رحلت، وسيبقى مابذرته في صدور الجُند .. في رحيل العقيد الركن محمد صالح حسين

منبر عدن - خاص

لست أدري من أين أبدأ، فخطب الرحيل قد أثقل الصدر، وهول الفاجعة قد شتت اللب، وليس أي رحيل رحيلك قائدنا الركن الفذ، فحق لمن يرثيك، أو يستل قلمه محاولاً الكتابة عنك، أن يسميه الرحيل الصعب، وأن لا يدركه الإلهام ولا تسعفه الكلمات أن يفيك حقك في الكتابة.

 

لم تصدق الحواس وكأنها لا تريد سماع نباء رحيلك الفاجع، لكنها متقبلة قضاء قاهر عباده بالموت وهو الحي الذي لا يموت سبحانه وتعالى، فبين مسامع أفزعها الخطب، وذهن شتته النباء أمطرت العيون حسرة فراغ الأب الروحي للواء الخامس دعم وإسناد ان لم نقل لمؤسستنا العسكرية الجنوبية أجمع،، كيف لا ونحن نقف نودع كادراً عسكرياً من خيرة أبناء الجنوب، واحداً من الهامات العسكرية والأكاديمية الفذة،، وخير متخصصي في سلاح الدروع وممن حازوا شرف الامتياز التدريبي من أرقى الكليات العسكرية في فترة تحصيله العلمي العسكري وقائداً صلباً في صفوف جيشنا الجنوبي من أول مشواره العسكري الحافل بالإنجازات العسكرية كأركان حرب لكتيبة الدبابات ثم قائداً لها في لواء ملهم، متدرجاً فذ مناصبة القيادية في سلاح الدروع الجنوبي إلى إن عزلت الوحدة اليمنية أبرز القيادات العسكرية الجنوبية نكالاً وتهميشاً، إلاأنه لم يستكين فهب قائداً مقاتلاً وبقوة في حرب 1994 م، التي لم يكتب لنا فيها النصر فاقصي وأحيل للتقاعد القسري كغيره من كوادر القادات العسكرية الجنوبية، فقبل وعلى مضض في كفاح الحياة المدنية بغية إعالة أسرته، وعلى أمل أن ساعة لملمة الشتات آتية لامحالة. 

وعند انطلاق الثورة الجنوبية مطلع العام 2007 م أبى إلا أن يكون أحد كوادرها، فكان أبرزهم في سلميتها، وقائد صلب في مرحلتها العسكرية، فانظم لأفراد المقاومة الجنوبية في ردفان بقيادة قائد المقاومة الجنوبية ردفان آنذاك الثائر مختار النوبي، واستمر قائداً ومدرباً طيلتها، إلى أن توجت بالمواجهات الفعلية مع مليشيات الغزو الحوثية الشمالية في حرب 2015 م، فاسقاهم من فوهات مدفعية الدبابات دروساً قاسية في جبهات بلة العند الى ان كتب الله النصر للجنوب، وإعادة تشكيل القوات المسلحة الجنوبية وأحزمتها الأمنية، من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، عين ليكون أركان حرب للواء الخامس دعم واسناد، وحمل على عاتقه تأسيس وتنظيم اللواء منذ بداية تأسيسه، وشارك وبقوة في مختلف المواجهات العسكرية التي خاضها اللواء الخامس، في كرش، وأبين وغيرها،

 

تركنا ورحل العقيد الركن محمد صالح حسين ولكنه بوفائه الوطني وعسكريته المعطاة لم يبخل فقد نقل خبراته كقايد سلاح مدرعات جيش جنوبي قضى حياته بالسلك العسكري منذ السبعينات بعد تخرجه من إحدى الكليات العسكرية السوفيتية المختصة بسلاح الدروع، ومن الأوائل أصحاب الامتياز في مجاله، بل ونقل خبرات مدرب بمدرسة سلاح المدرعات بصلاح الدين، وكمسؤول فرع التدريب الناري فوج الدروع وكقائد الكتائب القتالية للدبابات T62 و T55… لقد ترك إرث عسكري وخبرات لمن حازهم الشرف بالتدرب تحت قيادته من جنودنا الأبطال.

 

كما أسلفت، لن تسعني الكلمات إن أوفي مقام الراحل الجسور قائدنا رحمه الله، وإن أوجزت بعض من سيرته العسكرية وعطائه الوافر للجيش والوطن، فلن أستطيع إيجاز مناقب وسجايا القائد الانسان، فقد ملك العقيد الركن محمد صالح حسين رحمه الله اخلاق عالية واحترام قل ان تجد له مثيل فعامل الجند بأخوية صادقة وتواضع جم، أحبه الجميع واعتبروه غدوة في الجانبين العسكري والإنساني.

 

رحم الله قائدنا العسكري البطل وأسأل الله يكرم نزله ويسكنه في أعالي جنانه الخالدات، وخالص عزائنا بعد عزائنا لأنفسنا، لكل أولاده وأهله وذويه، وخالص العزاء لقائد لوائنا الخامس الدعم والإسناد العميد مختار النوبي وكل منتسبي اللواء وزملاء الفقيد الراحل، الهم الجميع الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.