حرب غزة .. تداعيات الصمت على عالم مضطرب بالأزمات
منذ ثلاثة أسابيع تتعرض مدينة غزة في فلسطين المحتلة لأبشع جرائم الإبادة، وبوحشية مريعة يواصل الكيان الصهيوني حصد أرواح المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، وذلك في ظل صمت أممي مريب، وتخاذل مخزي وفاضح من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية.
سبعة وعشرون يوما مرت منذ أن بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية ضد مدينة غزة، تحت مبرر القضاء على حركة حماس، وفي الحقيقة أنها قضت على المدنيين الأبرياء، والإحصاءات تشير إلى سقوط قرابة ٩ الف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، ولم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية عن استهداف الأحياء السكنية والمشافي والمساجد والكنائس حتى اللحظة.
لقد كشفت حرب غزة إزدواجية في المعايير الإنسانية لدى المتشدقين بحقوق الإنسان، واثبت أن القانون الدولي الإنساني ليس سوى حبر على ورق، وبأننا نعيش في زمن الغاب، حيث يفترس القوي الضعيف بدون أي رحمة، فضلا عن الانتهاك الصارخ لما جاء في الأديان السماوية الثلاثة التي تحرم القتل والإجرام والوحشية، وتحث على السلام والرحمة والمحبة والتعايش.
وباستثناء دول قليلة من ضمنها الصين التزم المجتمع الدولي الصمت حيال ما يجري في غزة من عمليات إبادة جماعية، واستخدام سياسة الأرض المحروقة، عوضا عن الحصار وقطع الكهرباء والمياه والإتصالات، في ظل انهيار القطاع الصحي بشكل كامل، وما ارتبط به من انعدام للأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى.
إن ما يحدث في غزة اليوم جرائم حرب شنيعة تستدعي موقف عربي سريع وحازم، يبدأ بالضغط على إسرائيل وحلفائها الغربيين بالوقف الفوري للعمليات العسكرية، ورفع الحصار الجائر، وتسهيل مرور المساعدات الإغاثية والطبية والغذائية لأكثر من أثنين مليون نسمة يعيشون في غزة، والبدء في مشاورات سلام تضمن الحق الفلسطيني في بناء دولته المستقلة على حدود عام ١٩٦٧م وعاصمتها القدس الشرقية.
وإن التأخر في ذلك له تداعيات وخيمة على المنطقة والعالم، وسوف يتوسع الصراع ليشمل دول أخرى، ستزداد معها الكارثة الإنسانية، وسيدخل العالم في أتون حرب طويلة المدى تشبه تماما حرب أوكرانيا، وستكون الكلفة كبيرة على عالم يواجه تحديات كثيرة تتعلق بالاقتصاد والمناخ والبيئة، مما يؤدي إلى انهيار كامل للعالم برمته.