اللواء الأسطورة أحمد سعيد بن بريك

منبر عدن

ليس من باب المبالغة او التضخيم عندما نصف اللواء احمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالاسطورة فهو فعلاً اسطورة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى فقد حباه الله بكاريزما خاصة واعطاه قبول حسن عند الكثيرين قلما نجدها عند غيره انه رجل ذو مواهب ومزايا متعددة يجمع بين الشخصية العسكرية الجادة والصارمة وبين الشخصية الادارية المرنة والهادئة ويجمع بين دها السياسي المحنك واخلاق ونبل الفرسان، كما انه يتمتع بسعة اطلاع وقدرة على فهم كثير من الاحداث والمتغيرات الداخلية والخارجية غير ان ابرز ما يثير الاعجاب في شخصية هذا الرجل جمعه بين الرحمة والعاطفة بأبها صورها وبين القوة والاقدام والشجاعة ايضاً بانصع صورها .

ربما يكون كلامي عن اللواء بن بريك مجروح فيه فقد كنت واحد من الطاقم الذي عمل معه إلى جانب ما يتمتع به من مكانه في قلوبنا وما نحمله له من عرفان وتقدير لما قدمه لنا سوى على الصعيد الشخصي و العملي او لما سطره من مواقف وطنيه في سبيل القضية الجنوبية وارساء مداميك بناء واستعادة الدولة في الجنوب فهو واحد من ابرز القيادات الجنوبية وفاء واخلاص لشعبه وواحد من ابرز القادة الذين صمدو وثبتوا في وجه الاخطار التي كادت ان تعصف بالجنوب حيث كان لوجوده في مقدمة وصدارة الصفوف وقيادته لمعارك الدفاع عن الجنوب وعن عدن على وجه الخصوص الاثر البارز في تجاوز هذه الاخطار وتجنيب عدن السقوط والانهيار.

هناك احداث عاصرتها مع هذا القائد الاسطورة وكنت شاهد عليها واحداث كتبها وسجلها التاريخ عنه واحداث شارك فيها هو وسمعتها منه وفي مجمل تلك الاحداث ظهرت خلالها ومنذ وقت مبكر ملامح شخصيته القيادية ونبوغه وبعد نظره لذا فعندما نسمعه اليوم يحذر من تكرار اخطاء المرحلة السابقة ويدعو الجميع لتجنبها وكان هذا الشي من اكثر الاشياء التي تقلقه وكثيراً ما كان يحذر من الوقوع فيه مع كل من يلتقيه ويشدد على تجنبه فانه ينطلق في ذلك من تجربة شخصية سابقة عاشها وبدون ان يخجل او يداري كما يفعل كثيرون كان يضرب المثل عن نفسه وهو يشرح بحسره والم مثالب الانزلاق في تكرار اخطاء المرحلة السابقة ونذكر جيداً ما قاله بانه إلى اللحظة لا يدري او يفهم لماذا رمى ومجموعه من زملائه في القطاع الطلابي للجبهة القومية الذي كان من ابرز قياداته الرئيس قحطان الشعبي حينها بالأحذية ومنعه من استكمال خطابه ويصف ما حصل بانه نتاج للتعبئة الخاطئة ولثقافة الغاء الآخر والأسوأ من هذا اعتقاده بان ما قام به بطولة.

ايضا من المواقف والاحداث التي شارك فيها في السابق وكانت تدل على شجاعته ورجاحة عقله وحكمته في ان واحد قيامه بتجنيب اللواء الاول دفاع جوي بعدن الذي كان قائداً له في اثنا احداث 1986م بتجنيبه ماحل بالألوية الاخرى من اقتسام وتقاتل وتصفيات فيما بين افراده حيث حافظ على جميع منتسبيه فكان هذا اللواء الوحيد من بين جميع الالوية والوحدات العسكرية التي لم تطلق فيه رصاصة واحدة واللواء الوحيد الذي لم يحصل ان شهد أي تصفيات بعد تلك الاحداث الدامية وكل هذا ما كان ليحدث لولا الحكمة التي تعامل بها مع هذا الوضع الطارئ  فما قام به وكيفية استطاعته في البداية الحفاظ على واحدية القيادة للواء وفيما بعد تمكنه من غرس مبدأ الحفاظ على الافراد جميعاً وانتهاءً بتسليم ارواح كثيرين من منتسبيه فيما بعد من المحسوبين على الطرف الخاسر بإخراجهم إلى مناطقهم كل ذلك وما قام به من عمل بحاجة لان يدرس في الاكاديميات العسكرية وبحاجة لان تقدم فيه الرسائل والاطروحات العلمية ليستفيد منه الدارسين وتستفيد منه الاجيال  .

لم تأتي حظوة الأسطورة بن بريك بمكانة عالية في نفس وقلوب الناس البسطاء من فراغ فالناس تحب من يحبها وتميل نحو من يفهمها وتتعلق بمن يحس بها ويشعر بمعاناتها واللواء بن بريك كان هو ذلك القائد القريب من الناس والذي يزهر اينما حل حتى في الارض القاحلة فقد عالج في السابق وفي وقت مبكر ايام النظام السابق كثير من المظالم ورتب اوضاع الكثيرين واعادهم إلى وظائفهم وعمل على استرجاع كثير من الحقوق إلى اصحابها او تعويضهم عنها وواجه في سبيل ذلك متنفذين كثر ومن الحجم الكبير ممن لا يجرؤ احد على مواجهتهم فكان وبحق يستحق ان يطلق عليه لقب الحراكي الاول الذي وجد في وقت متقدم وقبل ان يوجد الحراك نفسه والذي استفاد كثيراً من وجوده في وقت متأخر بان استمر بالضغط على السلطة لتحقيق المزيد من المكاسب فكان له ما اراد واستمر وبدرجات اكبر في ترتيب الاوضاع لكثير من الجنوبيين ليتجاوز هذه المرة ترتيب اوضاع منتسبي السلك العسكري ليصل إلى الجانب المدني ايضاً.

وعندما تعرض الجنوب للغزو الثاني كان الاسطورة ايضا في مقدمة الصفوف مثلما فعل وواجه الغزو الاول وكان التاريخ يعيد نفسه ليقود عملية تحرير حضرموت الساحل ويتولى ادارتها كأول محافظ لحضرموت بعد تحريرها ولتكتمل الاسطورة بتطبيع الاوضاع في المكلا وليقود بعدها حضرموت نحو حلمها الذي افل لتبدا معها التحولات الكبيرة ولتصبح المكلا وفي فتره قياسيه حاضره للجنوب ونموذج يشار إليها بالبنان لتحكي عن اول قصة نجاح جنوبيه في تأسيس بناء الدولة بطلها اللواء احمد سعيد بن بريك ولتصل حضرموت في عهده إلى مكانة لم تصل إليها طوال فترة تاريخها غير ان اعداء حضرموت واعداء الجنوب لم يتركوا الأسطورة يفعل ويعمل ويبني فتامروا عليه وازاحوه من منصبه في لعبة معروفة كان ابطالها الاخوان بعد ان تكالبت عليه جميع القوى التي كان يخيفها ان ترى قائد او بطل حضرمي يعيد لحضرموت مكانتها.

ليبدا بعدها اللواء بن بريك مسيرته كأحد قادة الجنوب فتحمل رئاسة الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي ليتشارك مع زملائه في قيادة المجلس الانتقالي قيادة شعب الجنوب نحو تحقيق هدفه في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة فكان حاضراً ومتصدراً للمشهد في كل المنعطفات والتحولات التي شهدتها عدن وشهدها الجنوب وكان اهم عمل له على الإطلاق قيادته للإدارة الذاتية للجنوب وحفاظه على عدن من الانهيار والسيطرة على الموارد التي يتم التلاعب والعبث بها من قبل ما يعرف بالشرعية آنذاك ما اصاب القوى المتنفذة بالجنون ودفعهم جاهدين للضغط عبر بوابة التحالف للتراجع عن الادارة الذاتية ومثلما كانت قيادته لحضرموت اشعرت الحضارم بانهم يحكمون انفسهم اشعرتنا قيادته للادارة الذاتية باننا ولأول مرة نحكم انفسنا على الاقل في عدن والمحافظات المجاورة لها .

ان الحديث عن اللواء بن بريك يطول ولا يمكن اختزاله في مقال او مقالين او عشرة ولا حتى كتب ويبقى كل ما ذكرناه عنه لا يعدُ عن كونه مجرد نفحات عابرة تاريخ هذا الرجل ومن مآثره وبطولاته التي اجترحها ، فقط حاولنا في هذا الحيز ان نختصر ونختزل كثيراً لنعطي لمحه بسيطة عما قدمه هذا الرجل ومازال يقدمه لوطنه ولشعبه فقد اضحى اليوم وبصفته احد ابرز واهم رجالات الدولة واركان الحكم  التي يستند عليها الجنوب في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه التي يمر بها إلى جانب زملائه في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وعلى راسهم فخامة الاخ الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة ونائبه الشيخ هاني بن بريك فقد اضحى مصدر اطمئنان بالنسبة لنا جميعاً ولكل المناضلين والباحثين عن وطن تسوده العدالة والحرية والامن والاستقرار ويلبي احتياجات المواطنين وتتوفر فيه الخدمات وليبدأ من عدن قصة النجاح الثانية للجنوب.

مقالات الكاتب