إلى متى ندفن رؤوسنا في الرمال؟

منبر عدن - خاص

على مدى سنوات طويلة، أصبحنا نعيش في ظل صمت مطبق «عربي» بالمقام الأول وعالمي بالمقام الآخر تجاه الجرائم التي ترتكبها قوات الاحـ.ـتـ.ـلال الإسـ.ـرائيلـ.ـي في قطاع غـ.ـزة.

هذا الصمت الذي لا يُطاق لا يمكننا حياله إلا أن نتساءل: هل أصبحت دماء الأبرياء في غـ.ـزة أرخص من «راتب» موظف حكومي؟ اليوم، في وقت تتفجر فيه الاحتجاجات والثورات حول العالم بسبب انقطاع المرتبات أو تدهور الأوضاع الاقتصادية، يثور السؤال الأهم: لماذا لا يرى العالم الجرائـ.ـم التي تُرتكب بحق أهل غـ.ـزة كما يرى مسألة قطع المرتبات؟ لماذا لم يثُر الشارع العربي في وجه الأنظمة الحاكمة تضامناً مع إخواننا في غـ.ـزة كما يثور عند استياء الأوضاع الاقتصادية؟ الأجوبة كثيرة، لكنها تظل كلها مؤلمة وتكشف عورات واقعنا وضميرنا.. لكن في الوقت نفسه، التضامن "الشعبي" الرهيب في شتى أصقاع الأرض كشف جليًا أن الحكومات أصبحت أدوات بيد الغرب والساسة تحرّكها المصالح وتُلجمها الصمت.

السكوت عن جرائم الاحـ.ـتلال ليس فقط بحد ذاته جريمــ.ـة، بل هو مساهمة في استمرار معاناة الشعوب العربية والإسلامية، فحين تتحول المذبحـ.ـة إلى مشهد عادي، يصبح صمتنا شريكًا في تلك المذبحـ.ـة.. ومن هنا، علينا أن ندرك أنه في كل لحظة نغض فيها الطرف عن هذه الانتهاكات، نكون سببًا في زيادة تلألئ السيوف فوق رؤوس أولئك المستضعفين في غـ.ـزة.. وهنا علينا أن نسأل أنفسنا: سيُسأل كل منا يوم القيامة عن ما فعله وما لم يفعله لنصرة هؤلاء المساكين !؟


الاستمرار بالصمت بهذه الطريقة يُخرجنا من تصنيفنا كـ"بشر" إلى الـ****، ونحن ننظر لإخوتنا يُذبـ.ـحـ.ـون كل يوم بهذه البشاعة، فالمسؤولية اليوم لا تسقط بعبارات "التنديد الفارغة" ! فوقوف المسلم مع أخيه ليس مجرد "شعارات" بل قضية يجب أن تحمل همها كل الأمة العربية.

ما زلنا اليوم نرفع أيدينا بالدعاء بهلاك إسـ.ـرائيـ.ـل، ولكن التاريخ يعطينا درسًا قاسيًا "أن الفعل هو الفيصل وليس الدعاء وحده أو التنديد".. فالسيف أصدق أنباءً من "التنديد" !.

أخيرًا.. من يقرأ التاريخ يدرك جيدًا أن أسلافنا خاضوا ملاحم بطولية ضد أعداء الإسلام، ورفعوا رايات الحق بكل فخر واعتزاز، وأجيال اليوم يعيشون زمناً مختلفاً لا شك، لكن لا يمكننا أن ندفن رؤوسنا في الرمال "وأنا أكتب لكم من بين الرمال".. فقد وصلنا إلى مرحلة من "اللامبالاة" جعلتنا مجرد متفرجين على مذبحـ.ـة إنسانية سيخلّدها التاريخ ويلعننا.. !

مقالات الكاتب