سنكون شعبًا حين نرفض ما تقول لنا القبيلة
في حضرموت فقط... التاريخ لا يرحم أحدًا، فلا تكذبوا على أنفسكم. أنتم لا تريدون دولة ولا نظامًا ولا قانونًا، بل ترغبون في أن تكونوا أتباعًا فقط، محكومين من غيركم، بينما يدير شؤونكم رجال من خارج الحدود. لقد جسدت كل الحقب الزمنية إهانات متتابعة لهذه الدعاوى القبلية الهابطة في حضرموت تحديدًا. فكل البيانات والتجمعات والتحالفات الكاذبة التي تقودها القبيلة، والمطالب المغلفة بالحق، ترمز إلى خلافات قديمة. هذه العنتريات الكاذبة لم تكن وليدة اليوم، والدليل أنها قبائل لا تحكم أحدًا، حتى نفسها.
ليس لهذه القبائل أي شأن بالحكم، بل كانت تابعة على مدى قرون، والدليل على ذلك قريب، ويعرفه الكثيرون حتى لو لم يدرسوا تاريخ حضرموت. حكمت سلطنة الكثيري ما يقارب ستمائة عام، ومن هو؟ حميري. وكذلك القعيطي ما يقارب نصف تلك الفترة، ومن هو؟ حميري. واليوم، من حق الجميع أن يكونوا مواطنين دون أن ينازعهم أحد في هذا الحق.
أما المنطقة الأولى وترسانتها المرابطة بين ظهرانيكم، والتي هي حميرية بامتياز، فهي... احتلال. من أين أتوا؟ وكيف؟ بل إن هؤلاء دون غيرهم هم من يحرك الدفة ويقودكم على غير هدى لاستعادة مجد لهم يعتبر ماضٍ بائس قد أكل عليه الدهر وشرب. وإن ظهر لكم بأساليب محدثة تحت مبرر المواطنة التي لا يختلف عليها أحد اليوم، فهم قد أصبحوا حضارم ومواطنين، لكن بعيدًا عن التسلط والسلطنة والهيمنة وادعاء ما ليس لهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أين كنتم يا قبائل حضرموت جميعًا، بلا استثناء، التي تقول كلمتها اليوم وتصول وتجول من أجل بقاء محتل مثل غيره ممن سبقوه، بلا استثناء؟
أنتم لا تقبلون بحكم ديمقراطي عصري يتناسب مع تطورات العالم المتحضر، بل تريدون الدون دائمًا وأبدًا، والمهم هو الشيخ فلان والمقدم علان، والمناصب التي لا تخدم أي واقع اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي، بل هي ألقاب هشة تخدم نفسها فقط، وتحافظ على بقاء الجهل والتخلف والمرض والتبعية المفرطة، وتبث روح الفتن بين مختلف أطياف النسيج الاجتماعي الحضرمي.
لم أسمع بدكتور أو مهندس أو سياسي مختص أو قائد متعلم أو جامعة أو معهد أو حتى إمام مسجد. الجهل يسود. يا رجال، عودوا إلى رشدكم وانبذوا هذه الرموز المريضة التي لن تجلب لكم إلا أن تعيشوا أتباعًا، أشبه بالقطعان، بلا قانون ولا دستور ولا أي عرف ينتمي للإنسانية المتحضرة.
والسلام على من اتبع الهدى.