الدكتور عيدروس النقيب ينعي رحيل الأديب والشاعر عبدالعزيز المقالح باستذكار بعض من سيرته

منبر عدن - خاص

لروحك السلام والرحمة 

أيها الحافر في جدران الظلام

 

كان صباحاً حزيناً حينما تلقيت عبر الصديق النائب شوقي عبد السلام شمسان نبأ وفاة آخر عمالقة الأدب والشعر والنقد والثقافة المدنية والسلام د. عبد العزيز المقالح الرئيس السابق لجامعة صنعاء ورئس مركز الدراسات والبحوث الثقافية لأكثر من ثلاثة عقود.

المقالح وجامعة صنعاء ومركز الدراسات توائم ثلاثة لا يذكر أحدها حتى يقفز الآخران إلى الذاكرة.

في مطلع عطائه الشعري كتب المقالح قصيدته القصيرة " الصمت عار" التي طارت شهرتها في كل ارجاء الوطن العربي ويقول فيها:

⚘️⚘️⚘️⚘️⚘️

الصمتُ عار

الخوفُ عار

منّ نحنُ؟

عشَّاقُ النهار

نبكي نحبُّ نخاصمُ الأشباحَ

نحيى في انتظار

إن أجدبت سحبُ الخريفٍ

وفات في الصيف القطار

سحبُ الربيع ربيعَنا

حبلى بامطارٍ كثار

ولنا مع الجدبِ العقيمَ

 محاولات وانكسار

سنظل نحفر في الجدار

إما فتحنا تغرةً للنورِ

أو متنا على وجه الجدار

وغدا يكون الانتصارُ

غداً يكون الانتصارْ.

منذ نحو عقد ونيف تعرض الدكتور العزيز لحالة من الحزن والسخط والانكسارات النفسية وخصوصا بعد استفحال حالة الطغيان والفساد وبالذات بعد الانقلاب البغيض في العام ٢٠١٤م وتنامي النزعة السلالية العنصرية التي طالما مقتها أيما مقت.

وجاءت وفاة زوجته ورفيقة عمره منذ نحو العامين لتضاعف حالة الحزن لديه وتبلغ ذروتها

فيما يلي آخر نص كتبه الشاعر الكبير بعنوان

أنا هالكٌ حتماً

___________

أنا هالكٌ حتماً 

فما الداعي إلى تأجيل موتي

جسدي يشيخُ

ومثله لغتي وصوتي

ذهبَ الذين أحبهم 

وفقدتُ أسئلتي ووقتي

أنا سائرٌ وسط القبورِ

أفرُّ من صمتي 

لصمتي

أبكي 

فتضحكُ من بكائي 

دورُ العبادةِ والملاهي والقصور

وأمّدُ كفي للسماء

تقولُ: رفقاً يا إلهي 

الخلقُ – كل الخلق –

من بشرٍ ، ومن طيـرٍ

ومن شجرٍ

تكاثر حزنْهم

واليأسُ يأخذهم – صباحَ مساءَ –

من آهٍ ..لآه

حاولتُ ألاَّ أرتدي

يأسي 

وأبدو مطمئناً

بين أعدائي وصحبي

لكنني لما رحلتُ

إلى دواخلهم

عرفتُ بأنهم مثلي 

وأن اليأس ينهشُ 

كل قلبِ .

أعلنتُ يأسي للجميع

وقلتُ إني لن أُخبـي

هذا زمانٌ للتعاسة

والكآبة

لم يترك الشيطانُ فيهِ

مساحةً للضوء

أو وقتاً لتذكار المحبةِ

والصبابة

أيامهُ مغبرّةُ 

وسماؤُه مغبرّةُ

ورياحه السوداء 

تعصف بالرؤوس العاليات 

وتزدري التاريخ 

تهزأُ بالكتابة

أنا ليس لي وطنٌ 

أفاخر باسمهِ 

وأقول حين أراه:

فليحيا الوطن

وطني هو الكلماتُ 

والذكرى 

وبعضٌ من مرارات الشجنْ

باعوه للمستثمرين وللصوص 

وللحروبِ 

ومشت على أشلائهِ

زمرُ المناصب والمذاهب 

والفتن

صنعاء …

يابيتاً قديماً 

ساكناً في الروح 

يا تاريخنا المجروح

والمرسوم في وجه النوافذ 

والحجارة 

أخشى عليك من القريب

ودونما سببٍ

أخاف عليك منكِ 

ومن صراعات الإمارة

=============

ابتهل إلى الله العلي القدير ان يرحم شاعرنا الكبير ويغفر له ويتوب عليه ويسكنه فسيح جناته.

والعزاء لنا جميعا نحن محبيه وتلاميذ مدرسته الشعرية ولأهله وذويه ورفاقه ومرؤوسيه وكل محبيه

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

د. عيدروس نصر ناصر