه وأطرافه الإقليميين ولاعبيه الدوليين،خاصة عند قوله أن نتيجة صراعهم الغبي على السلطة جنوبا، هو من جعلهم اليوم جميعا مشردين خارج اليمن.