إذا لم تكن معي فلا تكن ضدي

منبر عدن

يترقب الجنوبيون غداً بلهفة وشوق انعقاد الجلسة الافتتاحية لأعمال اللقاء التشاوري الجنوبي، وبعدها مخرجات ذلك اللقاء، الذي يضم كثير من المكونات السياسية والشخصيات الجنوبية ذات الثقل السياسي والمجتمعي، بمبادرة من المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لتوحيد الصف ولم الشمل الجنوبي.

ولا أُبالغ إذا قلت إن هذا اللقاء يعد الأول من نوعه من حيث التنوع في المشاركين الذين يمثلون الأغلبية في كافة محافظات الجنوب، وكون هذا اللقاء جاء بعد سلسلة حوارات داخلية وخارجية تم من خلالها الجلوس مع كافة المكونات والقوى السياسية وتطمينهم بأن الجنوب لكل وبكل أبنائه، ولا يمكن لأحد أن يدّعي الوصاية على أحد، فالجنوب لديه قضية سياسية عادلة يؤمن بها كل جنوبي ولا يوجد خلاف سوى في الوسيلة التي يتم من خلالها طرح هذه القضية.

من هنا جاءت فكرة هذا اللقاء التشاوري أو الحوار الوطني الجنوبي من أجل توحيد المكونات وإفساح لها المجال للاندماج في كيان المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل السياسي لقضية شعب الجنوب، ولأن الحوار هو القيمة المثلى لحل كافة التباينات التي تنشأ بين شخص وآخر أو مجموعة وأخرى،، فيجب على جميع من وجهت له الدعوة أن يشارك ويطرح ما لديه من أفكار ورؤى ووجهات نظر حول الوضع القائم وشكل المستقبل، بدون تحفظات والكل سيكون آذان صاغية. لكن اختلاق الأعذار وتسجيل المواقف المسبقة من قبل البعض يكشف الوضع الذي يعيشون فيه وحجم الاملاءات التي يخضعون لها من قبل الجهات التي يتبعونها سواء كانت محلية أو خارجية.

حينما عُقد الحوار الوطني اليمني في مارس 2013 في صنعاء هرولت عدد من المكونات والشخصيات الجنوبية للمشاركة دون أي شروط مسبقة بالرغم من الرفض الشعبي حينها، فما بالنا نرى اليوم هؤلاء الناس أو غيرهم يرفضون المشاركة في هذا اللقاء التشاوري الجنوبي الذي يؤسس لمعالم المستقبل المنشود.. ما هو السبب المقنع الذي يقابلون به أنصارهم من الجنوبيين؟!

الله سبحانه وتعالى بعظمته وعزته وجلاله تحاور مع إبليس (عليه اللعنه) حينما أبى واستكبر أن ينفذ الأمر الإلهي بالسجود لنبينا آدم عليه السلام. فكيف لانتحاور نحن بنو البشر لحل خلافاتنا بعيد عن الجدال والعناد والتحدي الذي قد يؤدي لأمور لا تُحمد عقباها، والشواهد في ذلك كثيرة.

فدعونا نتحاور في ما يعنينا، نتحاور لأن الحوار أول الطريق للتغيير، وأولى محطات التوقف والمساءلة، ذلك أننا كمجتمع بحاجة حقيقية لأن نتوقف قليلاً ونتساءل: إلى أين نمضي؟ إلى أين يذهب كل هذا الجري وهذا اللهاث؟ وهل نعي فعلاً النتائج المترتبة؟

علينا أن نتوقف قليلاً، فقد ركضنا طويلاً وتمزقنا كثيراً، وأضعنا في هذا الركض والتمزق الكثير من الثوابت، أضعنا الهوية والشعور بالانتماء، والإيمان بأهمية المشاركة والعمل الجماعي، وصار الناس في حمى اللهاث أسرى أنفسهم، كأنهم عايشين في جزر منفصلة محاطة بالفراغ ولاشيء غير الفراغ.

مقالات الكاتب