عَبِد وعبداللاه ومُحُمَّد

منبر عدن - خاص

ثلاثة أسماء يافعية أصيلة تواجهها إشكالات، ولا يفهمهما أكثر الناس وذلك لأن الخط العربي لا يسجل إلا السواكن، ولا يسجل الحركات باعتبارها أصوات أساسية وإنما باعتبارها لواحق، وهذه في الواقع أبرز مشكلات الخط العربي:

مُحُمَّد:
بضم الميم الأولى والحاء، أغلب الناس يقرأونه محَمَّد بفتح الحاء، على اسم النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه في يافع قبل الثورة نادرا ما تجد واحدا اسمه محَمد بالفتح، وكل ما كان (م ح م د) فهو بالضم، وهو الأصل في قراءة الوثائق القديمة.

والواقع أن هذا الاسم ليس يافعيا بحتا، بل هو اسم منتشر في هضبة اليمن، ومن أبرز الأدلة لى ذلك أن علامة اليمن ومجدد الدين في القرن الثالث عشر الهجري اسمه مُحُمد بن علي الشوكاني، بالضم وليس محمد بالفتح كما يقرأه الناس في كل مكان، ذكر ذلك من يعرف سيرته التفصيلية، ومنهم العلامتان محمد بن إسماعيل العمراني والقاضي الأكوع صاحب كتاب هِجَر العلم في اليمن.

ولا إشكال كبير في تغيير القراءة عند من يحمل هذا الاسم، اللهم حينما يكون أَخَوان أحدهما اسمه مَحَمد والآخر اسمه مُحُمد، فقد يواجهان بعض الإشكالات الإدارية، وبالمناسبة فقد كان للعلامة مُحُمد بن علي الشوكاني أخ اسمه محمد بالفتح.
***
عبداللاه:
في يافع وفي مناطق أخرى أيضا يعد هذا الاسم مغايرا لاسم عبدالله، وهما في الحقيقة نفس المعنى، وهو التعبيد لله. 
المعروف في الفصحى أن ترقيق اللام وتفخيمه يكون باعتبار حركة الدال، ففي حالة الرفع والفتح  يفخمون اللام وفي حالة الكسر يرققونها نطقا، ولكن في الخط يبقى (عبدالله) سواء رُقِّقت اللام أو فُخمت ويبقى النطقان اسما لشخص واحد.

 هذا الفرق في نطق فتحة اللام مرققة أو مفخمة في يافع لم يعكس نفسه على اسم (عبداللاه) بل على اسم (عبدالله) أيضا، فإنهم إذا فخّموا فتحة اللام غيروا الدال المرققة إلى مفخهما وهو الطاء، فيقولون (عبطَلله)، ويقولون ايضا (عبطرحمن) بسبب الفتحة المفخمة بعد الراء.

أظن أنه لا إشكال في اسم (عبداللاه)  إلا إذا كُتب بالتاء المربوطة (عبداللاة) فإن اللات صنم من أصنام الجاهلية، وذكر لي أحد الأخوة ممن يهتمون بهذا الاسم أن معلما عراقيا كان يدرسهم في الثانوية ، وفي الكشف اسم عبداللاه، مكتوب عنده في الكشف بالتاء المربوطة، فقال هذا المعلم: (شو هذا، انتو لا زال عندكم ناس مشركين يعبدون اللات؟!😅) ولهذا فليحذر من كتابة الهاء آخر هذا الاسم تاء مربوطة.
***

عَبِد:
بكسر الباء، وأما العين ففي كلد وما جاورها من ردفان ووادي بنا فإنهم يكسرونها على طريقتنا في كسر الحرف الأول من الكلمات نحو بِر ورِز وبِن ... فينطقونه (عِبِد)، وأما من السعدي وطالع فإنهم يفتحون العين (عَبِد) وهي أفصح وأحسن.

والحق أن هذا الاسم ليس يافعيا بحتا بل هو اسم معروف في ردفان وأبين وشبوة وحضرموت، واسم معروف في بعض نواحي العراق.
وهو اسم جميل مشتق من العبادة، فهو أبلغ من (عابد) لأن عابد على وزن اسم الفاعل، بينما (عَبِد) على صيغة المبالغة، مثل (حَذِر) التي هي أبلغ من (حاذر)، ومن شواهدها قول الشاعر: 
حَذِرٌ أمورا لا تضير وآمن*** ما ليس منجيه من الأقدار.
وهي أبلغ من (عُبيد) بلا شك، وأفضل من (عبده) بلا ريب.

لكن من يحملون هذا الاسم تواجههم إشكالات، واسألوا اي واحد اسمه أو اسم أبيه أو جده (عَبِد) تجدهم  أحايين كثيرة  يغيرون الاسم من أجل الناس، لأن الناس لا يقرأونه صحيحا، بل يقرأونه مشكلا، وفي بعض البلدان يعترضون عليه وخاصة لو كان اسم الأب علي أو حسين، فإن الحكم عليك أنك شيعي لا شك فيه، وحتى في غير حسين وعلي يبقى الاعتراض قائما عندهم، وكثيرا ما يحصل أن من يكتب الوثائق يغيرون هذا الاسم أحيانا بالاتفاق مع صاحبه وأحيانا من تلقاء أنفسهم، إلى عبيد أو عابد أو عبدربه أو عبده، وأجزم باعتباري ممن يحملون هذا الاسم أن هذا التغيير لا يعجب صاحب الاسم ولا يحبه ولا يرضاه، وإن قبله فإنما يقبله على مضض إرضاء للناس، وأعرف الكثير منهم باعتبار اهتمامي بالظاهرة.

عندي مقترح ليس حلا نهائيا ولكنه يبين المراد ويخفف الإشكال، فمن كان يعرف هذا الاسم سينطقه صحيحا، ومن كان لا يعرفه يدرك أن للاسم خصوصية.

هذا المقترح استفدته من المغاربة، فإني رأيتهم يكتبون(بنعمر بنعمارة بنعلي...إلخ وخاصة في اسم الجد) وبناء عليه يمكن أن يكتب الاسم هكذا (بنعبد) وخاصة في الإعلام ووسائل التواصل.

وبالمناسبة هناك كتابة عالمية دقيقة هي الكتابة الصوتية العالمية تضمن نطق الاسم صحيحا، ولكن الأمم لا ترضى أن تغير خطها مع أن العالم قد صار كأنه قرية واحدة، ومع أن كل خطوط اللغات فيها إشكالات، والعجيب أنهم ارتضوا اللغة الإنجليزية مع أن مشاكل خطها واضحة للعيان.
✍️: د. عارف بنعبد الكلدي