فساد عميق من هرم (الدولة)حتى قاعها السحيق
ما يحدث في منظومة الكهرباء من توقف لساعات طويلة و ما اعتراها من ضعف وتدمير وتهالك ليس سببه (شحة الوقود) كما يزعم جهابذة الكهرباء وداعميهم في الرئاسة و الحكومة والمجالس المحلية ، و مازالوا باستماتة يريدوننا أن نصدق تلك الأكذوبة القذرة و الخدعة التي لا تنطلي حتى على الجهلة فينا ..
بل إن افتعال منع الوقود الخام كان بالفعل السبب الحقيقي لتوقف القلب النابض بالحياة في عدن الحبيبة و الجنوب عامة ، ولكن ليس عن منظومة الكهرباء أعني ، بل عن مصافي عدن الاستراتيجية عن شعلتها عن وجعي ، فهي النواة الأولى والقشة التي قسمت ظهر البعير الجنوبي .
وأعتقد أن المواطن يعلم ذلك سيما و هو شاهد حي على موته البطيئ ، وجريح ينزف دمه كل يوم دون توقف ، مما يراه من باطل وما يتعرض له من قهر ، لذا لا يستطيع المسؤول الفاشل أن يغطي فشله أو يرمي عجزه على غيره ، و لا إدارته المتخمة بالفوضى ، قادرة على مواجهة الحقيقة بصدق و شجاعة .
إذ لم يشهد العالم مسخرة كالتي تحدث في وطننا ، هذا إن بقي لمفهوم الوطن في ظل وضعنا المخزي ما يجعلنا ندعوه (وطن) .
ففي كل بلاد العالم قاطبة ، هل سمعتم أن دولة ما بتاريخها و عراقتها التي تمتد لقرون مضت وحكومات تعاقبت عليها منذ عقود طويلة على حكمها ، برئاستها وحكومة بوزرائها و محافظيها و مدراء عمومها وهيلمانها و جيوشها ، فإذا بها دون خجل و لا استحياء تعلن عجزها حد قولها في توفير الوقود لمحطات الكهرباء !!
فما دوركم إذن إن لم تكونوا قادرين على القيام بإبسط مهامكم و واجباتكم تجاه شعبكم ، ولماذا لازلتم متمسكين بمناصبكم وأنتم عالة على شعبكم ؛ وليس هذا و حسب ، بل بلغ بهم السفه والانحطاط ، لتطلب (الدولة ) من مواطنين لم يمر عليهم سوى بضع سنوات قليلة فأصبحوا تجاراً لتترجاهم سترة عورتها و لإسعافها بشحنات من الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء !!
أي استخفاف هذا بعقول الشعب ، و أي عاقل ممكن أن يقبل بتفاهاتهم وألاعيبهم الصبيانية !!
أيعقل أن أولئك النفر من ( التجار ) أقوى من (الدولة) وهم الذين أفرزتهم منظومة فساد منظم متجذر من هرم الدولة وحتى قاعها السحيق ؟
فمن الذي يدير الموانئ والمنافذ البحرية و البرية و الجوية ، من الذي أذن بالسماح لتلك السفن المؤجرة لأولئك التجار لتقوم بالدخول محملة بالوقود و السلع الأخرى من مواد غذائية و غيرها ، و من أين لبعض تجار الوقود و السلع الأخرى سفن مملوكة و (الدولة) معدمة بل كيف بالدولة أن تفرط بالسفن المملوكة للشعب لتهكلها و تبيعها بثمن بخس كـ خردة !!
ومن الذي منح أولئك النفر من التجار التصاريح الخاصة لِيُعطَوا ماليس بحق لهم في ممارسة عمل مؤسسات الدولة ، و من الذي يفرض عليهم الشروط والرسوم الجمركية والضريبية ، و الإتاوات الباهضة التي يفرضها عليهم قطاع الطرق في البر والبحر ، ليضيف الفجار كل تلك الأعباء بلا رحمة ولا شفقة على ظهر المواطنين أضعاف الأسعار ، و من الذي أفرغ مضمون الدولة لتصبح أداة و تابع لمن أصبحوا فوق الدولة ، ومن الذي أذل هيبة الدولة وأضعفها ليفرض التجار أسعارهم رغم أنف الشعب الذي لم يجد اللقمة ،أليس كل ذلك قام به (أشباه رجال الدولة)؟
و بسبب من أضحت مؤسسات الدولة جميعها دون استثناء منزوعة السيادة ، خاوية على عروشها ، لا قيمة لها، و لماذا أصبحت القوانين الرسمية والأحكام الشرعية واللوائح والقرارات الصادرة مجرد كتب ومواد للمطالعة لا لإقامة و إرساء الأمن والعدالة ، وكيف تلاشت قوات الأمن بمختلف قطاعاتها و مسمياتها ولم تعد تلك القوة المهابة التي كان الكل يحترمها لقيامها بتنفيذ مهامها وفق معايير قانونية على الجميع ، مما ألزم الكل بالسمع والطاعة ، كل هذا حين كنا (دولة) واليوم بفضل اغتصاب حفنة فاسدة و قطيع من الماشية لمقاليد الأمور أصبحت القوات الأمنية والعسكرية والمحاكم و النيابات مسلطة على المواطن الفقير البسيط بدل أن تكون عينه الساهرة و ملاذه الحانية ، و للحق ناصرة ، وللظلم قاهرة ، فمالذي حصل ، صار اليوم المتنفذ و الفاسد يملك قوة أمنية و عسكرية أكثر عدداً و مدججة بسلاح لا تملكه قوات (الدولة) ، بل هو الحاكم والقاضي بأمر ( الدولة) فسحقاً لكم يا من ضيعتم معنى الدولة .
إن مشكلة الكهرباء ليست إلا مثالاً بسيطاً لمشاكل كثيرة ومتنوعة ، وجانب من جوانب الفساد المتعددة و المتغللة في جسد لوبي فساد ( الدولة) الذي لم يكفهِ ما نهبه من ثروات وأموال وما حل من عبث حقير بكافة مؤسسات (الدولة) بكل قطاعاتها و وحداتها من تدمير ممنهج و سلب منظم و بضمير معدم خربوا مقدرات البلاد والعباد ، وبالرغم من كل ما اقترفته أيديهم الآثمة ، لم يسلم منهم حتى ملف الخدمات ليضموه ضمن خارطة مصالحهم ولو على حساب حياة الشعب !!
ولارتباط الكهرباء وكذا الماء بمعيشة الناس ولكونها أبسط مقومات الحياة للمواطن المكلوم والمحروم كلياً من كل حقوقه الآدمية ، استكثر الأوغاد على الشعب أن يبقى له بصيص نور أوقطرة ماء تعينه على البقاء في ظل حياة معدمة ، فإذا بهم بكل بجاحة و لؤم و وقاحة ، يتاجرون في معاناة الشعب ويرقصون على آلامه
غير آبهين بالمريض أو من هلك منهم ، أكان طفل أو شيخ أو امرأة .
قمة الدناءة حين يتفنن في تعذيبك من يريد بعد ذلك صوتك أن تمنحه له!!
إذهبوا غير مأسوف عليكم ، وأخرجوا من حياتنا بلا رجعة ، ولكم الويل في الدنيا والآخرة .
إن ما نعانيه يا سادة ليس أزمة وقود أو كهرباء أو مياه أو تعليم وصحة ، بل هي أزمة أخلاق و فشل ذريع مخزٍ في قيادة الدفة ( أزمة إدارة )
لذا أدعوكم أيها الشعب للتحقيق مع كل مسئول في الرئاسة و الحكومة والمحافظة ومسئولي مؤسسات (الدولة) وسلامي للسلطة القضائية وللبرلمان والشورى وأجهزتنا الرقابية ..
واسألوا إن شئتم لوبي فساد الكهرياء وقولوا لهم ، إن كان معلوم لديكم يا مسؤولي وزارة و مؤسسة الكهرباء كم هي القدرة الإنتاجية لكل محطات الكهرباء و كم إجمالي القدرة التشغيلية التي تحتاجها كل محافظة ، ويا وزارة الصحة والسكان و الإسكان و المجالس المحلية طالما و لديكم إحصاء بالسكان. والمساكن و تخطيط دقيق لكل ما يحيط بالسكان من شجر و حجر و من فلل ومصانع ومتاجر ومدارس وجامعات ومستشفيات و........... ، وطالما وكل تلك المعلومات والبيانات لديكم ، إذن فأنتم تدركون عدم القدرة على استيعاب أي مشروع بناء جديد مقارنة مع القدرة التشغيلية الحالية في توليد الكهرباء ، فلماذا تتعمد مؤسسات الدولة ذات الإختصاص السماح باستحداث الكثير من الفنادق و البنوك والمصانع والمولات و الفلل والقصور ومحلات الصرافة والعمارات الشاهقة و الهناجر العملاقة والورش وغيرها ، وليس لديها ما يغطي أحمال تلك المشاريع من ماء و كهرباء وغيرها من خدمات ، وبدل أن يقوم الهوامير بالاستفادة من الأموال الطائلة التي يقومون بأخذها من التجار لمدهم بخطوط شبكات الكهرباء والماء على حساب المواطنين ، أليس الأولى إن كانت لدينا دولة و إدارة حقيقية أن تقوم بأموال التجار ببناء محطات كهرباء تجارية قادرة على استيعاب كل تلك الأحمال الكبيرة الخاصة بتلك الفئة VIP .
ثم ألا ينبغي كما في كل دول العالم أن يكون لدينا طاقة كهربائية احتياطية ، لكن رجاجيل الدولة أثبوا أنهم مخربين مفسدين مرتزقة منحطين ، وبالتالي سيكون العجز و الأعطال بسبب الاحمال الكهربائية الزائدة أمر طبيعي لانطفاءاتها المتكررة ، نظرا لعدم قدرة محطات الكهرباء ومولداتها على تشغيل جهد أكبر من قدرتها بأكثر من عشر أضعافها .
إذن الإدارة الفاشلة والفاسدة هي سبب ما نحن فيه من هلاك و أزمات و هي من قدمت مصالحها في كسب الرشوات والعمولات على مصالح البلاد والعباد وخراب ما للعامة والخاصة من ممتلكات ، و بل و تسببت انطفاء الكهرباء في موت الكثير من المواطنين المسنين و الصغار والكبار والأمراض ، وهتكت ستر الكثير من الأسر الفقيرة وكشفت عن حالها بعد أن كانت مدفونة في جحرها لا احد يعلم بحالها الا الله سبحانه ، وازدات المشاكل الأسرية والاجتماعية بسبب ازدياد ساعات الانطفاء التي أدت إلى الانفعالات والضيق والهستريا والعصبية ، وفقدان السوائل وارتفاع الضغط ، و خراب البيوت وطلاق الأزواج إذ جعل ربات البيوت يطلبن من أزواجهن الذين بالكاد يوفرون ثمن اللقمة التي أبسطها رغيف الخبز لم يسلم من شركم ، بأن يشتروا بطاريات أو ألواح وغيرها من منظومة الكهرباء لشدة صراخ الاطفال و أنين الأمراض التي تُسمع في جوف الليل الهادئ الحار شديد الرطوبة و وقت الظهيرة والشمس في أوج وهجها وقوتها ، هل انتزعت من قلوبكم الرحمة يا من نصبتم أنفسكم حكاماً على العباد و فرطتم في الأمانة التي على عاتقكم ، من أي خلقة أنتم و اي إنسانية أو ضمير لديكم ، لكن حسبنا الله ، سيرينا فيكم جميعاً أبشع صور العذاب في الدنيا قبل الآخرة عاجلاً غير آجل ، فظلمكم فاق ظلم الكافرين و إدارتكم الفاشلة أثبت أنكم لصوص ساقطين ، فضح الله أمركم و شعاراتكم الكاذبة ، وكُشِفَت للمخدوعين الوطنيين بحق عن وطنيتكم الزائفة .
أما تستحون قبحكم الله ، أما تخجلون من أنفسكم أيها المسئولين قاتلكم الله ، أما تخافون الله الذي يمهل ولا يهمل أمثالكم من المجرمين ، ماذا بعد كل هذا العذاب الذي أوصلتمونا إليه ،
مالذي تريدونه يا ثعال الدولة من شعب ترك لكم الحبل على الغارب تسرقون و تعربدون كيفما تشاؤون ، ولم يطلب منكم سوى أن تمنحوه من ماله حق بسيط يتمثل في تأمين استقرار الخدمات ، أم أنكم تستكثرونه عليه ذلك .
فعن اي دولة توعدوننا بها وأنتم من تآمر عليها ، أنتم من نزعها من قلوبنا ، وانتم من قبحها في أعيننا ، فدولتنا التي ننشدها لا تتشرف بكم ، و إن كنتم تظنون أنكم رجال دولة وسُتُفرضُونَ علينا بالقوة سلطتكم ، فبطن الأرض خير لنا من ظهرها وفيها أمثالكم ، ولعنة الله عليكم و على حكمكم وشعب سَلَّم أمره لكم.