لجنة معالجة المُبعدين.. «رصاصة فوضى» وسط الأفراح
قيل إن «الفرص عادةً ما تختبئ خلف العمل الشاق».. ما حدث اليوم من احتجاجات بخورمكسر وللأسبوع الثاني لمتقاعدين تجمهروا أمام مقر لجنة معالجة قضايا المُبعدين في محافظات الجنوب، يأتي غداة صدمة تلقاها أولئك المحتجون بعد صرف التسويات المالية للمُبعدين بموجب قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي باستثنائهم.
فالمتأمل لواقع تلك التسويات يجد نفسه مُرغمًا على تتبع مسار عمل اللجنة المشكلة بالقرار الرئاسي رقم (2) لعام 2013م برئاسة فضيلة القاضي سهل حمزة، والتي عملت بجهدٍ مُضنٍ على مدى 12 عامًا وهي فترة غير عادية بالنسبة لعمل لجنة غالبًا ما تتصف أعمالها بالتأقيت، وكما هو معلوم فجحد أي عمل لا يتطلب سوى اتهامه بالتقصير، وموجة الغضب التي عبّر عنها المتجمهرون أمام مقر اللجنة وتمثلت بقطع الطريق وإحراق الإطارات هي إجحاف ونسف لجهود اللجنة، وضربًا لما أنجزته طوال تلك السنين.
والحقيقة التي نسعى لقولها هنا هي أن غالب من تجمهروا هم إما أشخاص تهاونوا عن تقديم تظلماتهم منذ 12 عامًا، في حين لم يتوانَ أقرانهم عن المبادرة لتقديم ملفاتهم من باب "العمل بالأسباب وبذل المُمكن" – رُغم الإحباط - وحقيقةً لا نلومهم بل تقاعسهم عن المُبادرة لطرق باب اللجنة طوال تلك الفترة يأتي تعبيرًا عن حالة «اللا يقين» التي ساورت هذا الشعب المكلوم طوال حياته.
كما أن غالبيتهم يحمل مظالم من حرب 86م وآخرين ما بعد 2014م، ناهيك عمّن جاء من خارج محافظات الجنوب، وهي مظالم حقيقية لا شك، ولكن ذلك يخرج عن صلاحيات لجنة المعالجة، فالمادة (2) من نص القرار الرئاسي حصرت صلاحيات اللجنة بمعالجة آثار المدنيين والعسكرين منذ 90م وحتى 2013م، وفي إطار محافظات الجنوب فقط.. وقد أرشدت اللجنة لمن له الحق أن يتوجه نحو مجلس القيادة الرئاسي لاستصدار قرار آخر يشمل باقي المظالم التي لم يشملها القرار.. وما أكثرها في هذه البلاد !
ختامًا.. عملية صرف المستحقات المالية للمُبعدين هي بشارة حقيقية وبادرة حسنة - وإن لم تكن التعويضات بحجم الضرر ولا يلم جراحها شيء ونحن هنا لا نمتدح قرار الدكتور العليمي ولا نطلب مِنة من أحد، فهذه حقوق انتقلت إلى رقبة الرجل ساعة توليه رئاسة مجلس القيادة.. فتنظيم الاحتجاجات ما هو إلا محاولة لتعكير البشارة وإطلاق رصاص الفوضى وسط الأفراح.. فهل من المنطقي أن نطالب اللجنة اليوم بحلحلة كل مشاكل البلد!؟